قال رحمه الله ( وسلوك طريق غير ما عينه وتفاوتا ) يعني
يجب الضمان إذا عين للمكاري طريقا وسلك هو غيرها وكان بينهما تفاوت بأن كان المسلوك أوعر أو أبعد أو أخوف بحيث لا يسلك ; لأن التقييد حينئذ مقيد فإذا خالف حينئذ فقد تعدى فيضمن قيمته إن هلك وإن لم يهلك وبلغ فله الأجر استحسانا لارتفاع الخلاف ولا يلزم اجتماع الضمان والأجرة ; لأنها في حالتين ونظيره
العبد المحجور عليه إذا أجر نفسه فإن تلف في العمل يجب على المستأجر الضمان وإن سلم يجب عليه الأجر وإن
كان الطريق يسلكه الناس وهلك المتاع فلا ضمان عليه ; لأن الظاهر فيما يسلكه الناس عدم التفاوت ، قال في الهداية والكافي هذا إذا لم يكن بين الطريقين تفاوت ; لأن عند عدم التفاوت لا يصح التعيين لعدم الفائدة أما إذا كان بينهما تفاوت يضمن لصحة التقييد فجعلاه كالطريق الذي لا يسلكه الناس ، فإن قلت ما الفرق بين هذا حيث إذا سلم
[ ص: 18 ] يجب الأجر وبين ما إذا
استأجر دابة لركوب معين فإن ركب غيره وسلمت حيث لا أجر عليه كما في الخلاصة
والحدادي والفتاوى العتابية ، قلت الفرق أنه هنا وافق من وجه ; لأن المقصود وصول المتاع إلى ذلك المكان وهناك لم يحصل المقصود ; لأن المقصود ركوب المعين ولم يحصل ولا يخفى أن قوله وتفاوتا ليس بقيد احترازي ; لأنه لو ذهب إلى مكان غير ما عينه يضمن ، ولو كان أقرب ، قال في الينابيع
استأجر دابة إلى موضع كذا فركبها إلى مكان أقرب منه فعطبت ضمن قيمتها . ا هـ .
زاد في المحيط في باب الراعي ولو سلم فلا أجر له ; لأن رب طريق يفسد الدابة السير فيها يوما لصعوبتها وطريق لا يفسد الدابة السير فيها شهرا لسهولتها فاختلف جنس المنفعة فاستوفي جنس آخر فلا يجب الأجر فهذه رواية تخالف ما تقدم وفي الخلاصة ، ولو
نزل وتهيأ له الارتحال فلم يرتحل حتى أفسد المطر المتاع يضمن إلا إذا كان المطر عاما وفي الخلاصة إذا
أفسد المطر المتاع على ظهر الدابة أو سرق لا يضمن .