( فصل )
قوله (
ولا تفسد المضاربة بدفع المال إلى المالك بضاعة ) لأن رب المال معين للمضارب في إقامة العمل والمال في يده على سبيل البضاعة وأطلق المال فشمل الكل والبعض وبه صرح في الذخيرة والمبسوط وما وقع في الهداية من التقييد بالبعض فاتفاقي صرح به في النهاية وأشار بالدفع إلى أن المضارب لا بد أن يسلم المال أولا حتى لو جعل المال بضاعة قبل أن يتسلمه لا يصح لأن التسليم شرط فيها كما لو شرط عمل رب المال ابتداء وقيد بدفعه لأن رب المال لو
أخذ مال المضاربة بغير أمر المضارب وباع واشترى فإن المضاربة تبطل إن كان رأس المال نقدا وإن صار عرضا لا لأنه في الأول عامل لنفسه
[ ص: 269 ] لا معين فانتقضت وفي الثاني لا يملك النقض صريحا فكذا دلالة فلو
باع العروض بنقد ثم اشترى عروضا كان للمضارب حصته من ربح العروض الأولى لا الثانية لأنه لما باع العروض وصار المال نقدا في يده كان ذلك نقضا للمضاربة فشراؤه به بعد ذلك يكون لنفسه فلو باع العروض بعروض مثلها أو بمكيل أو موزون وربح كان بينهما على ما شرطا لأن رب المال لا يتمكن من نقض المضاربة ما دام المال عروضا .
والحاصل أن كل تصرف صار حقا للمضارب على وجه لا يملك رب المال منعه فرب المال في ذلك يكون معينا له سواء باشره بأمره أو بغير أمره وكل تصرف يتمكن رب المال أن يمنع المضارب منه فرب المال في ذلك التصرف عامل لنفسه إلا أن يكون بأمر المضارب فحينئذ يكون معينا له كذا في المبسوط وتقييده بالبضاعة اتفاقي لأنه لو
دفع المال إلى رب المال مضاربة لا تبطل المضاربة الأولى لكن تبطل الثانية لأن المضاربة تنعقد شركة على مال رب المال وعمل المضارب ولا مال هنا فلو جوزناه يؤدي إلى قلب الموضوع وإذا لم تصح بقي عمل رب المال بأمر المضارب فلا تبطل به المضاربة الأولى كذا في الهداية وبه علم أنها بضاعة وإن سميت مضاربة لأن المراد بالبضاعة هنا الاستعانة لأن الإبضاع الحقيقي لا يتأتى هنا وهو أن يكون المال للمبضع والعمل من الآخر ولا ربح للعامل وفهم من مسألة الكتاب جواز الإبضاع مع الأجنبي بالأولى وحاصل
ما يملكه المضارب ثلاثة أنواع نوع يملكه بمطلق المضاربة وهو ما كان معتادا بين التجار ونوع لا يملكه إلا إذا قال له اعمل برأيك كالمضاربة والشركة والخلط ونوع لا يملكه إلا بالصريح كالاستدانة والعتق مطلقا والكتابة والإقراض والهبة والصدقة وقد قدمنا تفاصيلها أول الكتاب