قوله: " ولم يكن للنبي -صلى الله عليه وسلم- إلا مؤذن واحد " - يعني: في الجمعة؛ فإن في غير الجمعة كان له مؤذنان، كما سبق في " الأذان ".
وقد قيل: إنه يحتمل أن يكون مراد السائب : أنه لم يكن للنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة إلا تأذين واحد، فعبر بالمؤذن عن الأذان -: ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي .
وهذا يرده قوله: " فزاد nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان النداء الثالث "، فإنه يدل على أنه كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- أذانان - يعني: الأذان والإقامة - والمؤذن الواحد في الجمعة.
وقد تقدم في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي لحديث nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد ، ويفهم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - أيضا.
وهذا إسناد ضعيف، ضعفه nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وغيره.
وإنما كان nindex.php?page=showalam&ids=37سعد يؤذن بقباء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن بقباء جمعة.
وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر اختلافا بين العلماء في الأذان يوم الجمعة بين يدي الإمام: هل يكون من مؤذن واحد، أو مؤذنين؟
فذكر من رواية ابن عبد الحكم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، أنه قال: إذا جلس الإمام على المنبر، ونادى المنادي منع الناس من البيع.
قال: وهذا يدل على أن النداء عنده واحد بين يدي الإمام.
وفي " المدونة " من قول nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم ، وروايته عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا جلس الإمام على المنبر، وأخذ المؤذنون في الأذان حرم البيع.
فذكر " المؤذنين " بلفظ الجماعة.
قال: ويشهد لهذا حديث nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن ثعلبة بن أبي مالك ، أنهم كانوا في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فإذا خرج وجلس على المنبر وأخذ المؤذنون.
هكذا بلفظ الجماعة.
قال: ومعلوم عند العلماء أنه جائز أن يكون المؤذنون واحدا وجماعة في كل صلاة، إذا كان ذلك مترادفا، لا يمنع من إقامة الصلاة في وقتها.
وذكر من كلام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، أنه قال: إذا قعد الإمام أخذ المؤذنون في الأذان.
[ ص: 456 ] ومن كلام nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي في " مختصره ": حكاية قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه: إذا جلس الإمام على المنبر، وأذن المؤذنون بين يديه - بلفظ الجمع.
ووقع في كلام nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي من أصحابنا: وأخذ المؤذنون في الأذان - بلفظ الجمع.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول : إن النداء كان في الجمعة مؤذن واحد حين يخرج الإمام، ثم تقام الصلاة، فأمر nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أن ينادى قبل خروج الإمام حتى يجتمع الناس.
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم .
قال حرب : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد : فالأذان يوم الجمعة إذا أذن على المنارة عدة؟ قال: لا بأس بذلك، قد كان يؤذن للنبي -صلى الله عليه وسلم- nindex.php?page=showalam&ids=115بلال nindex.php?page=showalam&ids=100وابن أم مكتوم ، وجاء nindex.php?page=showalam&ids=95أبو محذورة وقد أذن رجل قبله، فأذن nindex.php?page=showalam&ids=95أبو محذورة .
وظاهر هذا: أنه لو أذن على المنارة مؤذن بعد مؤذن جاز، وهذا قبل خروج الإمام.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى : يستحب أن يكون المؤذن للجمعة واحدا، فإن أذن أكثر من واحد جاز، ولم يكره.
ومراده: إذا أذنوا دفعة واحدة بين يدي الإمام، أو أذنوا قبل خروجه تترى، فأما إن أذنوا بعد جلوسه على المنبر، مرة بعد مرة، فلا شك في كراهته، وأنه لم يعلم وقوعها في الإسلام قط.
وكذا قال كثير من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إنه يستحب أن يكون للجمعة أذان واحد عند المنبر، ويستحب أن يكون المؤذن واحدا؛ لأنه لم يكن يؤذن للجمعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- إلا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال .
ونقل المحاملي هذا الكلام عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والذي نقله nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يخالف ذلك؛ فإنه نقل عنه، أنه قال: النداء للجمعة هو الذي يكون والإمام [ ص: 457 ] على المنبر، يكون المؤذنون يستفتحون الأذان فوق المنارة جملة حين يجلس الإمام على المنبر، ليسمع الناس فيؤوبون إلى المسجد.
وهذا تصريح بأنهم يكونون جماعة، وأنهم يؤذنون على المنارة لإسماع الناس، لا بين يدي المنبر في المسجد.
وقد خرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " هذا في " باب: رجم الحبلى "، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال: جلس nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على المنبر يوم الجمعة، فلما سكت المؤذنون قام، فأثنى على الله - وذكر الحديث.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة ، أنه كان له في الجمعة مؤذن واحد.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق بإسناده، عن nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة ، قال: رأيت nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان جالسا على المنبر في يوم الجمعة، والمؤذنون يؤذنون يوم الجمعة، وهو يسأل الناس عن أسعارهم وأخبارهم.
ويحتمل أن يكون مراد من قال: " المؤذن " - بلفظ الإفراد -: الجنس، لا الواحد، فلا يبقى فيه دلالة على كونه واحدا.