لا خفاء في حسن تأخيرهما عن الفرائض والوتر في اللغة خلاف الشفع وأوتر صلى الوتر كذا في المغرب وهو في الشرع صلاة مخصوصة وهي ثلاثة ركعات بعد العشاء والنفل في اللغة الزيادة وفي الشريعة زيادة عبادة شرعت لنا لا علينا ووجوه اشتقاقه يدل على الزيادة ولهذا يسمى ولد الولد نافلة لأنه زيادة على الولد الصلبي وتسمى الغنيمة نفلا لأنها زيادة على أصل المال ( قوله الوتر واجب ) وهذا آخر أقوال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وهو الصحيح كذا في المحيط والأصح كما في الخانية وهو الظاهر من مذهبه كذا في المبسوط وروي عنه أنه فرض وعنه أنه سنة ووفق المشايخ بينهما بأنه فرض عملا واجب اعتقادا سنة ثبوتا ودليلا وأما عندهما فسنة عملا واعتقادا ودليلا لكن سنة مؤكدة آكد من سائر السنن المؤقتة كما في البدائع لظهور أثر السنن فيه حيث لا يؤذن له ولم يثبت عندهما دليل الوجوب فنفياه وأما استدلاله في الهداية لهما بأنه لا يكفر جاحده لا يفيد إذ إثبات اللازم لا يستلزم إثبات الملزوم المعين إلا إذا ساواه وهو هنا أعم فإن عدم الإكفار بالجحد لازم الوجوب كما هو لازم السنة والمدعي الوجوب لا الفرض وأما nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام فثبت عنده دليل الوجوب وهو الحديث وأحسن ما يعين منه ما رواه أبو داود مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=96580الوتر حق فمن لم يوتر فليس مني الوتر حق فمن لم يوتر فليس مني الوتر حق فمن لم يوتر فليس مني } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه
وما رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=8752أوتروا قبل أن تصبحوا } والأمر للوجوب وأما ما في الصحيحين من { nindex.php?page=hadith&LINKID=7265أنه عليه السلام أوتر على بعيره } فواقعة حال لا عموم لها فيجوز كونه كان للعذر والاتفاق على أن الفرض يصلى على الدابة لعذر الطين والمرض ونحوه أو أنه كان قبل وجوبه لأن وجوبه لم يقارن وجوب الخمس بل متأخر وقد روي أنه { عليه السلام كان ينزل للوتر } وأما { nindex.php?page=hadith&LINKID=109230حديث الأعرابي حين قال له هل علي غيرها أي الصلوات الخمس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا إلا أن تطوع } فلا يدل على عدم وجوب الوتر كما زعمه النووي في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم لأنه كان في أول الإسلام ثم وجب الوتر بعده بدليل أنه سأله عن العبادة المالية فأخبره بالزكاة فقال هل علي غيرها فقال لا كما ذكر في الصلاة مع أن صدقة الفطر فرض عندهم بدليله فما هو جوابهم عنها فهو جوابنا عنه ولا يلزم من القول بوجوبه الزيادة على الفرائض الخمس القطعية لأنه ليس بفرض قطعي وذكر في البدائع حكاية هي أن يوسف بن خالد السمتي كان من أعيان فقهاء البصرة فسأل nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة عنه فقال إنه واجب [ ص: 41 ] فقال له كفرت يا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة ظنا منه أنه يقول أنه فريضة فقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أيهولني إكفارك إياي وأنا أعرف الفرق بين الفرض والواجب كفرق ما بين السماء والأرض ثم بين له الفرق بينهما فاعتذر إليه وجلس عنده للتعلم ا هـ .
فأفاد أنه لا يجوز قاعدا وراكبا من غير عذر باتفاق nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وصاحبيه وصرح في الهداية بأنه يجب قضاؤه إذا فاته بالإجماع وصححه في التجنيس وعلل له في المحيط بقوله أما عنده فلأنه واجب وأما عندهما فلقوله عليه السلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=107958من نام عن وتر أو نسيه فليصله إذا ذكره } ا هـ .
وصرح في الكافي بأن وجوب قضائه ظاهر الرواية عنهما وروي عنهما عدمه وسيأتي أنه لا يصلى خلف النفل اتفاقا فظهر بهذا أنه لا فرق بين قوله بوجوبه وبين قولهما بسنيته من جهة الأحكام فإن السنة المؤكدة بمنزلة الواجب إلا في فساد الصبح بتذكره وفي قضائه بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس قال في التجنيس عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يقضيه بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس وبعد صلاة العصر لأنه واجب عنده فيجوز قضاؤه فيه كقضاء سائر الفرائض وعندهما لا لأنه سنة عندهما ا هـ .
لكن تعقب صاحب الهداية في فتح القدير بأنه سنة عندهما فوجوب القضاء محل النزاع وقد علمت دفعه بما في المحيط وفي الظهيرية والولوالجية والتجنيس وغيرهما أهل قرية اجتمعوا على ترك الوتر أدبهم الإمام وحبسهم فإن لم يمتنعوا قاتلهم وإن امتنعوا عن أداء السنن فجواب أئمة بخارى بأن الإمام يقاتلهم كما يقاتلهم على ترك الفرائض لما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك أنه قال لو أن أهل بلدة أنكروا سنة السواك لقاتلتهم كما نقاتل المرتدين ا هـ .
وفي العمدة اجتمع قوم على ترك الأذان يؤدبهم الإمام وعلى ترك السنن يقاتلهم زاد في الخلاصة بأن هذا إذا تركها جفاء لكن رآها حقا فإن لم يرها حقا يكفر وذكر في التحقيق لصاحب الكشف أن الواجب نوعان واجب في قوة الفرض في العمل كالوتر عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة حتى منع تذكره صحة الفجر كتذكر العشاء وواجب دون الفرض في العمل فوق السنة كتعيين الفاتحة حتى وجب سجود السهو بتركه ولكن لا تفسد الصلاة ا هـ .
وفي البدائع أن وجوبه لا يختص بالبعض دون البعض بل يعم الناس أجمع من الحر والعبد والذكر والأنثى إن كان أهلا للوجوب لعموم الدلائل .
( باب الوتر والنوافل ) .
[ ص: 41 ] ( قوله فظهر بهذا إلخ ) قال الرملي أقول : بخط شيخ شيخنا علي المقدسي كيف يكون ذلك وقد صرحوا في المتون بالفرق وفرعوا على كل قول أحكاما للآخر كفساد الفجر بتذكره وفساده بتذكر فرض قبله ا هـ .
قلت وهو عجيب ونقل العلامة الرملي له أعجب وكأن منشأه الغفلة عن قول المؤلف إلا في فساد الصبح إلخ ( قوله إلا في فساد الصبح بتذكره إلخ ) أي وإلا في عدم إعادته لو ظهر فساد العشاء دونه عنده لا عندهما قال في المنظومة
والوتر فرض ويرى بذكره في فجره فساد فرض فجره ولا يعاد الوتر إذ يعاد عشاؤه إن ظهر الفساد
ا هـ .
وإلا في فساده بتذكر فرض قبله ( قوله لكن تعقب إلخ ) عبارة الفتح قوله ولهذا وجب القضاء بالإجماع أي ثبت وإلا فوجوب القضاء محل النزاع أيضا والمعنى أنه صلاة مقضية مؤقتة فتجب كالمغرب ا هـ .
وكان الحامل له على تأويل وجب بثبت أن إيجاب القضاء بدون إيجاب الأداء مما لم يعهد كما قاله في النهر متعقبا لما مر عن المحيط ولما أجاب به بعضهم عن الهداية أن المراد إجماع الأصحاب على ظاهر الرواية عنهم ونقل جوابا آخر أن المراد إجماع الصحابة لقول nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي إن وجوبه ثبت بإجماعهم وإلى هذا يشير قول الفتح إن وجب بمعنى ثبت قال وهذا الجواب اختاره كثير من الشارحين ولا يخفى أن فيه عدولا عن الظاهر ا هـ .
وفي شرح الشيخ إسماعيل والتحقيق ما في الفتح لما يلزم على ما ذكره في البحر من تفريق الأحكام ولهذا قال في المحيط وما ذكر في الجواب في ظاهر الرواية ظاهر على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة . رحمه الله تعالى