( قوله والأراضي للزراعة إن بين ما يزرع فيها أو قال على أن يزرع فيها ما شاء ) أي صح ذلك للإجماع العملي عليه ولا بد من البيان لأنها تستأجر للزراعة وغيرها وما يزرع فيها متفاوت فلا بد من التعيين كيلا تقع المنازعة وترتفع بتفويض الخيرة إليه أيضا وإلا فهي فاسدة للجهالة وتنقلب صحيحة بزرعها ويجب المسمى لارتفاعها كاستئجار ثوب لم يبين لابسه إذا ألبس شخصا انقلبت صحيحة وكذا الدابة والقدر للطبخ وللمستأجر الشرب والطريق لأنها تنعقد للانتفاع ولا انتفاع إلا بهما فيدخلان تبعا بخلاف البيع لأن المقصود منه ملك الرقبة لا الانتفاع في الحال حتى جاز بيع الجحش والأرض السبخة دون إجارتها إلا بذكر الحقوق والمرافق كما عرف في البيوع وفي القنية استأجر أرضا سنة على أن يزرع [ ص: 305 ] فيها ما شاء فله أن يزرع فيها زرعين ربيعيا وخريفيا وفي الجوهرة ولا بأس باستئجار الأرض للزراعة قبل ريها إذا كانت معتادة للري في مثل هذه المدة التي عقد الإجارة عليها وإن جاء من الماء ما يزرع به بعضها فالمستأجر بالخيار إن شاء نقض الإجارة كلها وإن شاء لم ينقضها وكان عليه من الأجر بحساب ما روى منها ا هـ .
وفي القنية ولو استأجرها ولا يمكنها الزراعة في الحال لاحتياجها إلى السقي أو كري الأنهار أو مجيء الماء فإن كان بحال تمكن الزراعة في مدة العقد جاز وإلا فلا كما لو استأجرها في الشتاء تسعة أشهر ولا يمكن زراعتها في الشتاء وجاز لما أمكن في المدة أما إذا لم يمكن الانتفاع بها أصلا بأن كانت سبخة فالإجارة فاسدة وفي مسألة الاستئجار في الشتاء يكون الأجر مقابلا بكل المدة لا بما ينتفع به فحسب وقيل بما ينتفع به ا هـ .
واعلم أن الأرض لا ينحصر استئجارها للزراعة للبناء والغرس كما يوهمه المتون فقد صرح في الهداية بأن الأرض تستأجر للزراعة وغيرها وقال في غاية البيان أراد بغير الزراعة البناء والغرس وطبخ الآجر والخزف ونحو ذلك من سائر الانتفاعات بالأرض ا هـ .
فإذا عرفت ذلك ظهر لك صحة الإجارات الواقعة في زماننا من أنه تستأجر الأرض مقيلا ومراحا قاصدين بذلك إلزام الأجرة بالتمكن منها مطلقا سواء شملها الماء وأمكن زراعتها أو لا ولا شك في صحته لأنه لم يستأجرها للزراعة بخصوصها حتى يكون عدم ريها فسخا لها في الولوالجية استأجر أرضا ليلبن فيها فالإجارة فاسدة ثم هي على وجهين إن كان للتراب قيمة ضمن قيمته ويكون اللبن له وإن لم يكن له قيمة فلا شيء عليه واللبن له وضمن نقصان الأرض إن نقصت .
وفي فتاوى قارئ الهداية أن إجارة الأرض المشغولة بزرع الغير إن كان الزرع بحق بأن كان بإجارة لا يجوز أن تؤجر ما لم يستحصد الزرع إلا أن يؤجرها مضافة إلى المستقبل وإن كان الزرع بغير مستند شرعي صحت الإجارة لأن الزرع في هذه الصورة واجب القلع فإن المؤجر في هذه الصورة قادر على تسليم ما أجره بأن يجبر صاحب الزرع على قلعه سواء أدرك أم لا لأنه لا حق لصاحبه في إبقائه ا هـ .