البحر الرائق شرح كنز الدقائق

ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

صفحة جزء
قال رحمه الله ( وعصبة ) وهي معطوف على قوله في أول الكتاب ذو فرض فيكون معطوفا على الخبر فيكون خبرا قال رحمه الله ( أي من يأخذ الكل ) أي إذا انفرد وما أبقته أصحاب الفروض وهذا رسم وليس بحد ; لأنه لا بد أن يعرف الورثة كلهم ولا يعرف العصبة إلا بعد أن يعرفهم كلهم فنقول العصبة نوعان عصبة بالنسب وعصبة بالسبب فالعصبة بالنسبة ثلاثة أنواع عصبة بنفسه وهو كل ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميت أنثى وعصبة بغيره وهي كل أنثى فرضها النصف أو الثلثان يصرن عصبة بأخواتهن كما تقدم وعصبة مع غيره وهي كل أنثى تصير عصبة مع أنثى أخرى كالبنات مع الأخوات والسبب نوعان مولى العتاقة ومولى الموالاة وسيأتي بيانه وفي المضمرات والعصبة أربعة أصناف : عصبة بنفسه وهو جزء الميت وأصله وجزء أبيه وجزء جده الأقرب ، وعصبة بغيره وهي كل أنثى تصير عصبة بذكر يوازيها كالبنت مع الابن وفي الذخيرة وبنت الابن مع ابن الابن وكالأخت لأب وأم مع الأخ لأب وأم وعصبة مع غيره وهي كل أنثى تصير عصبة مع أنثى أخرى كالأخوات لأب وأم أو لأب مع البنات وبنات الابن وإذا صار الشخص عصبة بغيره فذلك الغير لا يكون عصبة فأما الكلام في العصبة بنفسها فنقول : أولى العصبات بالميراث الابن ، ثم ابن الابن ، وإن سفل ، ثم الأب .

وفي المضمرات وإنما كان الابن أقرب من الأب ، وإن استويا في الجزئية وفي انعدام الواسطة ; لأن الجزئية للابن آخرهما أو كان قاضيا على الأول ، ثم الجد أب الأب ، وإن علا ، ثم الأخ لأب وأم ، ثم لأب وابن الأخ لأب وأم ، ثم ابن الأخ لأب ، ثم بنوهما ، وإن علوا على هذا الترتيب ، ثم مولى العتاقة وفي شرح الطحاوي ، ثم عم الجد لأب وأم ، ثم عم الجد لأب وكذلك أولادهم على هذا الترتيب ، ثم مولى العتاقة ، ثم آخر العصوبة مقدم على ذوي الأرحام وفي الكافي الأحق فرع الميت أي البنون ، ثم بنوهم ، وإن سفلوا وفي المضمرات ، ولو أردت معرفة القرب فاعتبر كل نوع أصلا واتصال الأخ بأخيه بواسطة واحدة واتصال العموم بواسطتين عرفا إن الأخ أقرب من العم ، وأما الكلام في العصبة بغيرها فصورتها ما ذكرنا وهو كل أنثى تصير عصبة بذكر كبنت الابن مع ابن الابن وكالأخت لأب وأم أو لأب مع أخيها وهذا الحكم في الإخوة مع الأخوات مقصور على أخوات من جملة أصحاب الفروض وتصير عصبة بذكر يوازيها وفي الكافي ، وأما العصبة بغيره فأربع من النسوة وهن اللاتي فرضهن النصف والثلثان يصرن عصبة بإخوتهن ومن لا فرض لها من الإناث وأخوها عصبة لا تصير عصبة بأخيها كالعم والعمة فالمال كله للعم دون العمة وابن العم المال لابن العم دون الابنة وكبنت الأخت وابن الأخ المال كله لابن الأخ .

بيانه إذا هلك الرجل وترك ابن أخ لأب وأم وبنت الأخ لأب وأم فالمال كله لابن الأخ ولا شيء لبنت الأخ ; لأنها من جملة ذوي الأرحام وليست من جملة أصحاب الفرائض فلم تصر عصبة ، وأما بنت الابن فإنها تصير [ ص: 568 ] عصبة بذكر يوازيها وفي الذخيرة على كل حال يوازيها وتصير عصبة بذكر أسفل منها إذ لم يصل إليها فرضها ، وأما الكلام في العصبة مع غيره فصورتها كما ذكرنا . وبيان ذلك من المسائل إذا هلك الرجل وترك بنتا وأختا لأب وأم أو لأب وأخا كذلك فللبنت النصف والباقي بين الأخ والأخت أثلاثا وقدمناه إذا اجتمعت العصبات وبعضها عصبة بنفسها وبعضها عصبة بغيرها وبعضها عصبة مع غيرها فالترجيح منها بالقرب إلى الميت بيانه إذا مات وترك بنتا وأختا لأب وأم وابن الأخ لأب فنصف المال للبنت والنصف للأخت ولا شيء لابن الأخ ; لأن الأخت عصبة مع البنت وهي إلى الميت أقرب من ابن الأخ ، وكذلك إذا كان مكان ابن الأخ عم طريقه ما قلنا في الناسخ وإذا استوى ابنان في درجة من العصبات وفي أحدهما قرابة زائدة فهي أولى إلا أن يكون الأخ أقرب إلى الميت مثال القرابة الزائدة أخ لأب وأم وأخ لأب فالأخ من الأب وأم أولى ، ومثال السبق أخ لأب وابن أخ لأب وأم فالأخ أولى ; لأنه أسبق إلى الميت وإذا اجتمع عدد من العصبات فالمال بينهم على عدد رءوسهم لأعلى الجهات ، مثاله عشر ابن أخ وابن آخر فالمال بينهم على أحد عشر سهما لا على سهمين هذا الذي ذكرناه كله في العصبة من جهة النسب .

التالي السابق


الخدمات العلمية