ما جاء في الحنطة يقتسمانها فيجد أحدهما بحنطته عيبا قلت : قال
من فخ بين اثنين ورثاه فاقتسماه ، وطحن أحدهما حصته ، ثم ظهر على عيب في حنطته من عفن أو غير ذلك ، فأراد أن يرجع على صاحبه ، كيف يرجع عليه ؟
قال : يرد صاحبه الذي لم يطحن حنطته إن كانت لم تفت ، وإن كانت قد فاتت أخرج مكيلتها ويخرج هذا الذي طحن حنطته قيمة حنطته التي طحن فتكون بينهما .
قلت : ولم لا يخرج هذا الذي طحن حنطته حنطة مثلها معفونة معيبة ، فتكون بينهما نصفين ؟
قال : لأن الأشياء كلها إذا وجد بها المشتري عيبا وقد فاتت ولا يوجد مثلها لم يخرج مثلها ، ولأن من اشترى حنطة بدراهم فأتلفها فظهر على عيب كان عند البائع ، فإنه يرجع في دراهمه بقدر العيب ، ولا يقال له رد حنطة مثلها معفونة معيبة ; لأن المشتري لو أراد أن يأتي بحنطة مثلها معفونة معيبة ، لم يحط بمعرفة ذلك والعروض كلها والحيوان كذلك . وهذا الذي قاسم صاحبه حنطته وطحنها فظهر على عيب بعد طحن صاحبه ، إن أراد أن يرجع في حصة صاحبه من الحنطة بنصف العيب لم يصلح ذلك ; لأنها تصير حنطة بحنطة وفضل فلا يصلح ذلك . فلما كان هذا لا يصلح لم يكن له بد من أن يخرج قيمة الحنطة التي طحنها ، وليس عليه أن يخرج مثلها لأن من اشترى سلعة من السلع كائنة ما كانت ، طعاما أو غيره فوجد بها عيبا وقد فاتت عنده ، لا يكون له أن يقول أنا أخرج مثلها ; لأنه لا يحاط بمعرفته ، ولو كان يحاط بمعرفة ذلك لرأيت أن يكون له ذلك ، أن يخرج مثلها مما يكال أو يوزن .