( قوله ويغسل إن قتل جنبا أو صبيا ) بيان لشرطين آخرين للشهادة الأول الطهارة من الجنابة الثاني التكليف أما الأول فهو قوله وقالا الجنب شهيد ; لأن ما وجب بالجنابة سقط بالموت ، وله أن الشهادة عرفت مانعة غير رافعة فلا ترفع الجنابة وقد صح أن nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة لما استشهد جنبا غسلته الملائكة ، وعلى هذا الخلاف الحائض والنفساء إذا طهرتا ، وكذا قيل الانقطاع في الصحيح من الرواية كذا في الهداية ، وفي معراج الدراية ، وإنما لم يعد النبي صلى الله عليه وسلم غسل nindex.php?page=showalam&ids=15776حنظلة ; لأن الواجب تأدى بدليل قصة آدم عليه السلام ، ولم تعد أولاده غسله ، وهو الجواب عن قولهما لو كان واجبا لوجب على بني آدم ولما اكتفى به إذ الواجب نفس الغسل فأما الغاسل يجوز من كان كما في قصة آدم ا هـ .
وفيه أن هذا الغسل عنده للجنابة لا للموت قيد بقوله جنبا ; لأنه لو قتل محدثا حدثا أصغر فإنه لا يغسل والفرق بين الحدثين عنده هو أن سقوط غسل أعضاء الوضوء لمعنى ضروري ; لأن الموت لا يخلو عن حدث قبله لعدم خلوه من زوال العقل فكانت الشهادة رافعة له ضرورة ، ولا ضرورة في الجنابة ; لأن الموت يخلو عنها فلا تكون رافعة في حقها ، وفي الخبازية هذا الجواب في النفساء مجرى على إطلاقه ; لأن أقل النفاس لا حد له أما في الحائض فمصورة فيما إذا استمر بها الدم ثلاثة أيام ثم قتلت قبل الانقطاع أو بعده أما لو رأت يوما أو يومين دما وقتلت لا تغسل بالإجماع ذكره التمرتاشي لعدم كونها حائضا ا هـ .
وأما الثاني فعلى الخلاف أيضا لهما أن الصبي أحق بهذه الكرامات ، وله أن السيف كفى عن الغسل في حق شهداء أحد بوصف كونه مطهرة ، ولا ذنب للصبي فلم يكن في معناهم فعلى هذا الخلاف المجنون ، وقد يقال ينبغي تخصيصه بمجنون بلغ مجنونا أما من بلغ عاقلا ثم جن فهو محتاج إلى ما يطهره إذ ذنوبه الماضية لم تسقط عنه بجنونه إلا أن يقال إن المجنون إذا استمر على جنونه حتى مات لم يؤاخذ بما مضى ; لأنه لا قدرة له على التوبة ، ولم أر نقلا في هذا الحكم .
[ ص: 213 ] ( قوله : وفيه أن هذا الغسل إلخ ) تنظير فيما قاله في المعراج من الاستدلال بقصة آدم عليه السلام ; لأن هذا الغسل عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة للجنابة لا للموت وما في القصة غيره ، واعلم أن هذا الغسل لا يخلو إما أن يكون للجنابة أو للموت ، فإن كان للجنابة فهو يتأدى من أي غاسل كان والجواب عن قولهما حينئذ ظاهر ، وإن كان للموت وهو ظاهر كلام المعراج كما هو قضية تنظيره بقصة آدم عليه السلام فالجواب مشكل لما مر من أنه لا بد في إسقاط الفرض من فعل المكلفين حتى لو وجد في البحر لا بد من تغسيله فقوله إذ الواجب نفس الغسل إلخ غير ظاهر ويجاب عن قصة آدم بأن ذلك أول تعليمه للوجوب فجاز أن يسقط بفعل الملائكة بخلاف ما بعد الأول فلا يسقط إلا بفعل المكلفين والذي يشعر به قول البدائع أن الجنابة علة الغسل وقوله كالفتح أيضا أن الشهادة عرفت مانعة من حلول نجاسة الموت لا رافعة لنجاسة كانت قبلها . ا هـ .
أن الغسل للجنابة كما قاله المؤلف لا للموت وقضيته أنه لو وجد في بحر لم يجب إعادة غسله وهل الحكم كذلك لم أره فليراجع . ( قوله : وأما الثاني ) أي التكليف ( قوله إلا أن يقال إن المجنون إذا استمر إلخ ) قال في النهر ، ولا يخفى أن هذا مسلم فيما إذا جن عقب المعصية أما لو مضى بعدها زمن يقدر فيه على التوبة فلم يفعل كان تحت المشيئة . ا هـ .