صفحة جزء
الدعوى بين الراهن والمرتهن في حلول أجل الدين قلت : أرأيت إن قال المرتهن : قد حل أجل المال ، وقال الراهن لم يحل أجل المال ؟

قال : القول قول الراهن لأن المرتهن قد أقر أن الحق إلى أجل ، وهذا إذا أتى الراهن بأمر لا يستنكر بأن ادعى أجلا يشبه أن يكون القول قوله ، لا يدعي أجلا بعيدا يستنكر ، فإن ادعى من ذلك ما لا يشبه لم يصدق .

قلت : وهذا قول مالك قال : أخبرني بعض من أثق به أنه سأل مالكا عن الرجل يبيع من الرجل السلعة ، فتفوت عنده السلعة فيقتضيه ثمنها ، فيقول الذي عليه الحق : ثمنها إنما هو إلى أجل كذا وكذا ، ويقول الذي له الحق : ديني حال . قال مالك : إن ادعى الذي عليه الحق أجلا قريبا لا يستنكر ، رأيته مصدقا . وإن ادعى أجلا بعيدا لم يقبل قوله : قال ابن القاسم : وأنا أرى أن لا يصدق المبتاع في الأجل ، ويؤخذ بما أقر به من المال حالا إلا أن يكون أقر بأكثر مما ادعى البائع ، فلا يكون للبائع إلا ما ادعى . فهذا لم يزعم أنه باع إلى أجل فقد جعل مالك القول قول مدعي الأجل إذا أتى بأمر لا يستنكر . ففي مسألتك أحرى أن يكون القول قول من ادعى الأجل قال سحنون : إنما معنى قول مالك : " إن ادعى أجلا قريبا " يريد بذلك ما يرى أن تلك السلعة قد تباع بذلك إلى ذلك من الأجل الذي ادعى ، ومعنى قوله : " إن ادعى أجلا بعيدا لم يقبل قوله " إنما يريد بذلك إن ادعى أنه ابتاع إلى أجل ، يرى أن تلك السلعة لا تباع إلى ذلك من الأجل فهذا لا يقبل قوله ; لأنه قد ادعى ما لا يمكن ، بمنزلة ما يدعي الرجل في السلعة فيقول : اشتريتها بخمسة دراهم ، ومثلها لا يبتاع بخمسة دراهم ، وهي ثمن عشرة دنانير أو خمسة عشر ، فهذا لا يقبل قوله ، فهكذا هذه المسألة التي وصفت لك .

التالي السابق


الخدمات العلمية