وصحح الشارح الزيلعي أنه لا يجوز اقتداء الحنفي بمن يسلم من الركعتين في الوتر وجوزه nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الرازي ويصلي معه بقية الوتر لأن إمامه لم يخرج بسلامه عنده وهو مجتهد فيه كما لو اقتدى بإمام قد رعف واشتراط المشايخ لصحة اقتداء الحنفي في الوتر بالشافعي أن لا يفصله على الصحيح مفيد لصحته إذا لم يفصله اتفاقا ويخالفه ما ذكر في الإرشاد من أنه لا يجوز الاقتداء في الوتر بالشافعي بإجماع أصحابنا لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل فإنه يفيد عدم الصحة فصل أو وصل فلذا قال بعده والأول أصح مشيرا إلى أن عدم الصحة إنما هو عند الفصل لا مطلقا معللا بأن اعتقاد الوجوب ليس بواجب على الحنفي ا هـ .
فمراده من الأول هو قوله في شروط الاقتداء بالشافعي ولا يقطع وتره بالسلام هو الصحيح ويشهد للشارح ما في السراج الوهاج أن الاقتداء به في العيدين صحيح ولم يرد فيه خلاف مع أنه سنة عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وواجب عندنا وما نقله أصحاب الفتاوى عن ابن الفضل أن اقتداء الحنفي في الوتر بمن يرى أنه سنة كاليوسفي صحيح لأن كلا يحتاج إلى نية الوتر فلم تختلف نيتهما فأهدر اختلاف الاعتقاد في صفة الصلاة واعتبر مجرد اتحاد النية واستشكله في فتح القدير بما ذكره في التجنيس وغيره من أن الفرض لا يتأدى بنية النفل ويجوز عكسه فعلى هذا ينبغي أن لا يجوز وتر الحنفي اقتداء بوتر الشافعي بناء على أنه لم يصح شروعه في الوتر لأنه بنيته إياه إنما نوى النفل الذي هو الوتر فلا يتأدى الواجب بنية النفل وحينئذ فالاقتداء به فيه بناء على المعدوم في زعم المقتدي نعم يمكن أن يقال لو لم يخطر بخاطره عند النية صفة من السنة أو غيرها بل مجرد الوتر ينتفي المانع فيجوز لكن إطلاق مسألة التجنيس يقتضي أنه لا يجوز وإن لم يخطر بخاطره نفلية وفرضية بعد أن كان المتقرر في اعتقاده نفليته وهو غير بعيد للمتأمل ا هـ .
وحاصله ترجيح ما في الإرشاد وتضعيف تصحيح الزيلعي
وما في الفتاوى عن ابن الفضل وليس فيما ذكره دليل عليه لأن ما في التجنيس وغيره إنما هو في الفرض القطعي والوتر ليس بفرض قطعي إنما هو واجب ظني ثبت بالسنة فلا يلزم اعتقاد وجوبه للاختلاف فيه فلم يلزم في صحته تعيين وجوبه بل تعيين كونه وترا بل صرح في المحيط والبدائع بأنه ينوي صلاة الوتر والعيدين فقط وصرح بعض المشايخ كما في شرح منية المصلي بأنه لا ينوي في الوتر أنه واجب للاختلاف في وجوبه فظهر بهذا أن المذهب الصحيح صحة الاقتداء بالشافعي في الوتر إن لم يسلم على رأس الركعتين وعدمها إن سلم [ ص: 43 ] والله الموفق للصواب ثم اعلم أن قوله في فتح القدير لكن إطلاق مسألة التجنيس يقتضي إلى آخره غفلة عما ذكره صاحب التجنيس في باب الوتر منه ولفظه إذا اقتدى في الوتر بمن يراه سنة وهو يراه واجبا ينظر إن كان نوى الوتر وهو يراه سنة أو تطوعا جاز الاقتداء بمنزلة من صلى الظهر خلف آخر وهو يرى أن الركوع سنة أو تطوع وإن كان افتتح الوتر بنية التطوع أو بنية السنية لا يصح الاقتداء لأنه يصير اقتداء المفترض بالمتنفل كذا ذكره الإمام الرستغفني هذا والذي ينبغي أن يفهم من قولهم أنه لا ينوي أنه واجب أنه لا يلزمه تعيين الوجوب لا أن المراد منعه من أن ينوي وجوبه لأنه لا يخلو إما أن يكون حنفيا أو غيره فإن كان حنفيا فينبغي أنه ينويه ليطابق اعتقاده وإن كان غيره فلا تضره تلك النية فإن من المعلوم أن انتفاء الوصف لا يوجب انتفاء الأصل فيبقى الأصل وهو صلاة الوتر هنا وقد كان يخرج به عن العهدة .
[ ص: 42 ] ( قوله لأن إمامه لم يخرج بسلامه عنده ) فيه أنه إن رجع الضمير في عنده إلى المقتدي الحنفي فلا شك في أن هذا السلام عنده مخرج من الصلاة حتى جاز له بعده الكلام ونحوه وكذا إذا رجع إلى الإمام لأنه كذلك مخرج من الصلاة نعم عند الحنفي سلامه مبطل للصلاة وعند الشافعي متمم ومخرج منها ولعل المراد بقوله لم يخرج بسلامه عنده أي عند إمامه أي لم يبطل وتره لصحة فصله عنده ويكون هذا القول مبنيا على أن العبرة لرأي الإمام كما سيأتي نقله عن الهندواني وجماعة ويؤيده قوله كما لو اقتدى بإمام قد رعف ( قوله مفيد لصحته إلخ ) في هذه الإفادة نظر لأن القول بأنه يشترط لصحة الاقتداء بالشافعي عدم الفصل على الصحيح مفيد للخلاف عند عدم الفصل لا للاتفاق ولعل قوله على الصحيح سبق قلم وعبارة الفتح هنا هكذا وما ذكر في الإرشاد لا يجوز الاقتداء في الوتر بإجماع أصحابنا لأنه اقتداء المفترض بالمتنفل يخالفه ما تقدم من اشتراط المشايخ في الاقتداء بشافعي في الوتر أن لا يفصله فإنه يقتضي صحة الاقتداء عند عدم فصله ولا غبار عليها
( قوله فلذا قال بعده ) أي قال الزيلعي بعد كلام الإرشاد والأول أي اشتراط عدم القطع بالسلام أصح وفي ذلك إشارة إلى أن عدم الصحة إنما هو عند الفصل فقط ثم لينظر فيما علل به من عدم وجوب اعتقاد الوجوب على الحنفي فإن الظاهر أن من قلد nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة رحمه الله القائل بوجوبه يجب عليه اعتقاد ذلك وإلا لما وجب عليه الترتيب بينه وبين غيره واللازم باطل كما لا يخفى على أنه قد مر عن المشايخ في الجمع بين الروايات أنه واجب اعتقادا أي واجب اعتقاده لأنه تمييز محول عن الفاعل وأما قول الأصوليين أنه لازم عملا لا علما فالمراد نفي العلم القطعي ولذا قال المصنف في المنار وحكمه اللزوم عملا لا علما على اليقين ويمكن حمل كلام الزيلعي عليه بأن يكون معنى قوله ليس بواجب عليه نفي الافتراض واليقين أي لا يفترض عليه اعتقاد الوجوب ليظهر الفرق بينه وبين الصلوات الخمس فإنها واجبة عملا وعلما أي يلزمه فعلها واعتقادها
( قوله فلا يلزمه اعتقاد وجوبه ) فيه ما مر فتدبر [ ص: 43 ] ( قوله ولفظه إذا اقتدى إلخ ) هذا كما يدفع قول الفتح يقتضي إلخ يدفع قوله أيضا لأنه بنيته إياه إنما نوى النفل إلخ لأنه يقال عليه أنه نوى صلاة مخصوصة عينها بالوترية وهذا كاف في صحة الاقتداء كما دلت عليه عبارة التجنيس هذه وقد دلت أيضا على أن قول التجنيس أولا أن الفرض لا يتأدى بنية النفل معناه إذا نوى صريح النفل كالسنة أو التطوع فالنية بعنوان الوترية ليست نية النفلية قال في النهر بعد تقريره لحاصل ما قلنا وإذا تحققت هذا ظهر لك أن قوله في البحر ما في التجنيس أولا في الفرض القطعي والوتر ليس كذلك غير صحيح إذ مفاده أن الوتر يتأدى بنية النفل وهو خلاف الواقع فتدبره ا هـ .
وهو ظاهر وإن قال بعضهم أنه ليس بصواب بل مفاده جوازه بعنوان الوترية فتدبر
( قوله والذي ينبغي إلخ ) أقول : هذا خلاف الظاهر المتبادر من كلامهم بل المفهوم منه أن يقتصر على نية الوتر من غير تعيين وجوب وعبارة المحيط والبدائع صريحة في ذلك وإنما قالوا كذلك للاختلاف في وجوبه وسنيته فليس بواجب قطعا ولا بسنة قطعا فإذا أطلقه عن الوجوب يكون موافقا لكل من القولين ولا يخفى أن ما كان سنة وإن كان لا تضره نية الوجوب لكنه خلاف الأولى فكان الأولى عدم تعيين الوجوب سيما وقد قيل إنه فرض كما هو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام كما مر قال في شرح المنية قال أبو بكر ابن العربي في العارضة مال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وأصبغ من المالكية إلى وجوبه يريد به الفرض وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=11939أبي بكر أنه واجب أي فرض وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال في شرح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة أنه واجب على أهل القرآن دون غيرهم والمراد بالوجوب الفرض واختار الشيخ علم الدين السخاوي المقري أنه فرض وعمل فيه جزاء وساق الأحاديث الدالة على فرضيته ثم قال فلا يرتاب ذو فهم بعد هذا أنها ألحقت بالصلوات الخمس في المحافظة عليها وفي المغني عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل شهادته ا هـ ما في شرح المنية فلا جرم قال المشايخ بنية الوتر فقط ليخرج عن العهدة بيقين فتأمل منصفا .