صفحة جزء
قلت : أرأيت النفل هل يصلح للإمام أن ينفل بعدما صارت الغنيمة في يديه ، أو هل يصلح له أن ينفل من قبل أن يغنموا ، يقول من جاء بشيء فله ثلثه أو خمسه أو نصفه أو ما أشبه ذلك ، قال : سئل مالك عن النفل أيكون في أول مغنم ؟

قال : ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام ، ليس عندنا في ذلك أمر معروف إلا الاجتهاد من الإمام قال : ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل في مغازيه كلها ، وقد بلغني أنه نفل في بعضها ، وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام في أول مغنم وفيما بعده .

قلت : ففي قول مالك هذا أنه لا بأس بأن ينفل الإمام في الغنيمة بعدما صارت غنيمة وصارت في يديه ؟

قال : نعم على وجه الاجتهاد منه ، ولا يكون ذلك إلا في الخمس ، كذلك قال لي مالك لا نفل إلا في الخمس .

قلت : أرأيت هذا الذي نفله الإمام للناس أهو من الخمس أم هو من جملة الغنيمة ؟

قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : النفل من الخمس مثل قول سعيد بن المسيب ، قلت : قبل أن يغنموا أو بعد أن يغنموا أهو من الخمس في قول مالك ؟

قال : أما ما نفل الإمام بعد الغنيمة من الخمس فذلك جائز عند مالك ، وأما ما نفل قبل الغنيمة فذلك عنده لا يجوز .

ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن الجعفي عن صالح بن محمد بن زائدة الليثي ، أن مكحولا حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نفل من نفل يوم خيبر من الخمس ابن وهب ، قال مالك وأخبرني أبو الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول : إنما كان الناس يعطون النفل من الخمس ، قال : قال مالك : وذلك أحسن ما سمعت ، ابن وهب عن سليمان بن بلال وغيره عن يحيى بن سعيد ، أنه سمع ابن المسيب يقول ذلك .

قال ابن وهب وأخبرني مالك ورجال من أهل العلم ، عن نافع عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله بعث سرية فيها عبد الله بن عمر فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا . وابن وهب عن ابن لهيعة عن سليمان بن موسى أنه قال : لا نفل في عين ولا فضة . ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال : بلغنا أن من الأنفال السلب والفرس ، وقد بلغنا أن رسول الله كان ينفل بعض من كان يبعث من السرايا فيعطيهم النفل خاصة لأنفسهم سوى قسم عامة الجيش . مالك عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد ، أنه سمع رجلا يسأل عبد الله بن عباس عن الأنفال ، فقال عبد الله بن عباس : الفرس من النفل والسلب من النفل ، ثم أعاد المسألة فقال : الأنفال التي قال الله تبارك وتعالى ما هي ؟ قال القاسم بن محمد : فلم يزل يسأله حتى كاد أن يحرجه فقال ابن عباس أتدرون ما مثلي ومثل هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية