وهو يفيد أن هذه السنة تحصل بالتنفل بعد صلاة العشاء قبل النوم وقد تردد في فتح القدير في صلاة التهجد أهي سنة في حقنا أم تطوع وأطال الكلام على وجه التحقيق كما هو دأبه وأوسع منه ما ذكره في أواخر شرح منية المصلي ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان وليلتي العيدين وليالي عشر ذي الحجة وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث وذكرها في الترغيب والترهيب مفصلة والمراد بإحياء الليل قيامه وظاهره الاستيعاب ويجوز أن يراد غالبه ويكره الاجتماع على إحياء ليلة من هذه الليالي في المساجد قال في الحاوي القدسي ولا يصلى تطوع بجماعة غير التراويح وما روي من الصلوات في الأوقات الشريفة كليلة القدر وليلة النصف من شعبان وليلتي العيد وعرفة والجمعة وغيرها تصلى فرادى انتهى ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب [ ص: 57 ] في أول ليلة جمعة منه وأنها بدعة وما يحتاله أهل الروم من نذرها لتخرج عن النفل والكراهة فباطل وقد أوضحه العلامة الحلبي وأطال فيه إطالة حسنة كما هو دأبه وفي الفتاوى البزازية
[ ص: 54 ] ( قوله لأنها ثابتة بيقين ) تعليل للمنفي وقوله ويكون مستأنف والأولى أن يكون مجزوما عطفا على تكن المنفي بلم وقوله لأنه لم يذكر تعليل للنفي أعني قوله لم تكن وحاصل كلامه أن الحديثين المذكورين قد اتفقا على ركعتين وزاد أحدهما على الآخر ركعتين ومقتضى ذلك أن يكون ما اتفقا عليه سنة لأنه ثابت منهما بيقين ويكون الأربع مستحبا والجواب أنه لم يكن كذلك لأنه لم يذكر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها للعصر سنة راتبة لا ركعتين ولا أربعا فيقتضي عدم المواظبة على الركعتين أيضا ولا بد من المواظبة حتى تثبت السنة هذا ومقتضى الحديث الأول أن الأولى في الأربع الفصل لكن ذكر الشيخ إسماعيل عن الترمذي أن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن إبراهيم اختار أن لا يفصل في الأربع قبل العصر واحتج بهذا الحديث وقال معنى أنه يفصل بينهن بالتسليم يعني التشهد ا هـ .
ولعله جواب علمائنا أيضا ( قوله ولم ينقلوا حديثا فيه بخصوصه ) نقل في الاختيار عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها { أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي قبل العشاء أربعا ثم يصلي بعدها أربعا ثم يضطجع } ا هـ .
ونقله عنه أيضا في إمداد الفتاح ثم قال وذكر في المحيط إن تطوع قبل العصر بأربع وقبل العشاء بأربع فحسن لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لم يواظب عليها ( قوله فإنه نص في مواظبته على الأربع إلخ ) لأن مفاد الحديث أنه صلى الله تعالى عليه وسلم تارة يصلي ستا وتارة يقتصر على الأربع وعلى كل فالأربع مواظب عليها لأنها بعض الستة ( قوله وقد يقال إلخ ) أي قد يقال في دفع المواظبة .
أقول : ولي هنا نظر لأنه لا يخلو من أن يكون المراد من الركعتين في هذه المواضع المذكورة في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنها الراتبة أو غير الراتبة فإن كان الأول يرد مثل ما أورده في التي قبل الظهر والتي بعد الجمعة فإنه يقتضي عدم المواظبة على الأربع فيهما وإن كان الثاني وهو الذي جمع به في الفتح بين هذا الحديث وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=109257كان يصلي أربعا قبل الظهر } بقوله أما بأن الأربع كان يصليها عليه السلام في بيته وما رآه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر تحية المسجد أو بأن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يرى تلك وردا آخر سببه الزوال وهو مذهب بعض العلماء ا هـ .
ثم ذكر حديث { nindex.php?page=hadith&LINKID=109258أنه عليه السلام كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس } ثم قال وقد صرح بعض مشايخنا بعين هذا الحديث على أن سنة الجمعة كالظهر لعدم الفصل فيه بين الظهر والجمعة ولم يجب عن التي بعد الجمعة ولا التي بعد العشاء فيقتضي أن الأربع بعد الجمعة غير راتبة وأن الركعتين بعد العشاء هي الراتبة وبه يتم ما ذكره المؤلف من الدفع لكن يحتاج إلى الجواب عن التي بعد الجمعة نعم هو ظاهر على رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ذكرها في الذخيرة أنها ركعتان فليتأمل وقد يقال أنها الركعتان الزائدتان على الأربع كما هو قول nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف كما مر
( قوله واختار الأول فيهما ) أي اختار ما تضمنه الترديد الأول في كل من المسألتين لكن يرد عليه ما ذكروه في صلاة الست بعد المغرب فإن مقتضى كلامه أن الأولى فيها أن تكون بتسليمة واحدة وقد صرح بأن الراتبة تحتسب منها والتصريح بخلاف كل ثابت قال الشيخ إسماعيل وفي المفتاح [ ص: 55 ] وندب ست ركعات بعد المغرب يعني غير سنة المغرب لقوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=109259من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن عبادة ثنتي عشرة سنة } كذا في الإيضاح ا هـ .
وفي الغزنوية وصلاة الأوابين وهي ما بين العشاءين ست ركعات بثلاث تسليمات قال أبو البقاء القرشي في شرحها يصلي ست ركعات بنية صلاة الأوابين يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة { قل يا أيها الكافرون } مرة { وقل هو الله أحد } ثلاث مرات قاله الشيخ عبد الله البسطامي ا هـ .
وكذلك صرح في التجنيس وغرر الأذكار بأنها بثلاث تسليمات ثم قال في الغرر الأذكارية وفسره يعني nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا راوي الحديث بثلاث تسليمات ا هـ .
كلام الشيخ إسماعيل ثم قال مع أن الحديث يشير إلى ذلك حيث قال لم يتكلم فيما بينهن بسوء إذ مفهومه أنه لو تكلم بخير استحق الموعود ا هـ فظهر أنها ست مستقلة كما هو صريح المفتاح وظاهر شرح الغزنوية وأنها بثلاث تسليمات وإن قال في الدرر والتنوير أنها بتسليمة واحدة قال الرملي والذي يظهر لي في وجه الفرق بين هذه الست وبين الأربع في الظهر والعشاء أنها لما زادت عن الأربع وكان جمعها بتسليمة واحدة خلاف الأفضل لما تقرر أن الأفضل فيهما رباع عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ولو سلم على رأس الأربع لزم أن يسلم في الشفع الثالث على رأس الركعتين فيكون فيه مخالفة من هذه الحيثية فكان المستحب فيه ثلاث تسليمات ليكون على نسق واحد هذا ما ظهر لي من الوجه ولم أره لغيري فليتأمل ا هـ وهو حسن
( قوله ولم يذكر المصنف من المندوبات إلخ ) أقول : لم يذكر المؤلف أيضا صلاة التوبة وصلاة الوالدين وصلاة ركعتين عند نزول الغيث وركعتين عند الخروج إلى السفر وركعتين في السر لدفع النفاق والصلاة حين يدخل بيته ويخرج توقيا عن فتنة المدخل والمخرج كما في شرح الشيخ إسماعيل عن الشرعة ( قوله ولم أر إلخ ) .
أقول : لم يذكر وقتها المختار وفي شرح الشيخ إسماعيل عن الشرعة ويتحرى لها وقت تعالي النهار حتى ترمض الفصال من الظهيرة قال وفي شرحها تعالي النهار علوه وارتفاعه وترمض من باب علم أي تحترق أخفاف الفصال جمع فصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه والظهيرة نصف النهار هذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم كما ذكره في المشارق من قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=20758صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال } قال الشيخ إسماعيل أقول : ومقتضاه أفضلية كونها أقرب إلى الظهيرة ا هـ .
قلت : وفي شرح المنية عن الحاوي ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار ثم ذكر الحديث وذكر الشيخ إسماعيل عن الشرعة أنه يقرأ فيها سورتي الضحى أي سورة { والشمس وضحاها } وسورة { والضحى والليل } ا هـ .
قلت رأيت في التحفة لابن حجر الشافعي ما نصه : قال بعضهم : ويسن قراءة والشمس والضحى لحديث فيه رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ا هـ .
قال ولم يبين أنه يقرؤهما فيما إذا زاد على ركعتين في كل ركعتين من ركعاتها أو في الأوليين فقط وعليه فما عداهما يقرأ فيه الكافرون والإخلاص كما علم مما مر ا هـ .
( قوله وقد تردد في فتح القدير إلخ ) حيث قال بقي أن صفة صلاة الليل في حقنا السنة أو الاستحباب يتوقف على صفتها في حقه صلى الله تعالى عليه وسلم فإن كانت فرضا في حقه فهي مندوبة في حقنا لأن الأدلة القولية فيها إنما تفيد الندب والمواظبة الفعلية ليست على تطوع لتكون سنة في حقنا وإن كانت تطوعا فسنة لنا وقد اختلف العلماء في ذلك ثم ذكر الأدلة للفريقين والذي حط عليه كلامه أن الفرضية منسوخة كما قالته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في حديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي ( قوله ومن هنا يعلم إلخ ) قال الشيخ إسماعيل وقد ذكر الغزنوي صلاة الرغائب ثنتي عشرة ركعة بين العشاءين بست تسليمات وصلاة الاستفتاح عشرين ركعة في النصف من رجب به صلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة بخمسين تسليمة وينبغي حمله على الانفراد كما مر وصلاة ليلة النصف [ ص: 57 ] ذكرها الغافقي المحدث في لمحات الأنوار وصاحب أنس المنقطعين وأبو طالب المكي في القوت عبد العزيز الديريني في طهارة القلوب وابن الجوزي في كتاب النور والغزالي في الإحياء قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الحافظ الطبري جرت العادة في كل قطر من أقطار المكلفين بتطابق الكافة على صلاة مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان بألف قل هو الله أحد وتروى في صحتها آثار وأخبار ليس عليها الاعتماد
ولا نقول أنها موضوعة كما قال الحافظ ابن الجوزي فإن الحكم بالوضع أمره خطير وشأنه كبير مع أنها أخبار ترغيب والعامل عليها بنيته يثاب ويصدق عزمه وإخلاصه في ابتهاله يجاب والأولى تلقيها بالقبول من غير حكم بصحتها ولا حرج في العمل بها ا هـ .
( قوله وفي الفتاوى البزازية ) أي وأوضحه في الفتاوى البزازية .