قال رحمه الله (
، وإنماء الرهن كالولد والثمر واللبن والصوف للراهن ) ; لأنه متولد من ملكه قال رحمه الله ( وهو رهن مع الأصل ) وهو تبع له والرهن حق متأكد لازم يسري إلى الولد ، ألا ترى أن الراهن لا يملك به إبطاله بخلاف ولد الجارية حيث لا يسري حكم الجناية إلى الولد ولا يتبع أمه فيه ; لأنه فيها غير متأكد حتى ينفرد المالك بإبطاله بالفداء بخلاف ولد المستأجرة والكفيلة والمغصوبة وولد الموصى بخدمتها ; لأن المستأجر حقه في المنفعة دون العين وفي الكفالة الحق يثبت في الذمة والولد لا يتولد من الذمة ، وفي الغصب إثبات اليد العادية بإزالة اليد المحقة وهو معدوم في الولد ولا يمكن إثباته فيه تبعا ; لأنه فعل حسي والتبعية لا تجري في الأوصاف الشرعية .
وفي الجارية الموصى بخدمتها المستحق له الخدمة وهي منفعة الأم والولد غير صالح لها قبل الانفصال فلا يكون تبعا وبعده لا ينقلب موجبا أيضا بعد أن انعقد غير موجب . قال رحمه الله ( ويهلك مجانا ) أي
إذا هلك النماء يهلك مجانا بغير شيء ; لأن الأتباع لا قسط لها مما يتقابل بالأصل ; لأنها لم تدخل تحت العقد مقصودا .
قال رحمه الله ( وإن هلك الأصل وبقي النماء فك بحصته ) يعني إذا
هلك الأصل وهو الرهن وبقي النماء وهو الولد يفتك الولد بحصته من الدين ; لأنه صار مقصودا بالفكاك والنماء إذا صار مقصودا بالفكاك يكون له قسط كولد المبيع لا حصة له من الثمن ، ثم إذا صار مقصودا بالقبض صار له حصة حتى لو هلكت الأم قبل القبض وبقي الولد كان للمشتري أن يأخذه بحصته من الثمن ، ولو هلك قبل القبض لا يسقط شيء من الثمن . قال رحمه الله ( ويقسم الدين على قيمته يوم الفكاك وقيمة الأصل يوم القبض وسقط من الدين حصة الأصل وفك النماء بحصته ) ; لأن الولد صار له حصة بالفكاك والأم دخلت في الضمان من وقت القبض فيعتبر قيمة كل واحد منهما في وقت اعتباره ولهذا لو هلك الولد بعد هلاك أمه قبل الفكاك هلك بغير شيء فيعلم بذلك أنه لا يقابله شيء من الدين إلا عند الفكاك .
ولو
أذن الراهن للمرتهن في أكل زوائد الرهن بأن قال مهما زاد فكله فلا ضمان عليه ولا يسقط شيء من الرهن ; لأنه أتلفه بإذن الراهن ، وهذه إباحة والإطلاق يجوز تعليقه بالشرط والخطر بخلاف التمليك ، وإن لم يفتك الرهن حتى هلك في يد المرتهن قسم الدين على قيمة الزيادة التي أكلها المرتهن وعليه قيمة الأصل فما أصاب الأصل سقط وما أصاب الزيادة أخذه المرتهن من الراهن ; لأن الزيادة تلفت على ملك الراهن بفعل المرتهن بتسليط منه فصار كأن الراهن أخذه وأتلفه ويكون مضمونا عليه فكان له الدين هكذا ذكره في الهداية والكافي ، وفي فتاوى
قاضي خان والمحيط وعزاه إلى الجامع ، ولو نقصت قيمة الأم بتغير السعر فصارت تساوي خمسمائة أو زادت فصارت تساوي ألفين والولد على حاله يساوي ألفا فالدين بينهما نصفان ولا يتغير عما كان .
وإن كانت الأم على حالها وانتقصت قيمة الولد بعيب دخله أو بتغير السعر فصارت خمسمائة فالدين بينهما أثلاثا ثلثان في الأم والثلث في الولد ، ولو زادت قيمة الولد فصار يساوي ألفين
[ ص: 323 ] فثلثا الدين في الولد والثلث في الأم حتى لو هلكت الأم بقي الولد بثلثي الدين ، ولو ولدت الأم ولدا وقيمتهما سواء ثم اعورت الأم بعد الولادة أو قبلها ذهب من الدين ربعه وهو مائتان وخمسون ; لأن الدين ينقسم عليهما نصفين فيذهب نصف ما كان فيها من الدين ، وفي المنتقى
رهن أرضا ونخلا بدين قيمة كل واحد خمسمائة فاحترق النخل ونبت في الأرض نخل آخر يساوي خمسمائة قال يذهب من الدين نصفه باحتراق النخل وما نبت فهو زيادة في الأرض بمنزلة
رجل رهن أمتين فماتت إحداهما ، ثم ولدت الباقية جارية بألف فقتلتها أمة تساوي مائة فدفعت بها ، ثم ولدت ولدا يساوي ألفا فالدين بينهما نصفان ; لأن الأمة الأولى على حالها والزيادة في الرهن حكمها حكم الأصل محبوسة مضمونة كالأصل ; لأنها تلحق بأصل العقد وصارت كالموجودة في العقد كما في زوائد المبيع ويقسم الدين على قيمة الأصل يوم القبض وعلى قيمة الزيادة يوم قبضت ، فإن كانت قيمة الأصل وقيمة الزيادة يوم قبضت خمسمائة انقسم الدين عليهما أثلاثا ; لأن الضمان إنما يجب بالقبض فتعتبر قيمة كل واحد منهما يوم القبض ، فإن نقص الرهن في يده .
ثم زاد آخر قسم ما بقي من الدين على قيمة الباقي وقيمة الزيادة يوم قبضت مثاله إذا
رهن عبدا يساوي ألفا بألف فاعور ، ثم زاده رهنا آخر قسم ما بقي من الدين على قيمة الباقي وهو العبد الأعور وعلى قيمة العبد الزائد أثلاثا ثلثه بإزاء العبد القديم وثلثاه بإزاء العبد الزائد بخلاف ما إذا ولدت الأمة المرهونة بعدما اعورت ولدا يساوي ألفا ، فإنه يقسم الدين على قيمتها يوم القبض وعلى قيمة الولد يوم الفكاك نصفين ، ثم ما أصاب الأم سقط نصفه بالاعورار فبقي الأم والولد بثلاثة أرباع الدين ، والفرق أن ثمنية الولد تتفرع عنها فيسري إليه حكم الأصل تبعا كان الولد متصلا بها فيعتبر في القسمة قيمة الأم يوم القبض ; لأن التحكم في الزيادة تثبت أصلا لا بطريق السعاية والتبعية فيعتبر في القسمة قدر الباقي من الدين وقت الزيادة ، وكذلك لو قضى الراهن المرتهن خمسمائة فتكون الزيادة رهنا بثلثي خمسمائة في النصف الباقي من العبد القديم ، وفي المنتقى
رجل رهن عند رجل دينارا بعشرة دراهم ، ثم زاده الراهن دينارا آخر وزاده المرتهن خمسة دراهم على أن يكون الديناران رهنا بالخمسة عشر ; لأنهما جعلاهما كذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله تعالى الدينار الأول وثلثا الدينار الثاني يكون رهنا بالعشرة الأولى ويكون ثلث الدينار الثاني رهنا بنصف الخمسة ويكون نصفه الثاني دينا عليه بلا رهن ; لأن عنده الزيادة في دين الرهن غير جائزة فتكون الزيادة في الدين ابتداء إيجابا للدين فلا يكون الدينار الأول رهنا بالخمسة الزائدة ويكون قد جعلا الدينار الزائد رهنا بالعشرة الأولى والخمسة الزائدة فصار ثلثا الدينار الأول وثلث الدينار الثاني .
ولم يصح رهن ثلث الدينار الأول بها فصح الرهن في نصفها وبطل في نصفها الزيادات ، أصله أن الدين يقسم على الأمة المرهونة وولدها المولود في الرهن بشرط بقاء الولد إلى وقت الفكاك ; لأن الولد ، وإن صار مرهونا ولكن لا يسقط له من الدين شيء ما لم يصر مقصودا وإنما يصير مقصودا وقت الفكاك ; لأنه يرد عليه القبض الذي له شبهة بالعقد .