( قوله وجماعة النساء ) أي وكره جماعة النساء ; لأنها لا تخلو عن ارتكاب محرم وهو قيام الإمام وسط الصف فيكره كالعراة كذا في الهداية وهو يدل على أنها كراهة تحريم ; لأن التقدم واجب على الإمام للمواظبة من النبي صلى الله عليه وسلم عليه وترك الواجب موجب لكراهة التحريم المقتضية للإثم ويدل على كراهة التحريم في جماعة العراة بالأولى واستثنى الشارحون جماعتهن في صلاة الجنازة فإنها لا تكره ; لأنها فريضة وترك التقدم مكروه فدار الأمر بين فعل المكروه لفعل الفرض أو ترك الفرض لتركه فوجب الأول بخلاف جماعتهن في غيرها ، ولو صلين فرادى فقد تسبق إحداهن فتكون صلاة الباقيات نفلا والتنفل بها مكروه فيكون فراغ تلك موجبا لفساد الفريضة لصلاة الباقيات كتقييد الخامسة بالسجدة لمن ترك القعدة وأفاد أن إمامة المرأة للنساء صحيحة واستثنى في السراج الوهاج مسألة وهي ما لو استخلف الإمام امرأة وخلفه رجال ونساء فسدت صلاة الرجال والنساء والإمام والمقدمة في قول أصحابنا الثلاثة خلافا nindex.php?page=showalam&ids=15922لزفر أما فساد صلاة الرجال فظاهر ، وأما فساد صلاة النساء فلأنهم دخلوا في تحريمة كاملة فإذا [ ص: 373 ] انتقلوا إلى تحريمة ناقصة لم يجز كأنهم خرجوا من فرض إلى فرض آخر
( قوله فإن فعلن تقف الإمام وسطهن كالعراة ) لأن عائشة رضي الله عنها فعلت كذلك وحمل فعلها الجماعة على ابتداء الإسلام ولأن في التقدم زيادة الكشف وأراد بالتعبير بقوله تقف أنه واجب فلو تقدمت أثمت كما صرح به في فتح القدير والصلاة صحيحة فإذا توسطت لا تزول الكراهة وإنما أرشدوا إلى التوسط ; لأنه أقل كراهية من التقدم كذا في السراج الوهاج ، ولو تأخرت لم يصح الاقتداء بها عندنا لعدم شرطه وهو عدم التأخر عن المأموم ، وذكر في المغرب الإمام من يؤتم به أي يقتدى به ذكرا كان أو أنثى ، وفي الواو مع السين الوسط بالتحريك اسم لعين ما بين طرفي الشيء كمركز الدائرة ، وبالسكون اسم مبهم لداخل الدائرة مثلا ولذلك كان ظرفا فالأول يجعل مبتدأ وفاعلا ومفعولا به وداخلا عليه حرف الجر ولا يصح شيء من هذا في الثاني تقول وسطه خير من طرفه واتسع وسطه وضربت وسطه وجلست في وسط الدار ، وجلست وسطها بالسكون لا غير ، ويوصف بالأول مستويا فيه المذكر والمؤنث والاثنان والجمع قال الله تعالى { جعلناكم أمة وسطا } ولله علي أن أهدي شاتين وسطا إلى بيت الله أو أعتق عبدين وسطا ، وقد بني منه أفعل التفضيل فقيل للذكر الأوسط وللمؤنث الوسطى قال تعالى { من أوسط ما تطعمون أهليكم } يعني المتوسط بين الإسراف والتقتير ، وقد أكثروا في ذلك وهو في محل الرفع على البدل من إطعام أو كسوتهم معطوف عليه والصلاة الوسطى العصر وهو المشهور ا هـ .
وضبطه هنا في السراج الوهاج بسكون السين لا غير ، وفي الصحاح كل موضع صلح فيه بين فهو وسط بالتسكين كجلست وسط القوم ، وإن لم يصلح فيه فهو بالتحريك كجلست وسط الدار وربما سكن وليس بالوجه ا هـ .
وفي ضياء الحلوم الوسط بالسكون ظرف مكان وبفتح السين اسم تقول وسط رأسه دهن بسكون السين وفتح الطاء فهذا ظرف وإذا فتحت السين رفعت الطاء وقلت : وسط رأسه دهن فهذا اسم ا هـ .
وفي معراج الدراية والتشبيه بالعراة ليس من كل وجه بل في أفضلية الإفراد وأفضلية قيام الإمام وسطهن ، وأما العراة فيصلون قعودا وهو أفضل والنساء قائمات ، وفي الخلاصة يصلون قعودا بإيماء ، وإن صلوا بقيام وركوع وسجود بجماعة أجزأهم ، وذكر الإسبيجابي وكذلك يكره أن يؤم النساء في بيت وليس معهن رجل ولا محرم منه مثل زوجته وأمته وأخته ، فإن كانت واحدة منهن فلا يكره وكذلك إذا أمهن في المسجد لا يكره وإطلاق المحرم على من ذكر تغليب وإلا فليس هو محرما لزوجته وأمته .
( قوله فيكره كالعراة ) أي فتكره جماعتهن كجماعة العراة ( قوله لأنها فريضة ) أي لأن جماعتهن فريضة بدليل قوله لفعل الفرض ، وأطلق الفرض على الواجب لقوله فوجب الأول أو هو على ظاهره ، ووجب بمعنى ثبت ولزم لما دار الأمر بين المحذورين ثبت وتعين الأول وهو جماعتهن هذا ولا يخفى ما في تسمية جماعتهن بالفرض من البعد ، وكذا بالواجب لما سيصرح به المؤلف في الجنائز من أن الجماعة فيها غير واجبة [ ص: 373 ] ( قوله وفي معراج الدراية والتشبيه إلخ ) فيه إشعار بأن وقوفه وسطهم واجب كالنساء لأنه شبه صلاتهم وقيام إمامهم بالنساء ، وقد علل قبله كراهة جماعتهن بقوله ولأن جماعتهن لا تخلو عن ارتكاب محرم لأن في التقدم زيادة كشف وفي التوسط ترك المقام وكل ذلك حرام وصدر عبارته يدل على هذا حيث قال قوله كالعراة فإنهم أمروا بترك الجماعة ليتباعد بعضهم عن بعض فلا يقع بصر بعضهم على عورة البعض لأن الستر يحصل به ولكن الأولى لإمامهم إذا أمهم أن يقوم وسطهم وإن تقدمهم جاز وحالهم في هذا الموضع كحال النساء كذا في المبسوطين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري رحمه الله تعالى يصلون بالجماعة لأنهم يتوصلون إلى إقامتها من غير ارتكاب مكروه بأن يقدموا إمامهم ويغضوا أبصارهم قلنا غض البصر مكروه حالة الاختيار كقيام الإمام وسط الصف فصح أنهم لا يتوصلون إلى إقامتها بدون ارتكاب أمر مكروه والجماعة سنة فترك السنة أولى من ارتكاب المكروه فعلم بهذا كله أن التشبيه إلخ فظهر أن قوله بل في أفضلية الإفراد إلخ ليس المراد أنه جائز والإفراد والقيام أفضل بل المراد بالأفضلية الوجوب ، وكذا قول المبسوطين أولى لقولهما : وحالهم في هذا الموضع كحال النساء تأمل .
وفي النهر وفي كلام المصنف إيماء إلى كراهة جماعة العراة أيضا كراهة تحريم لاتحاد اللازم وهو إما ترك واجب التقدم أو زيادة الكشف كذا في الفتح لكن في السراج الأولى أن يصلوا وحدانا وفي الخلاصة الأولى لإمام العراة أن يقف وسطهم ، ومقتضى ما في الفتح أن يكون تحريما بالأولى وهو أولى ا هـ .
أقول : يمكن أن يكون المراد بالأولى في كلام السراج والخلاصة كما هو المراد من كلام المبسوطين تأمل .
( قوله وإطلاق المحرم على من ذكر تغليب إلخ ) قال في النهر ذكر بعض المتأخرين أن الزوج محرم مستندا لما في الذخيرة والمحرم الزوج ومن لا يجوز مناكحتها على التأبيد وسيأتي تحقيقه في الحج إن شاء الله تعالى .