في
الرجل يجعل عتق عبده في يده في مجلسهما
قلت : أرأيت إن
قال لعبده : أعتق نفسك في مجلسك هذا ، فوض ذلك إليه . فقال العبد : قد اخترت نفسي ينوي العبد بذلك العتق ، أيكون حرا أم لا ؟
قال : إذا نوى العبد بذلك الحرية عتق لأن قوله هذا : قد اخترت نفسي ، هو من حروف العتق .
فقلت : ويجعل القول قوله إنه إنما أراد بذلك العتق ؟
قال : نعم .
قلت : فإن لم ينو العبد بذلك الحرية فلا حرية له ؟
قال : نعم لا حرية له إذا لم يرد بذلك الحرية .
قلت : فإن قال : أنا أدخل الدار ينوي بذلك العتق ؟
قال : هذا لا يكون بقوله : أنا أدخل الدار حرا ; لأن هذا ليس من حروف العتق .
قلت : فلو أن السيد
قال لعبده : ادخل الدار ، وهو يريد بلفظه ذلك حرية العبد ؟
قال : هو حر عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إذا أراد بذلك اللفظ عتق العبد .
قلت : ما فرق ما بين قول السيد لعبده : ادخل ، ينوي بذلك اللفظ حرية العبد ، وبين قول العبد : أنا أدخل الدار ، ينوي بذلك اللفظ حرية نفسه في هذا الذي فرض سيده إليه العتق ؟
قال : لأن العبد مدع في ذلك فلا يصدق لأنه لم يتكلم بالعتق ولا بحروف العتق ، فالسيد ههنا مصدق على نفسه والعبد لا يصدق في هذا على سيده وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لامرأته : أمرك بيدك ، فقالت : أنا أدخل بيتي ، ثم جاءت بعد ذلك تدعي أنها أرادت الطلاق لم يقبل قولها .
قلت : فإن
قالت المرأة أو قال العبد أما إذا لم تجز وأما ما كان من قولنا ذلك فنحن [ ص: 402 ] نطلق ونعتق الآن من ذي قبل ؟ قال : لا يكون ذلك إليهما ، قلت : وإن كان ذلك المجلس الذي فوض فيه الزوج والسيد إليهما ؟
قال : نعم ، لا يكون إليهما من ذلك شيء لأنهما قد تركا ذلك حين أجابا بغير طلاق ولا عتاق .
قلت : فإن سكتا حتى تفرقا ، أليس ذلك في أيديهما في يد المرأة وفي يد العبد ؟
قال : لا ، إلا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الآخر وليس عليه جماعة الناس ولا أهل
المدينة وليس ذلك رأيي .
قلت : فلم لا يكون عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك هذا العبد والمرأة أن تطلق وأن يعتق في ذلك المجلس إذا أبطلت قولهما الأول ؟
قال : لأنهما بالقول الأول تاركان لما جعل إليهما حين أجابت وأجاب العبد بجواب لم يلزم السيد ، فليس لهما بعد ذلك قضاء لا في قوله الأول ولا في الآخر عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وفي السكوت هما على أمرهما عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك حتى يجيء من ذلك ما يعلم أنهما قد تركا ما كان جعل إليهما ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا سئل إذا كان يقول ذلك لهما ما كانا في مجلسهما ، فإن تفرقا فلا شيء لهما فقيل
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك : فإن طال المجلس بهما فقال : إذا طال ذلك حتى يرى أنهما قد تركا ذلك أو يخرجان من الذي كانا فيه إلى كلام غيره ، يستدل بذلك على أنهما تركا لما كانا فيه بطل ما جعل في أيديهما من ذلك ، فهي إذا جاءت بجواب لا يلزم الزوج فهي بمنزلة من ترك ما كان لها من ذلك لأنها قد قضت بقضاء لا يلزم الزوج فليس لها أن تقضي بذلك ، ألا ترى أنها في قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الآخر أن ذلك لها وإن قامت من مجلسها إلا أن توقفه أو تتركه يطؤها أو يباشرها أو نحو ذلك ، فيكون ذلك تركا لما في يديها من ذلك ، فكذلك إذا قضت بما لا يلزم الزوج في الذي جعل إليها فليس لها بعد ذلك في ذلك الأمر قليل ولا كثير .
قال
ابن القاسم : ورأيي على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك الأول وعليه جماعة الناس : أنهما إذا تفرقا ولم يقض بشيء فليس لها من بعد ذلك قضاء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وقال غيره : إذا قال لعبد : عتقك في يديك .
فقال : فقد اخترت نفسي أو قال له : أمرك في يديك في العتق .
فقال له : قد اخترت نفسي : إنه حر وإن زعم أنه لم يرد بذلك العتق بمنزلة المرأة تقول : قد اخترت نفسي ، فهي طالق ، وإن قالت : لم أرد الطلاق . وإن قال العبد : أنا أدخل الدار أو أنا أذهب أو أخرج لا يكون هذا عتقا إلا أن يكون أراد بقوله بذلك العتق ، فإن كان أراد بذلك العتق فهو عتق ; لأن هذا من كلام يشبه أن يكون يريد به العتق