[ ص: 16 ] المستدرك دراسة ونتائج
كتاب المستدرك على الصحيحين كتاب أراد
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بتأليفه خدمة السنة النبوية بلا شك، فمن المعلوم مما تواتره أهل العلم أن أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى الصحيحان، ولكنهما لم يجمعا كل الصحيح، لذا كانت همة بعض العلماء أن يضيفا إليهما مما ليس فيهما ويساويهما في الصحة مما هو على شرط
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم أو على شرط أحدهما أو يكون صحيحا مقاربا لذلك. ومن هؤلاء
nindex.php?page=showalam&ids=14070أبو عبد الله الحاكم رحمه الله.
بيد أن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم - رحمه الله - وقع في أوهام في هذا المستدرك، وتبعه
الذهبي أيضا في كثير منها في تلخيصه على المستدرك، ولعل ذلك لأن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم صنف المستدرك في نهاية عمره، وكان يملي من حفظه غالبا، ثم لم يتسن له أن يراجع ما كتبه وأملاه، ووافته منيته قبل أن ينقحه، وقد ذكر بعضهم أنه حدث له في نهاية عمره تغيرا وغفلة فوقع بذلك في الأوهام. ونقل
السيوطي في (تدريب الراوي) عن الحافظ
ابن حجر قوله: وإنما وقع
nindex.php?page=showalam&ids=14070للحاكم التساهل لأنه سود الكتاب لينقحه فأعجلته المنية. قال: وقد وجدت في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من المستدرك: إلى هنا انتهى إملاء
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم . ثم قال: وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ عنه إلا بطريق الإجازة، فمن أكبر أصحابه وأكثر الناس له ملازمة
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، وهو إذا ساق عنه في غير المملى شيئا لا يذكره إلا بالإجازة، قال: والتساهل في القدر المملى قليل جدا بالنسبة لما بعده
[ ص: 17 ] .
وقال
ابن حجر في (لسان الميزان):
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم أجل قدرا وأعظم خطرا وأكبر ذكرا من أن يذكر في الضعفاء، لكن قيل في الاعتذار عنه: إنه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره، وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له وقطع بترك الرواية عنهم ومنع من الاحتجاج بهم، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها.
قلت: ابتدأ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم إملاء المستدرك في يوم الإثنين السابع من المحرم سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة كما جاء ذلك في مقدمة الكتاب (1/ 2). وفي المطبوع: 2/ 63 (2367) حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاء في شهر رمضان سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، وفيه أيضا: 2/ 132 (2595) قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاء في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة; وآخر ما وجدته في تاريخ الإملاء: 3/ 199 (4900): حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ إملاء في المحرم سنة ثلاث وأربعمائة.
فهذا يدل على أن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم استغرق في إملاء وتصنيف الكتاب أكثر من ثلاثين سنة، ولعله لكثرة انشغالاته العلمية وغيرها كان إملاؤه لهذا الكتاب متباعدا، وحدث بين إملاءاته توقف طويل لم أقف على سببه، والعلم عند الله تعالى. كما يدل ذلك أيضا على أن غالب الكتاب كان إملاء.
وإنما قلت: (غالب الكتاب كان إملاء) لأن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم - رحمه الله - قال: 2/ 229، 230 (2902) أخبرنا
أبو جعفر محمد البغدادي، حدثنا
يحيى بن أيوب العلاف، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15974سعيد بن أبي مريم، أنبأ
محمد بن جعفر بن أبي كثير، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16100شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر رضي الله عنه أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=932924دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فجلست قريبا من [ ص: 18 ] nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب فقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة براءة، فقلت لأبي: متى نزلت هذه السورة؟ قال: فتجهمني ولم يكلمني.... وذكر الحديث. ثم قال: هكذا وجدته في كتابي وطلبته في المسانيد فلم أجده بطوله، والحديث بإسناده صحيح. ا هـ.
وهذا يدل على أنه إنما كان من كتاب;
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم - رحمه الله - كان يملي من الكتاب لا مشافهة; فالذي يظهر أنه كان كتب من حفظه مسودة الكتاب ثم أملاه منها، فكان إذا أراد الاستيثاق رجع إلى المصادر; فغالب ما نقل عنه من الكتاب كان إملاء، ثم باقي الكتاب كان بالإجازة كما قال
ابن حجر رحمه الله.
وقال: 2/ 521 بعد أن روى حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوتر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15974سعيد بن أبي مريم عن
يحيى بن أيوب، ومن طريق
خصيف عن
عبد العزيز بن جريج : قد أتى إمام أهل
مصر في الحديث والرواية
سعيد بن كثير بن عفير عن
يحيى بن أيوب. طلبتها وقت إملائي كتاب الوتر فلم أجدها، فوجدتها بعد. ا هـ.
وهذا يدل أيضا على أنه كان يرجع إلى كتبه.
فالذي يظهر مما سبق أن
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أبا عبد الله - رحمه الله - ابتدأ في إملاء الكتاب قبل موته باثنتين وثلاثين سنة، وانتهى من الكتاب بعد سنة ثلاث وأربعمائة، كما يظهر من آخر تأريخ في أواخر الثلث الأول من الجزء الثالث، فقد انتهى يقينا منه في أواخر عمره، فقد توفي رحمه الله سنة خمس وأربعمائة. كما يظهر أيضا أنه كان يطلب بعض الطرق التي يريد الاستيثاق منها، ولم يكن يرجع إلى المصادر في كل ما يملي; ثم وافته المنية قبل أن ينقح الكتاب، مع ما أصابه من التغير والغفلة، فوقع الوهم; والعلم عند الله تعالى.