قال رحمه الله ( وإن
التقى قوم بالسيوف فأجلوا عن قتيل فعلى أهل المحلة القسامة والدية إلا أن يدعي الولي على أولئك أو على معين منهم ) لأن القتيل بين أظهرهم والحفظ عليهم فتكون القسامة والدية عليهم إلا إذا أبرأهم الولي بدعوى القتيل على واحد منهم بعينه فيبرأ أهل المحلة .
ولا يثبت على عاقلته إلا بحجة على ما بينا وقوله على معين منهم إن أريد به الواحد من أهل المحلة ليستقيم على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لأن أهل المحلة يبرءون بدعوى الولي على واحد منهم معين وهو القياس وعندهما لا يبرءون وهو استحسان وبيناه في أوائل الباب فلا يستقيم وإن أريد به واحد من الذين التقوا بالسيوف ويستقيم بالإجماع وقال
أبو جعفر في كشف الغوامض هذا إذا كان الفريقان غير متناولين اقتتلوا عصبة وإن كان مشركين أو خوارج فلا شيء فيه ويجعل ذلك من إصابة العدو وإذا كان القتال بين المسلمين والمشركين في دار الإسلام ولا يدرى القاتل يرجح حال قتلى المشركين حملا لأمر المسلمين على الصلاح في أنهم لا يتركون المسلمين في مثل ذلك الحال ويقتلون المسلمين فإن قيل الظاهر أن قاتله من غير المحلة وإنه من خصمائه قلنا قد تعذر الوقوف على قاتله حقيقة فيتعلق الحكم بالسبب الظاهر وهو وجوده قتيلا في محلتهم كذا في النهاية والعناية
أقول : يرد على هذا الجواب أن يقال ما بالحكم تجعلون هذا الظاهر وهو وجوده قتيلا في محلتهم موجبا لاستحقاق القسامة والدية على أهل المحلة ولا يجعلون ذلك الظاهر وهو كون قاتله خصماؤه من غير أهل المحلة دفعا للقسامة والدية عن أهل المحلة مع أن الأصل الشائع أن يكون الظاهر حجة للدفع دون الاستحقاق فالأظهر في الجواب أن يقال الظاهر لا يكون حجة للاستحقاق فبقي حال القتل مشكلا فأوجبنا القسامة والدية على أهل المحلة لورود النص بإضافة القتيل إليهم عند الإشكال فكان العمل بما ورد فيه النص أولى وسيأتي مثل هذا عن قريب إن شاء الله تعالى قال في الهداية وإن كان
القوم لقوا قتالا [ ص: 454 ] ووجد قتيل بين أظهرهم فلا قسامة ولا دية لأن الظاهر أن قتله كان هدرا يحوج إلى ذكر الفرق بين هذا وبين ما إذا
اقتتل المسلمون عصبية في محلة فأجلوا عن قتيل فإن عليهم القسامة والدية كما مر آنفا .
وقالوا في الفرق إن
القتال إذا كان بين المسلمين والمشركين في مكان في دار الإسلام ولا يدري أن القاتل من أيهما يرجح جانب احتمال قتل المشركين حملا لأمر المسلمين على الصلاح في أنهم لا يتركون الكفار في مثل ذلك الحال يقتلون المسلمين وأما في المسلمين من الطرفين فليس ثمة جهة الحمل على الصلاح حيث كان الفريقان مسلمين فبقي حال القتل مشكلا فأوجبنا القسامة والدية على أهل ذلك المكان لورود النص بإضافة القتل إليهم عند الإشكال وكان العمل بما ورد به النص أولى عند الاحتمال من العمل بالذي لم يكن كذلك . ا هـ .
وقال بعض الفضلاء طعنا في المصير إلى الفرق المذكور أنه ظاهر فإن الظاهر هنا حجة للدفع عن المسلمين فيصلح حجة وثمة لو كان حجة لكان حجة للاستحقاق وذلك غير جائز فيجب على أهل المحلة للنص . ا هـ .
أقول : ليس هذا الفرق بتمام فضلا عن كونه ظاهرا إذ لا نسلم أن الظاهر ثمة لو كان حجة لكان حجة للاستحقاق بل يجوز أن يكون حجة لدفع القسامة والدية على أهل المحلة ولا يكون حجة للاستحقاق على المسلمين الذين اقتتلوا عصبية في ذلك المحل فيلزم أن يكون هدرا فلا بد من تمام الفرق بين المسألتين من المصير إلى ما ذكره المشايخ من البيان ونقله صاحب العناية كما تحققته .