قال رحمه الله : ( وإن
قسم ولأحدهم مسيل ، أو طريق في ملك الآخر لم يشترط في القسمة صرف عنه إن أمكن وإلا فسخت القسمة ) لأن المقصود من القسمة تكميل المنفعة باختصاص كل بنصيبه وقطع أسباب تعلق حق الغير فإذا أمكن حصل المقصود ، وإلا لم يحصل فتعين الفسخ والاستئناف لنفي الاختلاط بخلاف البيع حيث لا يفسخ ولا يفسد فيما إذا لم يتمكن المشتري من الاستطراق ومن مسيل الطريق الماء لأن المقصود ملك الرقبة ولا يشترط فيه الانتفاع في الحال ولا كذلك القسمة ولو ذكر الحقوق في الوجه الأول وهو ما إذا أمكن صرفه عن الآخر بأن قال هذا لك بحقوقه كان الجواب فيه مثل ما إذا لم يقل بحقوقه فيصرف عنه إن أمكن كما تقدم إلا إذا قال خذ هذا بطريقه وشربه ومسيله فحينئذ لا يصرف عنه لأنه أثبت له بأبلغ وجوه الإثبات بخلاف البيع إذا ذكر فيه الحقوق حيث يدخل فيه ما كان من الطريق والمسيل فيدخل عند التنصيص
واختلفوا في إدخال الطريق في القسمة بأن قال بعضهم لا يقسم الطريق بل يبقى مشتركا مثل ما كان قبل القسمة ينظر فيه الحاكم فإن كان يستقيم أن يفتح كل في نصيبه قسم الحاكم من غير طريق يرفع لجماعتهم تكميلا للمنفعة وتحقيقا للإقرار من كل وجه ، وإن كان لا يستقيم ذلك رفع طريقا بين جماعتهم لتحقق تكميل المنفعة فيما وراء الطريق ولو اختلفوا في مقدار عرضه يجعل على قدر عرض الباب بطوله أي ارتفاعه حتى يخرج كل واحد منهم جناحا في نصيبه إن كان فوق الباب لا فيما دونه لأن باب الدار طريق متفق عليه والمختلف فيه يرد إلى المتفق عليه ، وفي هذا القدر كفاية في الدخول ولو
شرطوا أن يكون الطريق في الدار على التفاوت جاز ، وإن سهامهم في الدار متساوية لأن
القسمة على التفاوت بالتراضي في غير الأموال الربوية جائزة ، وإن كان ذلك أرضا يرفع قدر ما يمر به ثور لوقوع الكفاية به في المرور ولم يذكر
[ ص: 175 ] حكمه فيما إذا لم يكن له طريق ، وفي المحيط ولو
اقتسموا دارا فإذا لا طريق لأحدهم وقدر على أن يفتح في نصيبه طريقا يمر فيه الرجل دون الحمولة جازت القسمة لأنها لم تتضمن تفويت منفعة ، وإن لم يقدر ينظر إن لم يعلم أنه لا طريق له فالقسمة فاسدة ، وإن علم أنه لا طريق له جازت القسمة لأنه رضي بهذه القسمة .
دار في سكة غير نافذة اقتسموها على أن يفتح كل واحد بابا إلى السكة جاز ولا يمنعون منه لأنهم تصرفوا في خالص حقهم وهو الجدار ولا ضرر على غيرهم في ذلك .
مقصورة بين قوم طريقها في دار الآخر فاقتسموها فليس لكل واحد أن يفتح بابا من المقصورة إلى الدار ، وإنما لهم طريق على مقدار الباب ولا يكون لهم حق المرور فيما سوى الطريق ، وإن كان بجنب المقصورة دار لهم وقعت في قسمة رجل فأراد أحدهم أن يجعل الطريق إلى داره في هذه المقصورة لم يكن له ذلك .
طريق مشترك بين جماعة ليس لواحد منهم أن يفتح بابا لدار أخرى لا حق لها في هذه الطريق ولو
اقتسموا قرية فأصاب أحدهم قراح والآخر كرم والآخر بيوت جاز بتراضيهم ، وإذا
اقتسما كرما وفيه عنب وثمر ينظر إن قالا على أن النصف لفلان بكل قليل وكثير وما فيه من الأعشاب والثمار فهي مقسومة ، وإلا فهي على الشركة بينهما .
دار وفيها طريق لآخر لا يمنعها عن قسمتها ويترك طريقه على عرض الباب العظمى فإن باعوا الدار والطريق برضاهم ضرب صاحب الدار على مثلي ثمن الطريق وصاحب الممر بثلث الثمن لأن الطريق بينهم أثلاثا إذا لم يعلم قدر الأنصباء فيكون الثمن بينهم أثلاثا وكذا إذا كان رقبة الطريق لاثنين وللآخر حق المرور ومن مات منهم وتعددت ورثته اعتبر حقه كحق واحد ، وإن لم يعرف أن الدار ميراث بينهم فالطريق على عدد الرءوس وقسمة الطريق على عدد الرءوس ولو كان فيها طريق من ناحية وطريق لآخر من ناحية أخرى يعزل لهما طريق واحدة والطريق الواحد يكفي للمرور ، ولو
اقتسموا دارا و فيها كنيف شارع إلى الطريق أو ظلة لم يحسب في ذرع الدار لأن الظلة والكنيف ليس لهما حق القرار على طريق العامة بل مستحق النقض ومستحق النقض كالمنقوض ولكنهما يقومان على من وقع في حيزه ولا يحسبان في ذرعان الدار بعد قسمة الوالي وترك طريقا للعامة فرأى الوالي بعد ذلك أن يعطي الطريق لواحد فينتفع بها ولا يضر بأهل الطريق جاز إن كانت المدينة له ، وإن كانت للمسلمين لم يجز ا هـ .