( قوله وإن شهد رجلان عليه أو عليها بنكاح بقدر مهر مثلها ورجعا لم يضمنا ) لأنهما أتلفا شيئا بعوض يقابله والإتلاف بعوض كلا إتلاف ( قوله وإن زاد عليه ضمناها ) أي الزيادة للزوج لأنهما أتلفاها بلا عوض وسكت المؤلف عما إذا شهد بأصل النكاح بأقل من مهر مثلها للإشارة إلى أنهما لا يضمنان ما نقص لأن منافع البضع غير متقومة عند الإتلاف فلا يضمن المتقوم إذ التضمين يستدعي المماثلة أو للاختلاف ففي المنظومة وشرحها أنهما يضمنان ما نقص عندهما خلافا nindex.php?page=showalam&ids=14954لأبي يوسف وفي الهداية وشروحها أنهما لا يضمنان وهو المعتمد في المذهب قيد بكونهما شهدا بالنكاح لأنهما لو شهدا عليها بقبض المهر أو بعضه ثم رجعا بعد القضاء ضمنا لها لأنهما أتلفا عليها مالا وهو المهر قليلا كان أو كثيرا دون البضع وأشار بمهر المثل إلى أن الكلام فيما إذا لم يطلقها أو طلقها بعد الدخول للاحتراز عما إذا طلقها قبل الدخول وحكمه ما ذكره في المحيط شهدا أنه تزوجها على ألف وهو مهر مثلها وقال الزوج بغير التسمية فقضي بها ثم طلقها ثم رجعا فعليهما فضل ما بين المتعة إلى خمسمائة فلو شهد آخران على الدخول ثم رجعوا فعلى شاهدي الدخول خمسمائة خاصة وعليهما وشاهدي التسمية فضل ما بين المتعة والخمسمائة نصفان ولو شهد آخران على الطلاق وقضي ثم رجعوا فعلى شاهدي الدخول خمسمائة وعليهما وشاهدي التسمية ما بين المتعة إلى نصف المهر وعلى الفرق الثلاث قدر المتعة أثلاثا ا هـ .
ولو شهدا عليها أنه تزوجها على ألف ومهر مثلها خمسمائة وأنها قبضت الألف وهي تنكر فقضي بشهادتهما ثم رجعا ضمنا لها مهر المثل لا المسمى لأن حق الاستيفاء لم يثبت لها فيه إذ لم يقض بوجوبه لأن القضاء بالنكاح مع قبض المهر قضاء بإزالة ملكها عن المعقود عليه لا قضاء بالمسمى لأنه إذا كان مقبوضا لا يحتاج إلى القضاء به فلم تقع الشهادة بالقبض إتلافا للمسمى لعدم وجوبه أصلا بل وقعت إتلافا للبضع فيضمنان قيمته هكذا ذكره [ ص: 134 ] في التحرير وهو وارد على ما ذكرنا من قبل من المذهب من حيث إنه أوجب على الشهود قيمة البضع مع عدم وجوبه بالقضاء ومقتضى المذهب أن لا يجب شيء على ما بينا وهو أن منافع البضع غير متقومة عند الإتلاف وإنما يتقوم على الزوج عند تملكه إياه هكذا ذكر الشارح رحمه الله وقلت : التضمين هنا ليس باعتبار إتلاف منافع بضعها بل باعتبار إتلاف المهر لأنهما كما شهدا بأصله شهدا بقبضها له وقد ذكر هو أنهما لو شهدا عليها بقبضه ثم رجعا ضمنا وإنما ضمنا بقدر مهر المثل باعتبار أنها لم تدع المسمى لإنكار الكل فترجع بمهر المثل ولهذا لو لم يشهدا بالقبض وإنما شهدا بالنكاح بألف وقضي به ثم شهدا بقبضها ثم رجعا عن الشهادتين فإنهما يضمنان الألف لأنهما أتلفا عليها ذلك .
( قوله وسكت المؤلف عما إذا شهدا بأصل النكاح بأقل من مهر مثلها إلخ ) اعلم أن الصور ست لأنه إما أن يشهدا بمهر المثل أو بأقل أو بأكثر وعلى كل فإما أن يشهدا عليه بأن كانت هي المدعية أو عليها بأن كان هو المدعي فصرح المصنف منها بثلاثة وهي ما إذا شهدا بمهر المثل عليه أو عليها وما إذا شهدا عليه بالأكثر وصرح بالضمان في الثالثة ويفهم منه أنه لو شهدا عليها بالأكثر لا ضمان وصرح بعدم الضمان في الأوليين ويفهم منه عدمه أيضا لو شهدا عليه أو عليها بالأقل بطريق أولى فالحاصل أنه لا ضمان إلا في صورة واحدة وهي ما لو شهدا عليه بالأكثر فيضمنان الزائد على مهر المثل وفي الخمسة الباقية لا ضمان أصلا وهذا موافق لما في التتارخانية حيث قال : وفي الزائد وإن شهد شاهدان على امرأة بالنكاح بمقدار مهر مثلها ثم رجعا فلا ضمان عليهما وكذا لو شهدا بأقل من مهر مثلها وإن شهدا بأكثر من مهر مثلها ثم رجعا ضمنا الزيادة وفي المحيط وإن ادعى رجل على امرأة النكاح وأقام على ذلك بينة والمرأة جاحدة فقضى القاضي عليها بالنكاح ثم رجعا عن شهادتهما لا يضمنان للمرأة شيئا سواء كان المسمى مهر المثل أو أكثر أو أقل . ا هـ .
فأفاد أن الكلام الأول فيما إذا كان أصل النكاح مجحودا وفي كلام المصنف إشارة إلى ذلك أما إذا كانا مقرين به واختلفا في المهر ثم رجع الشاهدان ففيه هذا التفصيل والحكم فيه ما علمت فتنبه لذلك ( قوله قيد بكونهما شهدا بالنكاح لأنهما لو شهدا بقبض المهر إلخ ) لم يصرح بكون المضمون مهر المثل أو المسمى ولا أن الشهادة وقعت بعد الشهادة بالنكاح أو معها وفي التتارخانية شهدا على امرأة أن فلانا تزوجها على ألف درهم وقبضت ذلك وهي تنكر ومهر مثلها خمسمائة فقضى القاضي بذلك ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا مهر المثل دون المسمى ولو وقعت الشهادة بالعقد بالألف أولا فقضى القاضي به ثم شهدا بقبض الألف وقضى القاضي به ثم رجعا عن الشهادتين ضمن للمرأة المسمى .
[ ص: 134 ] ( قوله ومقتضى المذهب أن لا يجب شيء إلخ ) تأمل هذا الكلام .