وقد قدمنا عن مآل الفتاوى أنه يصلي المغرب أربعا بثلاث قعدات وكذا الوتر وذكر في القنية قولين فيها وأن الإعادة أحسن إذا كان فيها اختلاف المجتهدين وقد قدمنا أن الإعادة فعل مثله في وقته لخلل غير الفساد وعدم صحة الشروع وظاهره أن بخروج الوقت لا إعادة ويتمكن الخلل فيها مع أن قولهم كل صلاة أديت مع الكراهة فسبيلها الإعادة وجوبا مطلق وفي القنية ما يفيد التقييد بالوقت فإنه قال إذا لم يتم ركوعه ولا سجوده يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده ثم رقم رقما آخر أن الإعادة [ ص: 87 ] أولى في الحالتين ا هـ .
فعلى القولين لا وجوب بعد الوقت فالحاصل أن من ترك واجبا من واجباتها أو ارتكب مكروها تحريميا لزمه وجوبا أن يعيد في الوقت فإن خرج الوقت بلا إعادة أثم ولا يجب جبر النقصان بعد الوقت فلو فعل فهو أفضل ولهذا حمل صاحب القنية قولهم بكراهة قضاء صلاة عمره مرة ثانية على ما إذا لم يكن فيها شبهة الخلاف ولم تكن مؤداة على وجه الكراهة وفي التجنيس وغيره رجل فاتته صلاة من يوم واحد ولا يدري أي صلاة هي يعيد صلاة يوم وليلة لأن صلاة يوم كانت واجبة بيقين فلا يخرج عن عهدة الواجب بالشك وإذا شك في صلاة أنه صلاها أم لا فإن كان في الوقت أن يعيد لأن سبب الوجوب قائم وإنما لا يعمل هذا السبب بشرط الأداء قبله وفيه شك وإن خرج الوقت ثم شك فلا شيء عليه لأن سبب الوجوب قد فات وإنما يجب القضاء بشرط عدم الأداء قبله وفيه شك وإن شك في نقصان الصلاة أنه ترك ركعة وإن لم يفرغ من الصلاة فعليه إتمامها ويقعد في كل ركعة وإن شك بعدما فرغ وسلم لا شيء عليه لما قلنا ا هـ .
وذكر في الخلاصة في مسألة الشك في الصلاة هل صلاها أو لا وكان في الوقت لو كان الشك في صلاة العصر يقرأ في الركعة الأولى والثانية ولا يقرأ في الثالثة والرابعة ا هـ .
وكان وجهه أن التنفل بعد صلاة العصر [ ص: 88 ] مكروه فإن قرأ في الكل أو في الأوليين كان متنفلا بالأربع أو بالأوليين على تقدير أنه صلى الفرض أولا وإذا ترك القراءة في ركعة من كل شفع تمحض للفرض على تقدير أنه لم يصل أو للفساد على تقدير أنه صلى الفرض أولا فلم يكن متنفلا على كل تقدير لكن مقتضاه أن يقول يقرأ في كل شفع من الشفعين في ركعة ويترك القراءة في ركعة من كل شفع من غير تعيين الأولى والثانية للقراءة لأن القراءة في الفرض في ركعتين غير عين كما سبق تقريره وقد يقال إن التنفل المكروه والقصدي وهذا ليس كذلك فلا يكون مكروها كما لا يخفى فيقرأ في الأولين أو في الكل وفي الحاوي القدسي لو شك في إتمام صلاته فأخبره عدلان أنك لا تتم أعاد وبقول الواحد لا تجب الإعادة ا هـ .
وفيه بحث لأن خبر الواحد العدل مقبول في الديانات اللهم إلا أن يقال إن فيه إلزاما من كل فشابه حقوق العباد وقيده في المحيط بالإمام وعلله لأنها شهادة لأن حكمه يلزم الغير دون المخبر وشهادة الفرد لا تقبل ا هـ .
ووجهه إن ترك القراءة في ركعة واحدة لا يبطلها في سائر الصلوات إلا الفجر والوتر وينبغي تقييده بأن لا يكون مسافرا أما لو كان مسافرا فينبغي أن يعيد صلاة يوم وليلة كما لا يخفى وفي المحيط رجل صلى شهرا ثم تذكر أنه ترك عشر سجدات من هذه الصلوات يقضي صلوات عشرة أيام لجواز أنه ترك كل سجدة في يوم ا هـ .
وهو إن صح يكون مخصصا للمتون وفي صحته نظر عندي لأنه بالبلوغ صار مكلفا اللهم إلا أن يكون جاهلا به فيعذر لقرب عهده من زمن الصبا .
( قوله فلا قضاء على مجنون ) إلى قوله ولا على مرتد العبارة مقلوبة وحق التعبير المناسب لما نحن فيه أن يقال فلا قضاء على مجنون في حالة عقله ما فاته حال جنونه كما لا قضاء عليه حالة جنونه ما فاته في حالة عقله لأن المراد بيان محترز قوله بعد ثبوت وجوبها ( قوله سنة في السنة ) يرد على عمومه الوتر على قولهما فإن ظاهر الرواية وجوب قضائه عندهما أيضا كما مر مع قولهما بسنيته لكن قد يجاب بأن كلامه مبني على قول nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام صاحب المذهب ( قوله وقال في حديث آخر إلخ ) هذا أولى من قول الهداية ثم قال صلوا لإيهامه أنهما حديث واحد [ ص: 87 ] ( قوله فالحاصل أن من ترك واجبا إلخ ) نقل الخير الرملي عن العلامة المقدسي أنه يجب أن لا يعتمد على هذا لما ذكره قريبا من قولهم كل صلاة أديت مع الكراهة سبيلها الإعادة مطلقا وأول قول القنية إذا لم يتم ركوعه ولا سجوده إلخ على ما إذا لم يطمئن فيها زيادة اطمئنان قلت وفي هذا التأويل نظر نعم ظاهر كلامهم يقتضي الوجوب خارج الوقت أيضا ويدل عليه ما قدمناه عن شرح التحرير من أن الإعادة واجبة وأن تقييدها بكونها في الوقت مبني على ما قاله البعض فإن مقتضى هذا وجوبها بعد الوقت أيضا وعلى هذا يحمل كلام القنية على ظاهره ويكون قوله يؤمر بالإعادة في الوقت لا بعده مبنيا على قول من قيد الإعادة بالوقت وهاهنا توفيق آخر موافق لما ذكره المؤلف في هذا الحاصل ودافع لما توقف فيه أولا ولما اعترض به عليه المقدسي وهو أن نقول الإعادة فعل مثله في وقته كما مشى عليه المؤلف تبعا للتحرير وغيره وقولهم كل صلاة أديت مع الكراهة فسبيلها الإعادة وجوبا غير مطلق بناء على هذا التعريف للإعادة لأنها بعد الوقت لا تسمى إعادة كما مر عن التحرير فصار معناه سبيلها وجوب الإعادة في الوقت وينطبق عليه كلام القنية وما رقم له في القنية ثانيا يكون مبنيا على القول بعدم وجوب الإعادة الذي مشى عليه شراح أصول فخر الإسلام كما مر ونقله القهستاني عن المضمرات بصيغة الأولى الإعادة قال ومثله في المحيط والقنية ونوادر الفتاوى والترغيب ا هـ .
وذكر في المعراج أن في المبسوط ما يدل على الأولوية والاستحباب وعلى القول بالوجوب يكون فعلها بعد الوقت أفضل كما حمل عليه المؤلف كلام القنية الآخر وتحصل من هذا أن من قال بوجوب الإعادة يقيدها بالوقت كما قال المصنف في شرح المنار الإعادة الإتيان بمثل ما فعل أولا مع نقصان فاحش ذاتا مع صفة الكمال لأنه إذا وجب على المكلف فعل موصوف بصفة فأداه ناقصا نقصانا فاحشا يجب عليه إعادته في وقته ا هـ .
ويكون على هذا القول فعلها بعد الوقت أفضل كما أفاده كلام القنية في مسألة قضاء صلاة العمر وعلى القول الآخر في الإعادة يكون هي الأفضل في الوقت وبعده كما أفاده ما رقم له في القنية ثانيا فقد ظهر لك أن ما ذكره المؤلف في هذا الحاصل موافق لما ذكره في تعريف الإعادة وأنه لا مخالفة بين التعريف وبين قولهم كل صلاة إلخ خلافا لما يفهم من قوله وقد قدمنا إلخ واندفع ما ذكره المقدسي بقي هنا شيء لم يتعرض له المؤلف وهو أنه لو أداها مع كراهة التنزيه فالأفضل إعادتها أيضا كما ذكره الشرنبلالي في إمداد الفتاح مستدلا بعموم قول التجنيس كل صلاة أديت مع الكراهة فإنها تعاد لا على وجه الكراهة قال وهذا شامل للإعادة بكراهة التنزيه ولا يمنع منه تمثيل الشيخ أكمل الدين بالواجب في قوله وتعاد على وجه غير مكروه أي تعاد الصلاة للاحتياط على وجه ليس فيه كراهة وهو الحكم في كل صلاة أديت مع الكراهة كما إذا ترك واجبا من واجبات الصلاة . ا هـ .
لأن الإعادة بترك الواجب واجبة فلا يمنع أن تكون الإعادة مندوبة بترك سنة لأن المكروه موجود بترك السنة والنكرة في سياق النفي بقوله تعاد على وجه ليس فيه كراهة تعم المكروه تنزيها وتحريما ا هـ .
كلام الشرنبلالي قلت ويوافقه ما قال القهستاني وفي التمرتاشي لو صلى وفي ثوبه صورة وجب الإعادة وقال nindex.php?page=showalam&ids=13867أبو اليسر هذا هو الحكم في كل صلاة أديت مع كراهة التحريم وفيه إشعار بأن كراهة التنزيه لا توجب وجوب الإعادة وكذا كراهة التحريم عند غير nindex.php?page=showalam&ids=13867أبي اليسر بل الأولى أن تعاد عندهم ا هـ .
وفي مكروهات الصلاة من فتح القدير والحق التفصيل بين كون تلك الكراهة كراهة تحريم فتجب الإعادة أو تنزيه فتستحب ا هـ .
فاغتنم هذا التحرير . [ ص: 88 ] ( قوله فيفيد أنه لو لم يكن إماما إلخ ) إن كان مراده أن المفيد لذلك التقييد بالإمام فمسلم لكن التعليل يشمل غيره أيضا تأمل ( قوله وفي صحته نظر عندي إلخ ) قال في النهر يمكن تخريجه على ما روى nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن أن من جهل فرضية الترتيب يلحق بالناسي واختاره جماعة من أئمة بخارى كما في البناية والتقييد بالصبي يرشد إليه ا هـ .
قلت : وسيذكر المؤلف هذه الرواية عن المجتبى في شرح قول المتن والنسيان .