وقد يقال إن الحديث المفيد لعدم الحل محمول على ما إذا كان بغير قضاء ولا رضا كما أشار إليه في المحيط وشمل كلامه ما إذا قال الواهب أسقطت حقي من الرجوع فإنه لا يسقط حقه وله الرجوع كذا في فتاوى قاضي خان وشمل ما إذا قال لآخر هب لفلان عني ألف درهم فوهب المأمور كما أمر كانت الهبة من الآمر ولا يرجع المأمور على الآمر ولا على القابض وللآمر أن يرجع في الهبة والدافع يكون متطوعا ولو قال هب لفلان ألف درهم على أني ضامن ففعل جازت الهبة ويضمن الآمر للمأمور وللآمر أن يرجع في الهبة ولا يرجع الدافع كذا في فتاوى قاضي خان من باب الكفالة بالمال وأطلق الهبة فانصرفت إلى الأعيان فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول بخلافه قبله لكونها إسقاطا كما قدمناه وشمل كلامه ما إذا وهبا عبدا فلأحدهم الرجوع في نصيبه مع غيبة صاحبه لأن الشيوع لا يمنع فسخها بدليل أن للواهب أن يرجع في بعضها كذا في المحيط وفي فتاوى قاضي خان الواهب إذا اشترى الهبة من الموهوب له قالوا لا ينبغي له أن يشتري لأن الموهوب له يستحي من المالك فيصير مشتريا بأقل من قيمته إلا الوالد إذا وهب لولده شيئا لأن شفقته على ولده تمنعه من الشراء بأقل من قيمته
( باب الرجوع في الهبة ) ( قوله فإنه قال أنه غير مستحب ) قد يقال أن ما كان غير محبوب شرعا كان مكروها فمعنى غير مستحب كونه مكروها ومطلق الكراهة للتحريم ويدل له تعبير الزيلعي بأنه قبيح كما يأتي ولا سيما وقد وجد دليل خاص من السنة على التحريم وهو الحديث الآتي [ ص: 291 ] ( قوله فلا رجوع في هبة الدين للمديون بعد القبول بخلافه قبله ) لا يخفى أن الكلام في رجوع الواهب وهذا في رد الموهوب له ولا رجوع للواهب هنا مطلقا قال في المنظومة الوهبانية