قال رحمه الله ( وإن
جنى عبد فكاتبه سيده جاهلا بها فعجز دفع أو فدى ) يعني المولى بالخيار إن شاء دفع العبد وإن شاء فداه بالأرش ; لأنه لو كاتبه وهو لا يعلم بالجناية لزمه قيمته ; لأنه لم يصر مختارا للفداء بالمكاتبة من غير علم ، وقد امتنع الدفع بفعله من غير أن يصير مختارا للفداء فيجب عليه الأقل من قيمته ومن الأرش كما إذا أعتقه أو دبره أو استولد الأمة أو باعه بعدما جنى من غير علم بها إلا أن المانع من الدفع على شرف الزوال فلم ينتقل حق ولي الجناية من العبد إلى القيمة فإذا عجز زال المانع فيتخير بين الدفع والفداء على القاعدة ا هـ .
قال رحمه الله ( وكذا إن
جنى مكاتب ولم يقض به فعجز ) حكمه كالأول ; لأنه لما عجز صار قنا وجناية القن يخير فيها المولى بين الدفع والفداء على ما عرف وقبل أن يعجز يجب الأقل من قيمته ومن الأرش ; لأن دفعه متعذر وهو أحق بكسبه من المولى وموجب الجناية عند تعذر الدفع يجب على من يكون له الكسب ألا ترى أن جناية المدبر وأم الولد توجب على المولى الأقل من قيمته ومن الأرش لما أنه أحق بكسبهما ، ولو
جنى جناية بعد الحكم عليه بالأولى فهي كالأولى ، وإذا
اجتمعت الجنايات في وقت قبل القضاء لم يلزمه إلا قيمة واحدة كذا في المبسوط .
وفيه ، وإذا
جنى العبد المكاتب ، ثم عتق فهو على خياره وإن عجز فالخيار للمولى وإن
كان العبد وامرأته مكاتبين كتابة واحدة فولدت فقتله المولى وقيمته أكثر من الكتابة فهو على المولى في ثلاث سنين أو
قتل المكاتب فالمال يجب في ثلاث سنين وإن كانت الكتابة قد حلت قال رحمه الله ( فإن قضى به عليه في كتابته فعجز فهو دين يباع فيه ) يعني إذا
قضى بموجب الجناية على المكاتب في حال كتابته وهو الأقل من قيمته ومن الأرش فهو دين عليه يباع فيه ; لأن الحق انتقل من الرقبة إلى القيمة بالقضاء ، وهذا عند علمائنا الثلاثة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر تجب عليه قيمته ولا يباع وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أولا ; لأن المانع من الدفع وقت الجناية موجود وهو الكتابة فلا تتغير كجناية المدبر وأم الولد ولنا أن الأصل في جناية العبد الدفع وإنما يصار إلى القيمة عند تعذر الدفع والمانع هنا متردد لاحتمال انفساخ الكتابة فلا يثبت الانتقال عن الموجب الأصلي إلا بالقضاء والصلح عن الرضا وبالموت عن الوفاء وهو نظير المغصوب إذا أبق لا يجب عليه القيمة إلا بالقضاء حتى لو رجع قبل القضاء يكون لمولاه وإن رجع بعد القضاء يكون للغاصب ، وكذا
المبيع إذا أبق قبل القبض لا يبطل البيع إلا بالقضاء ، وكذا إذا قتل ; لأن القيمة تقوم مقامه بخلاف المدبر وأم الولد ; لأنهما لا يقبلان الفسخ .