خرجه من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14553الفضل بن موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش - بإسناده المتقدم .
ووجه دلالة الحديث على ما بوب عليه أنه - صلى الله عليه وسلم - غسل وجهه وذراعيه ، ثم أفاض على رأسه الماء ، ثم غسل جسده . ولم يعد غسل وجهه وذراعيه ، وإنما غسل رجليه أخيرا ; لأنه لم يكن غسلهما أولا .
وقد خرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هذا الحديث من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، وفي حديثه : ( ثم توضأ وضوءه للصلاة ، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه ، ثم غسل سائر جسده ) .
وقوله : ( غسل سائر جسده ) - يدل على أنه لم يعد غسل ما كان غسله منه قبل ذلك ; لأن ( سائر ) إنما تستعمل بمعنى ( الباقي ) لا بمعنى ( الكل ) ، على الأصح الأشهر عند أهل اللغة .
[ ص: 316 ] وكذلك خرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - فذكرت الحديث ، وفي آخره : ( ثم أفاض على سائر جسده ) .
وهو أيضا : دليل على أنه لم يعد غسل ما مضى غسله منه .
والعجب من nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - كيف ذكر في تبويبه ( من توضأ للجنابة ، ثم غسل سائر جسده ) ، ولم يسق الحديث بهذا اللفظ ، وإنما تتم الدلالة به .
إحداهما : أنه لا يلزمه سوى الغسل ، وهو من أجنب من غير أن يوجد منه حدث أصغر - على قول من يقول : إن الجنابة المجردة لا توجب سوى الغسل ، كما هو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وابن حامد من أصحابنا - فهذا لا يلزمه أكثر من الغسل .
فإن بدأ بأعضاء الوضوء ، فغسلها - لم يلزمه سوى غسل بقية بدنه ، بغير تردد .
وينوي بوضوئه الغسل ، لا رفع الحدث الأصغر . صرح به الشافعية ، وهو ظاهر .
[ ص: 317 ] الحالة الثانية : أن يجتمع عليه حدث أصغر وجنابة ; إما بأن يحدث ، ثم يجنب . أو على قول من يقول : إن الجنابة بمجردها تنقض الوضوء ، وتوجب الغسل ، كما هو ظاهر مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره .
فهذه المسألة قد سبقت الإشارة إليها والاختلاف فيها .
وأكثر العلماء على تداخل الوضوء والغسل في الجملة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : إذا اغتمس في النهر ، وهو جنب - أجزأه عن الجنابة والحدث .
فعلى هذا ، إذا غسل أعضاء الوضوء مرة لم يحتج إلى إعادة غسلها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : العمل عندي في غسل الجنابة أن يبدأ الرجل بمواضع الوضوء ، ثم يغسل بعد ذلك سائر جسده .
ولكن على هذا التقدير ينوي بوضوئه رفع الحدثين عن أعضاء الوضوء . فإن نوى رفع الحدث الأصغر وحده احتاج إلى إعادة غسل أعضاء الوضوء في الغسل .
ثم إن المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عند أصحابه كالخرقي ومن تابعه - أن الغسل والوضوء لا يتداخلان إلا بأن ينويهما كالحج والعمرة في القران ، وهو وجه للشافعية .
وعلى هذا ، فينوي بالوضوء رفع الحدث الأصغر . صرح به ابن أبي موسى من أصحابنا .
ويلزم من ذلك وجوب إعادة غسل أعضاء الوضوء في الغسل مرة أخرى .
فإن نوى بالوضوء رفع الحدثين معا لم يلزمه إعادة غسلهما مرة أخرى .
[ ص: 318 ] والمنصوص عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنهما يتداخلان بدون نية ، نص على ذلك في ( الأم ) ، وحكاه أبو حفص البرمكي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، كما لو كانا من جنس واحد عند أكثر العلماء .
فعلى هذا ، يجزئ الوضوء بنية رفع الحدث الأكبر خاصة .
وإن نوى بالوضوء رفع الحدث الأصغر كان أفضل ، قاله بعض الشافعية . ولكن ينبغي أن يقولوا بوجوب إعادة غسل أعضاء الوضوء مرة أخرى في الغسل .
وعلى هذا التقدير ، فإن رفع الحدث الأصغر لا يندرج فيه الأكبر ، بخلاف عكسه .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية أنه لا يرتفع الحدث الأصغر بدون الإتيان بالوضوء ، وحكي مثله عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وداود ، وهو وجه للشافعية ; لأن سببهما مختلف ، فلم يتداخلا كحد الزنا وحد السرقة .
وعلى هذا ، فيجب غسل أعضاء الوضوء مرتين [...] : مرة للوضوء ، ومرة في الغسل . وينوي بالوضوء رفع الحدث الأصغر ، وبالغسل رفع الحدث الأكبر .
وقالت طائفة : إن غسل أعضاء الوضوء مرتبة متوالية ارتفع عنهما الحدثان ، وإذا نوى رفعهما فلا يجب عليه إلا غسل باقي بدنه للجنابة . وإن لم يغسل أعضاء الوضوء مرتبة متوالية لم يرتفع عنها سوى حدث الجنابة ، وعليه أن يأتي بالوضوء على وجهه ; ليرفع الحدث الأصغر .
[ ص: 319 ] وحكي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، وهو قول أبي بكر بن جعفر ، ومن اتبعه من أصحابنا . واعتبروا أيضا أن يمسح رأسه .
وقد سبق نص nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على أنه لا يحتاج إلى مسح رأسه ، بل يكفيه صب الماء عليه . وهو يدل على أن خصائص الوضوء عنده كلها غير معتبرة في وضوء غسل الجنابة .
وهو أيضا وجه لأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، لكنهم لا يعتبرون الموالاة ولا نية الحدث الأصغر ، على الصحيح عندهم . وعندنا هما معتبران على الصحيح .
وزعم nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر الخلال أن هذا القول هو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، ووهم من حكى عنه خلافه ; فإن حنبلا نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في جنب اغتسل وعليه خاتم ضيق ، لم يحركه ، فصلى ، ثم ذكر - قال : يغسل موضعه ، ويعيد الصلاة .
قال الخلال : هذا وهم من nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل لا شك فيه ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عنده أن من لم يحرك خاتمه الضيق في الوضوء وصلى ، أنه يعيد الوضوء والصلاة .
قال أبو بكر ابن جعفر في كتاب ( الشافي ) : هذا يدل على أنه لا بد في غسل الجنابة من الوضوء .
قلت : إنما قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ( يعيد الوضوء والصلاة ) - في المحدث حدثا أصغر . فأما الجنب فإن المنصوص عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه إذا انغمس في ماء وتمضمض ، واستنشق - أنه يجزئه ، بخلاف من يريد الوضوء ; فإنه يلزمه الترتيب والمسح .
ولكن الخلال تأول كلامه على أن الجنب يجزئه انغماسه في الماء من [ ص: 320 ] غسل الجنابة ، وأما عن الوضوء فلا يجزئه حتى يرتب ، كالمحدث الحدث الأصغر بانفراده .
ونقول : إن قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ( إذا انغمس وأراد الوضوء لا يجزئه ) – عام فيمن أراد الوضوء وهو جنب أو محدث .
والذي عليه عامة الأصحاب ، كالخرقي وابن أبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=14953والقاضي أبي يعلى وأصحابه - خلاف [ذلك] ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إنما أراد المحدث حدثا أصغر .
ورواية nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل هذه صريحة في هذا المعنى ، وقول الخلال : ( إنها وهم بغير شك ) - غير مقبول ، والله سبحانه وتعالى أعلم .