قد ذكر طائفة من السلف أنها نزلت في صلاة في السفر، لا في صلاة السفر بمجرده؛ ولهذا ذكر عقيبها قوله تعالى: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ثم ذكر صفة صلاة الخوف، فكان ذلك تفسيرا للقصر المذكور في الآية الأولى.
وهذا هو الذي يشير إليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي والضحاك وغيرهم، واختاره nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره.
وتقدير ذلك من وجهين:
[ ص: 8 ] أحدهما: أن المراد بقصر الصلاة قصر أركانها بالإيماء ونحوه، وقصر عدد الصلاة إلى ركعة. فأما صلاة السفر؛ فإنها ركعتان، وهي تمام غير قصر، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه.
وروى سماك الحنفي ، قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول: الركعتان في السفر تمام غير قصر، إنما القصر صلاة المخافة.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=15238المسعودي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17364يزيد الفقير ، قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يسأل عن الركعتين في السفر: أقصر هما؟ قال: إنما القصر ركعة عند القتال، وإن الركعتين في السفر ليستا بقصر.
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=14031الجوزجاني من طريق زائدة بن عمير الطائي ، أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن تقصير الصلاة في السفر؟ قال: إنها ليست بتقصير، هما ركعتان من حين تخرج من أهلك إلى أن ترجع إليهم.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فمن صلى في السفر أربعا كمن صلى في الحضر ركعتين.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لم تقصر الصلاة إلا مرة واحدة؛ حيث صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ركعتين، وصلى الناس ركعة واحدة.
يعني: في الخوف.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان ، عن سالم الأفطس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، قال:
[ ص: 9 ] صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف ركعة ركعة. قال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد : كيف تكون مقصورة وهما ركعتان.
والوجه الثاني: أن القصر المذكور في هذه الآية مطلق، يدخل فيه قصر العدد، وقصر الأركان، ومجموع ذلك يختص بحالة الخوف في السفر، فأما إذا انفرد أحد الأمرين - وهو السفر أو الخوف- فإنه يختص بأحد نوعي القصر، فانفراد السفر يختص بقصر العدد، وانفراد الخوف يختص بقصر الأركان.
لكن هذا مما لم يفهم من ظاهر القرآن، وإنما بين دلالة عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والآية لا تنافيه. وإن كان ظاهرها لا يدل عليه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
خرجه الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود - وهذا لفظه - nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في " صحيحه" nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم .
وقال: على شرطهما.
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : نا أبو عياش الزرقي ، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره.
ورد nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان بذلك على من زعم: أن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهدا لم يسمعه من أبي عياش ، وأن أبا عياش لا صحبة له.
كأنه يشير إلى ما نقله nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في " علله" عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، أنه قال: كل الروايات عندي صحيح في صلاة الخوف، إلا حديث nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن أبي عياش [ ص: 11 ] الزرقي ، فإني أراه مرسلا.
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان لم يفهم ما أراده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لم ينكر أن يكون أبو عياش له صحبة، وقد عده في " تاريخه" من الصحابة، ولا أنكر سماع nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد من أبي عياش ، وإنما مراده: أن هذا الحديث الصواب: عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد إرساله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذكر أبي عياش ؛ كذلك رواه أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عنه بخلاف رواية nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور ، عنه، فرواه عكرمة بن خالد وعمر بن ذر وأيوب بن موسى ثلاثتهم، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا من غير ذكر أبي عياش .
وهذا أصح عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وكذلك صحح إرساله عبد العزيز النخشبي وغيره من الحفاظ.
وأما nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي ؛ فإنه قال - في حديث nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن أبي عياش - : إنه صحيح. قيل له: فهذه الزيادة " فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر " محفوظة هي؟ قال: نعم.
وقال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : كل حديث روي في صلاة الخوف فهو صحيح.
وقد جاء في رواية: فنزلت وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة وهذا لا ينافي رواية: " فنزلت آية القصر"، بل تبين أنه لم تنزل آية القصر بانفرادها في هذا اليوم، بل نزل معها الآيتان بعدها في صلاة الخوف.
[ ص: 12 ] وهذا كله مما يشهد لأن آية القصر أريد بها قصر الخوف في السفر، وإن دلت على قصر السفر بغير خوف بوجه من الدلالة. والله - سبحانه وتعالى- أعلم.