صفحة جزء
شهادة الصبيان بعضهم على بعض قال وسئل مالك عن غلامين لم يبلغا الحلم اقتتلا ، فقتل أحدهما صاحبه ، فقال الميت : فلان قتلني وشهد على لسانه واعترف القاتل الحي أنه فعل ذلك به ، أترى أن يؤخذ بقول الميت ويقسم عليه ، أو باعتراف القاتل الحي لصاحبه ؟ فقال مالك : لا ينفعك هذا إلا بالشهود ولا ينفعك قول الميت ولا إقرار الحي . فقال له صاحبه ، لا يكون في هذا قسامة فقال : لا أرى ذلك . قلت : أرأيت قول مالك : تجوز شهادة الصبيان بعضهم على البعض ما لم يتفرقوا ، أو يدخل بينهم كبير أو يخببوا في أي شيء كان ذلك ؟ قال : في الجراحات والقتل إذا شهد فيه اثنان فصاعدا قبل أن يتفرقا ، وكان ذلك صبيان كلهم . ولا تجوز فيه شهادة واحد ولا تجوز شهادة الإناث أيضا من الصبيان في الجراحات فيما بينهم ، ولا تجوز شهادة الصبيان الكبيران ، كانوا شهدوا له على صبي أو على كبير ، وليس في الصبيان قسامة فيما بينهم بعضهم لبعض ، إلا أن يقتل رجل كبير صبيا فشهد رجل على قتله ، فتكون القسامة على ما يشهد به الشاهد من عمد أو خطأ .

سحنون وقد قال غير واحد من كبار أصحاب مالك ، منهم أشهب : أنه لا تجوز شهادتهم في القتل ولا تجوز شهادة الإناث . سحنون وقد قال كبير من أصحاب مالك وهو المخزومي : إن الإناث يجزن ، وإن شهادة الصبيان في القتل جائزة .

قال سحنون : وقال ابن نافع وغيره ، في الصبي يشهد عليه صبيان أنه ضرب صبيا أو جرحه ، فيموت من ذلك الضرب ، أو يتراخى ذلك الجرح فيموت ، فإن أولياء الدم يقسمون لمن ضربه مات ويستحقون الدية .

قال سحنون : وقال ابن نافع : وهذا الصواب والذي يعتمد عليه . وذكر ابن وهب أن علي بن أبي طالب وشريحا وعبد الله بن عمر وعروة بن الزبير وابن قسيط وأبا بكر بن حزم [ ص: 27 ] وربيعة ، أنهم كانوا يجيزون شهادة الصبيان فيما بينهم ما لم يتفرقوا أو ينقلبوا إلى أهلهم أو يختلفوا ، أو يؤخذ بأول قولهم . وقال بعضهم : ولا تجوز على غيرهم . ابن مهدي عن المغيرة عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستجيزون شهادة الصبيان فيما بينهم ، وكان إبراهيم لا يجيزها على الرجال ، وقاله الحسن البصري من حديث ابن وهب عن ابن المبارك عن الحسن . وقال الشعبي من حديث ابن مهدي عن إسرائيل عن عيسى بن أبي عزة ، وقال أبو الزناد : إنها السنة . وقاله عمر بن عبد العزيز من حديث ابن وهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية