قال رحمه الله ( واللحية إن لم تنبت وشعر الرأس والعينين والأذنين والحاجبين وثديي المرأة الدية وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف الدية وفي أجفان العينين الدية وفي أحدهما ربع الدية ) يعني إذا
حلق اللحية أو شعر الرأس ولم ينبت في كل واحد منهما دية كاملة لأنه أزال جمالا على الكمال وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي لا تجب فيها الدية وتجب فيها حكومة عدل لأن ذلك زيادة في الآدمي ولهذا ينمو بعد كمال الخلقة ولهذا تحلق الرأس واللحية وبعضها في بعض البلاد فلا تتعلق به الدية كشعر الصدر والساق إذ لا تتعلق به منفعة ولهذا لا تجب في شعر العبيد نقصان القيمة ولنا قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في الرأس إذا حلق ولم ينبت الدية كاملة والموقوف في هذا كالمرفوع لأنه من المقادير فلا يهتدى إليه بالرأي لأن اللحية في أوانها جمال فيلزمه كمال الدية كما لو قطع الأذنين الشاخصين والدليل على أنه جمال قوله عليه الصلاة والسلام {
إن لله ملائكة تسبيحهم سبحان من زين الرجال باللحاء والنساء بالقدود والذوائب } بخلاف شعر الصدر والساق لأنه لا يتعلق به الجمال ، وأما شعر العبد فقد روى
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه يجب عليه كمال القيمة فلا يلزمنا والجواب عن الظاهر أن المقصود من العبد الاستخدام دون الجمال وهو لا يفوت بالحلق بخلاف الحر لأن المقصود منه في حقه الجمال فيجب بفواته كمال الدية وفي الشارب حكومة عدل في الصحيح لأنه تابع للحية فصار طرفا من أطراف اللحية واختلفوا في لحية الكوسج والظاهر أنه إن كان في ذقنه شعرات معدودة فليس في حلقها شيء لأن وجودها يشينه ولا يزينه .
وإن كان أكثر من ذلك كان على الخد والذقن جميعا ولكنه غير متصل ففيه حكومة عدل لأن فيه بعض الجمال ، وإن كان متصلا ففيه كمال الدية لأنه ليس بكوسج
[ ص: 378 ] وفي لحيته كمال جمال وهذا كله إذا انسد المنبت ، فإن نبت حتى استوى كما كان لا يجب شيء لأنه لم يبق لفعل الجاني أثر في البدن ولكنه يؤدب على ذلك لارتكابه المحرم ، وإن نبت أبيض فقد ذكر في النوادر أنه لا يلزمه شيء عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في الحر لأن الجمال يزداد ببياض الشعر في اللحية وعندهما تجب حكومة عدل لأن البياض يشينه في غير أوانه فتجب حكومة عدل باعتباره وفي العبد تجب حكومة عدل عندهم لأنه تنتقص به قيمته ويستوي العمد والخطأ في حلق الشعر لأن القصاص لا يجب فيه لأنه عقوبة فلا يثبت فيها قياسا ، وإذا ثبت نصا أو دلالة والنص إنما ورد في النفس والجراحات ويؤجل فيه سنة ، فإن لم ينبت فيها وجبت الدية ويستوي فيها الصغير والكبير والذكر والأنثى ، فإن مات قبل تمام السنة ولم ينبت فلا شيء عليه أما ما يكون مزدوجا في الأعضاء كالعينين واليدين ففي قطعهما كمال الدية وفي قطع أحدهما نصف الدية وأصل ذلك ما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109824في العينين الدية وفي أحدهما نصف الدية وفي الرجلين الدية وفي أحدهما نصف الدية } ولأن تفويت اثنين منها تفويت المنفعة أو تفويت الجمال على الكمال .
وفي تفويت الرجلين تفويت منفعة المشي وفي تفويت الأنثيين تفويت منفعة الإمناء والنسل وفي ثديي المرأة تفويت منفعة الإرضاع بخلاف ثديي الرجل لأنه ليس فيه تفويت المنفعة ولا الجمال على الكمال فيجب فيه حكومة عدل
وفي حلمتي المرأة كمال الدية وفي أحدهما نصف الدية لفوات منفعة الإرضاع وإمساك الصبي لأنها إذا لم يكن لها حلمة يتعذر على الصبي الالتقام عند الإرضاع وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يجب
في الحاجبين حكومة عدل بناء على أصلهما لأنهما لا يريان وجوب الدية في الشعر وعندنا يجب فيهما الدية لتفويت الجمال على الكمال ، وأما ما يكون من الأعضاء أربعا فهو أشفار العينين ففيها الدية إذا قطعها ولم تنبت وفي أحدهما ربع الدية لأنها يتعلق بها الجمال على الكمال ويتعلق بها دفع الأذى والقذر عن العين وتفويت ذلك ينقص البصر ويورث العمى ، فإذا وجب في الكل الدية وهي أربعة وجب في الواحد منها ربع الدية وفي الاثنين نصف الدية وفي الثلاث ثلاث أرباع الدية وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في أشفار العينين الدية كاملة إذا لم تنبت فأراد به الشعر لأن الشعر هو الذي ينبت دون الجفون وأيهما أريد كان مستقيما لأن في كل واحد من الشعر دية كاملة فلا يختل المعنى ولو
قطع الجفون بأهدابها تجب دية واحدة لأن الأشفار مع الجفون كشيء واحد كالمارن مع القصبة والموضحة مع الشعر .
وأما ما يكون من الأعضاء أعشارا كالأصابع ففي قطع اليدين أو الرجلين كل الدية وفي قطع واحد منها عشر الدية
وفي قطع الجفون التي لا شعر فيها حكومة عدل ، وإذا كان الجاني على الأهداب واحدا وعلى الجفون واحدا آخر كان على الذي جنى على الأهداب تمام الدية وعلى الذي
جنى على الجفون حكومة عدل وفي الظهيرية ولو حلق نصف اللحية فلم تنبت وحلق ربع الرأس أو نصف الرأس تجب نصف الدية لأنه ما زال الجمال على الكمال لأن الشين إنما يكمل بفوات الكل وقال بعضهم يجب كمال الدية لأن نصف الحلق لا يبقى زينة فتفوت الزينة بالكلية بفوات نصف اللحية ففيه كمال الدية كما لو قطع الشارب
وفي لحية العبد حكومة عدل وهو الصحيح لأن المقصود من العبد الخدمة كالجمال لأن لحية العبد جمال من حيث إنه آدمي نقصان من حيث إنه مال لأنه مما يوجب نقصانا في المالية ، فإنه لا يساوي غير الملتحي في الجمال فلم يوجد إزالة الجمال على الكمال وروي عن
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أنه تجب كمال الدية لا القيمة لأن الجمال في حقه مقصود أيضا ، وإن نبت مكانها أخرى مثل الأولى فلا شيء فيها كما في السن ، فإن كانت الأولى سوداء فنبتت مكانها بيضاء ذكر في النوادر أن عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في الحر لا يجب شيء وفي العبد حكومة عدل لأن البياض في الشعر مما ينقص من قيمة العبد لأن البياض في غير وقته عيب وشين .