وقد خرجه في " أبواب صلاة التطوع " من طرق أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم ، عن أبيه، والمعنى متقارب.
وقد دل هذا الحديث على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي بعد الجمعة في المسجد شيئا، وأنه كان ينصرف إلى بيته، فيصلي ركعتين.
فتضمن ذلك: استحباب شيئين: أحدهما: صلاة ركعتين بعد الجمعة. والثاني: أن تكون في البيت.
وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يفعله بالمدينة ، يرجع إلى بيته فيصلي ركعتين، وكان ينهى عن صلاتهما في المسجد، ويقول لمن يفعله: صلى الجمعة أربعا، وكان إذا كان بمكة يتقدم من موضع صلاته، فيصلي ركعتين، ثم ينتقل عنه فيصلي أربعا.
وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " عن سهيل ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا ".
[ ص: 534 ] وفي رواية له: قال سهيل : فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت.
وقد وقع في غير nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هذا الكلام عن سهيل من قوله.
وقد اختلف العلماء في الجمع بين حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
فقالت طائفة: هو مخير بين أن يصلي ركعتين وأربعا، عملا بكل واحد من الحديثين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد - في رواية عنه.
وظاهره: أنه لا فضل لأحدهما على الآخر.
وروي عنه، أنه قال: يصلي ركعتين ولا يعيب على من صلى أربعا؛ لحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وظاهره: أن الأفضل الأخذ بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ؛ لأنه أثبت إسنادا.
وقالت طائفة: يجمع بينهما، فيصلي ستا، نقله nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقال: يجمع بينهما على وجه، بين أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله.
ونقل عنه ابن هانئ ، قال: يصلي ستا؛ لأمر nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب بذلك.
وهذا مأخذ آخر.
وقالت طائفة: يجمع بينهما على وجه آخر، فإن صلى في المسجد صلى أربعا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ، واستدل - أيضا - بقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود . ولا يصلي ركعتين بعد مكتوبة مثلها.
قال: فإذا صلى في المسجد ركعتين، فقد صلى بعد المكتوبة مثلها، فيصلي أربعا، وأما إذا صلى في بيته ركعتين؛ فإن المشي إلى بيته فاصل بين المكتوبة وغيرها.
وقالت طائفة: يجمع بينهما على وجه آخر، وهو أن الإمام يصلي في بيته [ ص: 535 ] ركعتين، والمأموم يصلي أربعا في المسجد، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=11997أبي خيثمة زهير بن حرب وأبي إسحاق الجوزجاني . وتبويب nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي يدل عليه أيضا.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب يأمر بصلاة ست ركعات بعد الجمعة .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يأمر بأربع.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12067أبي عبد الرحمن السلمي : علمنا nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أن نصلي بعد الجمعة أربعا، ثم جاء nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، فعلمنا أن نصلي ستا.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين يصلي بعد الجمعة أربعا.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي من وجه آخر منقطع.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ، أنه كان يصلي ستا.
وكان nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن يصلي ركعتين، nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق يصلي ركعتين، ثم أربعا.
ونص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الأم "، أنه يصلي بعد الجمعة أربعا.
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، عنه، أنه يصلي ركعتين.
وقد تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، أنه كان يصلي في بيته ركعتين، وفي المسجد ستا: ركعتين، ثم أربعا، يفصل بينهما.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة : يصلي ركعتين، يسلم فيهما، ثم يصلي أربعا، لا يسلم إلا في آخرهن.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد - في رواية عنه -: إن شاء صلى أربعا، وإن شاء صلى ستا.
ولا يكره ترك الصلاة بعد الجمعة أحيانا، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، واستدل بأن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين تركها مرة، حيث كان يصلي أربعا بعد صلاة الجمعة خلف [ ص: 536 ] زياد ، فقيل عنه: إنه لا يعتد بصلاته خلف زياد ، فأنكر ذلك، ثم صلى الجمعة الثانية، ولم يصل شيئا حتى صلى العصر.
وأما مكان الصلاة بعد الجمعة، فالأفضل أن يكون في البيت لمن له بيت يرجع إليه، كما كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يفعله ويأمر به.
فإن صلى في المسجد، فهل يكره، أم لا؟
ذهب الأكثرون إلى أنه لا يكره، ولكن يؤمر بالفصل بينها وبين صلاة الجمعة.
وقد سبق حديث nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية في ذلك.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : إذا صليت الجمعة، فلا تصلها بركعتين حتى تفصل بينهما بتحول أو كلام.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : رأى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رجلا يصلي في مقامه الذي صلى فيه الجمعة، فنهاه عنه، وقال: ألا أراك تصلي في مقامك؟ قال: نعم. قال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : فذكرت ذلك nindex.php?page=showalam&ids=15990لابن المسيب ، فقال: إنما يكره ذلك للإمام يوم الجمعة.
ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أنه يكره للإمام أن يصلي بعد الجمعة في المسجد، ولا يكره للمأموم إذا انتقل من موضع مصلاه، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، أن عمرو بن سعيد صلى الجمعة، ثم ركع على إثرها ركعتين في المسجد، فنهاه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن ذلك، وقال: أما الإمام فلا، إذا صليت فانقلب فصل في بيتك ما بدا لك، إلا أن تطوف، وأما الناس، فإنهم يصلون في المسجد.
[ ص: 537 ] وفي صلاة الإمام في الجامع بعد الجمعة حديث، من رواية عاصم بن سويد ، عن محمد بن موسى بن الحارث ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال: أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بني عمرو بن عوف يوم الأربعاء، فقال: " لو أنكم إذا جئتم عيدكم هذا صليتم حتى تسمعوا من قولي ". قالوا: نعم، بأبينا أنت يا رسول الله وأمهاتنا. قال: فلما حضروا الجمعة صلى لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة، ثم صلى ركعتين بعد الجمعة في المسجد، ولم ير يصلي بعد الجمعة في المسجد، وكان ينصرف إلى بيته قبل ذلك اليوم .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " صحيحه " nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم .
وقال: صحيح الإسناد.
وقال بعض المتأخرين: محمد بن موسى بن الحارث لا يعرف.
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار في " مسنده "، وعنده: عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبيه، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
فإن كان ذلك محفوظا، فهو موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو منكر الحديث جدا.
وقد روى غير واحد، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب في هذا الحديث: أن الإطالة إنما كانت في الصلاة قبل الجمعة، كما سنذكره.
[ ص: 538 ] وقد بوب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على " الصلاة بعد الجمعة وقبلها "، كما بوب عليه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في " كتابيهما "، إلا أنهما ذكرا في الصلاة قبلها آثارا موقوفة غير مرفوعة، ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيها شيئا، إما لأن المرفوع فيها ليس على شرطه، وفيها أحاديث مرفوعة في أسانيدها نظر، أو لأن الذي فيها كله موقوف، فلم يذكره لذلك.
أو لأنه اجتزأ عنه بحديث سلمان الذي خرجه فيما تقدم في موضعين؛ فإن فيه: " وصلى ما كتب له، ثم أنصت إذا تكلم الإمام "؛ فإن هذا يدل على فضل الصلاة قبل الجمعة، لا سيما وفيه - في إحدى الروايتين nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري -: " ثم راح "، والرواح حقيقة لا يكون حقيقة إلا بعد الزوال، كما سبق ذكره.
فعلى هذا، يكون ترغيبا في الصلاة بعد زوال الشمس يوم الجمعة من غير تقدير للصلاة، فيكون أقل ذلك ركعتين، والزيادة عليهما بحسب التيسير.
وإن قيل: إن الرواح هنا بمعنى الذهاب، فإنه يدل على استحباب الصلاة يوم الجمعة قبل خروج الإمام من غير تفضيل بين ما قبل زوال الشمس وبعده.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، قال: كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك.
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17287وهيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة، فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام، [ ص: 539 ] فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته، فصلى ركعتين، وقال: هكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل.
وظاهر هذا: يدل على رفع جميع ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: صلاته قبل الجمعة وبعدها في بيته؛ فإن اسم الإشارة يتناول كل ما قبله مما قرب وبعد، صرح به غير واحد من الفقهاء والأصوليين.
وهذا فيما وضع للإشارة إلى البعيد أظهر، مثل لفظة: " ذلك "؛ فإن تخصيص القريب بها دون البعيد يخالف وضعها لغة.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، قال: كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يصلي قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة.
وعن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء : بلغني أنك تركع قبل الجمعة ثنتي عشرة ركعة، فما بلغك في ذلك؟ فذكر له حديث nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة المرفوع: " من ركع ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة - سوى المكتوبة - بنى الله له بيتا في الجنة ".
وقد تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، أنه كان يأمر أن يصلي قبل الجمعة أربعا.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي بإسناده عن جبلة بن سحيم قال: كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يصلي قبل الجمعة أربعا لا يفصل بينهن بسلام، وبعد الجمعة ركعتين ثم أربعا.
وروى ابن سعد في " طبقاته " بإسناده، عن nindex.php?page=showalam&ids=199صفية بنت حيي أم المؤمنين ، أنها صلت الجمعة مع الإمام، فصلت قبل خروجه أربعا.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : كانوا يحبون أن يصلوا قبل الجمعة أربعا .
[ ص: 540 ] خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في " كتاب العيدين " بإسناد صحيح.
وقد روى ابن أبي خيثمة في " تاريخه " من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، قال: ما قلت لكم: كانوا يستحبون، فهو الذي أجمعوا عليه.
وممن ذهب إلى استحباب أربع ركعات قبل الجمعة: nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق .
وروى حرب بإسناده، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنه كان يصلي يوم الجمعة في بيته أربع ركعات، ثم يأتي المسجد فلا يصلي قبلها ولا بعدها.
وهذا يدل على أن سنة الجمعة عند nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قبلها لا بعدها.
واعلم؛ أن التطوع بالصلاة يوم الجمعة قبل الجمعة له أربعة أوقات:
أحدها: ما قبل طلوع الشمس لمن بكر إلى الجمعة حينئذ، فهذا الوقت وقت نهي عن التطوع فيه بما لا سبب له، وما له سبب كتحية المسجد فيه اختلاف، سبق ذكره في ذكر أوقات النهي.
إلا من يقول: إن يوم الجمعة كله صلاة ليس فيه وقت ينهى عن الصلاة فيه بالكلية، كما هو ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ؛ فإنه قال: يوم الجمعة كله صلاة.
وقد قيل: إنه إنما أراد به وقت استواء الشمس خاصة.
والثاني: ما بين ارتفاع الشمس واستوائها، فيستحب التطوع فيه بما أمكن، وخصوصا لمن بكر إلى الجمعة.
والثالث: وقت استواء الشمس وقيامها في وسط السماء.
وقد اختلفوا: هل هو وقت نهي عن الصلاة في يوم الجمعة، أم لا؟
فمنهم من قال: هو وقت نهي، nindex.php?page=showalam&ids=11990كأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
ومنهم من قال: ليس بوقت نهي، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
[ ص: 541 ] ومن أصحابه من خصه بمن حضر الجمعة دون من هو في بيته. ومنهم من خصه بمن بكر إلى الجمعة، وغلبه النعاس.
ومنهم من قال: هو وقت نهي يوم الجمعة في الصيف دون الشتاء، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
ومنهم من لم يره وقت نهي في جميع الأيام، nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك .
وقد سبق الكلام عليه في ذكر أوقات النهي.
والرابع: بعد زوال الشمس، وقبل خروج الإمام، فهذا الوقت يستحب الصلاة فيه بغير خلاف نعلمه بين العلماء سلفا وخلفا، ولم يقل أحد من المسلمين: إنه يكره الصلاة يوم الجمعة، بل القول بذلك خرق لإجماع المسلمين، إنما اختلفوا في وقت قيام الشمس، كما سبق.
قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا أكره الصلاة نصف النهار في جمعة ولا غيرها.
وقد روى في " الموطأ " حديثا مرفوعا في النهي عنه، ثم تركه؛ لأنه رأى عمل العلماء وأهل الفضل على خلافه.
فأما الصلاة بعد زوال الشمس، فلم يزل عمل المسلمين على فعله.
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " الموطأ " عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي ، أنهم كانوا في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يصلون حتى يخرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ويجلس على المنبر، فإذا خرج nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون جلسوا يتحدثون، فإذا سكت المؤذن وقام nindex.php?page=showalam&ids=2عمر سكتوا ولم يتكلم أحد.
وهذا تصريح باستمرارهم في الصلاة إلى ما بعد زوال الشمس، وهو مما يستدل به على الصلاة وقت استواء الشمس وقيامها يوم الجمعة.
وقد وردت آثار أخر، تدل على أنهم كانوا يتركون الصلاة وقت قيام الشمس [ ص: 542 ] يوم الجمعة، فإذا زالت قاموا إلى الصلاة.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم بإسناده، عن عمرو بن سعيد بن العاص ، قال: كنت أبقى - يعني: أنتظر - أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا زالت الشمس قاموا فصلوا أربعا.
وبإسناده، عن أبي بكر بن عياش ، قال: كنا نكون مع nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت في الجمعة، فيقول: أزالت الشمس بعد، ويلتفت فينتظر، فإذا زالت الشمس، قام فصلى الأربع قبل الجمعة.
وبإسناده، عن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، قال: كنت أمر بابن عون يوم الجمعة، فنمضي إلى الجمعة، فيقول لي: الشمس عندكم أبين منها عندنا، فنرى الشمس زالت.
قال حماد : كأنه يكره الصلاة حتى تزول الشمس.
وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ في " مسائله nindex.php?page=showalam&ids=12251للإمام أحمد ": رأيت nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله - يعني: أحمد - إذا كان يوم الجمعة يصلي إلى أن يعلم أن الشمس قد قاربت أن تزول، فإذا قاربت أمسك عن الصلاة حتى يؤذن المؤذن، فإذا أخذ في الأذان قام فصلى ركعتين أو أربعا، يفصل بينها بالسلام.
وقال - أيضا -: رأيت nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله إذا أذن المؤذن يوم الجمعة صلى ركعتين، وربما صلى أربعا على خفة الأذان وطوله.
ومما يدل على استحباب الصلاة في هذا الوقت يوم الجمعة: أنه وقت يرجى فيه ساعة الإجابة، فالمصلي فيه يدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: " لا يوافقها عبد قائم يصلي، يسأل الله شيئا، إلا أعطاه ".
وقد اختلف في الصلاة قبل الجمعة: هل هي من السنن الرواتب كسنة الظهر قبلها، أم هي مستحبة مرغب فيها كالصلاة قبل العصر؟
[ ص: 543 ] وأكثر العلماء على أنها سنة راتبة، منهم: nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابه، وهو ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى في " شرح المذهب " nindex.php?page=showalam&ids=17001وابن عقيل ، وهو الصحيح عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقال كثير من متأخري أصحابنا: ليست سنة راتبة، بل مستحبة.
وقد زعم بعضهم: أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المخرج في هذا الباب يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصلي قبل الجمعة شيئا؛ لأنه ذكر صلاته بعد الجمعة، وذكر صلاته قبل الظهر وبعدها، فدل على الفرق بينهما.
وهذا ليس بشيء؛ فإن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قد روي عنه ما يدل على صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الجمعة، كما سبق، ولعله إنما ذكر الركعتين بعد الجمعة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصليهما في بيته، بخلاف الركعتين قبل الظهر وبعدها؛ فإنه كان أحيانا يصليها في المسجد، فبهذا يظهر الفرق بينهما.
وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا عمل عملا داوم عليه، ولم يكن ينقصه يوم الجمعة ولا غيرها، بل كان الناس يتوهمون أنه كان يزيد في صلاته يوم الجمعة بخصوصه، فكانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة تسأل عن ذلك، فتقول: لا، بل كان عمله ديمة.
وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصلي قبل الظهر ركعتين أو أربعا .
وفي " صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان " عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج صلى ركعتين.
ورويناه من وجه آخر عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت: ما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عندي قط إلا صلى ركعتين.
وقد كان من هدي المسلمين صلاة ركعتين عند خروجهم من بيوتهم، من الصحابة ومن بعدهم، وخصوصا يوم الجمعة، وممن كان يفعله يوم الجمعة nindex.php?page=showalam&ids=11ابن [ ص: 544 ] عباس nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس وأبو مجلز ، ورغب فيه nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : كان ذلك من هدي المسلمين.
وقد سبق في " باب: الصلاة إذا دخل المسجد والإمام يخطب " ما يدل على ذلك - أيضا.
وحينئذ؛ فلا يستنكر أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في بيته ركعتين قبل خروجه إلى الجمعة.
فإن قيل: فهو كان يخرج إلى الجمعة عقب الزوال من غير فصل؛ بدليل ما سبق من الأحاديث من صلاته الجمعة إذا زالت الشمس.
قيل: هذه دعوى باطلة، لا برهان عليها، ولو كانت حقا لكانت خطبته دائما أو غالبا قبل الزوال، إذا كانت صلاته عقب زوال الشمس من غير فصل، ولم يقل ذلك أحد.
وأيضا، فقد روي أنه كان يصلي الظهر إذا زالت الشمس، كما تقدم في " المواقيت " ولم يقل أحد: إنه يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي قبل الظهر شيئا.
وقد كتبت في هذه المسألة جزءا مفردا، سميته: " نفي البدعة عن الصلاة قبل الجمعة " ثم اعترض عليه بعض الفقهاء المشار إليه في زماننا، فأجبت عما اعترض به في جزء آخر، سميته: " إزالة الشنعة عن الصلاة قبل الجمعة "، فمن أحب الزيادة على ما ذكرناه هاهنا، فليقف عليهما - إن شاء الله تعالى.