( كتاب المعاقل ) .
قال في النهاية لما كان موجب القتل الخطأ وما في معناه الدية على العاقلة لم يكن بد من معرفتها ومعرفة أحكامها فذكرها في هذا الباب ، ورده صاحب المعراج ، وقال وجه المناسبة إنما هو لما فرغ من بيان القتل الخطأ وتوابعه شرع في بيان من تجب عليه الدية إذ لا بد من معرفتها قال رحمه الله ( هي جمع معقلة ، وهي الدية ) أي المعاقل جمع معقلة بالضم ، والمعقلة الدية ، وتسمى عقلا لأنها تعقل الدماء من أن تسفك أي تمسكها يقال عقل البعير عقلا إذا شده بالعقال ، ومنه العقل لأنه يمنع صاحبه من المقاتل أقول : هكذا وقع العنوان في عامة المعتبرات لكن كان ينبغي أن يذكر العواقل بدل المعاقل لأن المعاقل جمع معقلة ، وهي الدية كما صرح به
المصنف وغيره فيصير المعنى كتاب الديات ، وهذا مع كونه مؤديا إلى التكرار ليس بتام في نفسه لأن بيان أقسام الديات وأحكامها قد مر مستوفى في كتاب الديات ، والمقصود بالبيان
[ ص: 455 ] هنا بيان من تجب عليهم الدية بتفاصيل أنواعهم وأحكامهم ، وهم العاقلة فالمناسبة في العنوان ذكر العواقل لأنها جمع العاقلة ، والكلام هنا من وجوه الأول في تفسيرها لغة ، والثاني في تفسيرها شرعا ، والثالث في كيفية وجوب الدية ، والرابع في بيان مدة الواجب ، والخامس فيما تتحمله العاقلة ، والسادس فيمن يحول على الدية من عاقلة إلى عاقلة ، والسابع في عاقلة مولى الموالاة ، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى قال في المبسوط فيه فصول أحدها في معرفة العاقلة ، والثاني في كيفية وجوب الدية عليه ، والثالث في بيان مدة الواجب ، والرابع فيما تتحمله العاقلة وما لا تتحمله العاقلة ، والخامس فيمن يحول الدية من عاقلة إلى عاقلة ، والسادس في عاقلة مولى الموالاة أما تفسيرها لغة فالعاقلة اسم مشتق من العقل ، وهو المنع ، ولهذا يقال لما يعقل به البعير عقالا لأنه يمنعه من النفور ، ومنه سمي اللب عقلا لأنه مما يمنع الإنسان عما يضره فذلك عاقلة الإنسان ، وهم أهل نصرته ممن يمنعونه من قتل من ليس له قتله ، وأما العاقلة .
والعقل هو الدية ، وجمعه المعاقل ، ومنه العاقلة ، وهم الذين يتحملون العقل ، وهو الدية ، وأما
العاقلة شرعا فهم أهل الديوان من المقاتلة ، وأهل الديوان الذين لهم رزق في بيت المال ، وكتب أسماؤهم في الديوان ، ومن لا ديوان له فعاقلته من عصبة النسب لا على أهل الديوان ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه العقل على عصبته من النسب لا على أهل الديوان ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من أصحابنا أنها تجب في مال القاتل لأن وجوب العقل على العاقلة عرف بخلاف القياس لأن مؤاخذة غير الجاني بالجاني مما يأباه القياس والشرع إنما أوجب على أهل الديوان أو على العشيرة فبقي على ما عداهما على قضية القياس ، ومن ليس له ديوان ، ولا عشيرة قيل يعتبر المحال ، ونصرة القلوب فالأقرب ، وقيل تجب في ماله ، وقيل تجب في مال بيت المال ، وكذلك اللقيط على هذا الخلاف
، ولا تعقل مدينة عن مدينة ، وتعقل مدينة عن قراها لأن العقل إنما بني على التناصر والتعاون ، وأهل كل مصر ينتصرون بأهل ديوان مصرهم ، ولا ينتصرون بديوان أهل مصر آخر ، وأهل كل مصر ينتصرون بأهل سوادهم ، وقراهم ، وإن كان بعيد المنزل منهم لأن البادية بادية واحدة فكانوا كأهل الديوان في مصر واحد يتعاونون على أهل المصر ، وإن بعدت منازلهم ، والباديتان إذا اختلفتا كانتا بمنزلة مصرين
، وعاقلة المعتق قبيلة مولاه ، ومولى الموالاة يعقل عنه مولاه ، وقبيلته