وكأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذكر هذا الباب استطرادا لذكر الرياح واشتدادها، فذكر بعده [ ص: 324 ] الآيات والزلازل.
وقيل: إنه أشار إلى أن الزلازل لا يصلى لها; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- ذكر ظهورها وكثرتها، ولم يأمر بالصلاة لها، كما أمر به في كسوف الشمس والقمر، وكما أنه لم يكن يصلي للرياح إذا اشتدت، فكذلك الزلازل ونحوها من الآيات.
فقالت طائفة: لا يصلى لشيء منها سوى كسوف الشمس والقمر، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وقد زلزلت المدينة في عهد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، ولم ينقل أنه صلى لها، هو ولا أحد من الصحابة.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، قالت: زلزلت الأرض على عهد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر حتى اصطفقت السرر، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر يصلي، فلم يدر بها، ولم يوافق أحدا يصلي فدرى بها، فخطب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الناس، فقال: أحدثتم، لقد عجلتم، قالت: ولا أعلمه إلا قال: لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم.
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب الكرماني ، من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، مختصرا.
وقالت طائفة: يصلى لجميع الآيات في البيوت فرادى، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان [ ص: 325 ] nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وأصحابه.
وكذلك إسماعيل بن سعيد الشالنجي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، قال: صلاة الآيات وصلاة الكسوف واحد.
كذا نقله أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتابه " الشافي" من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14031الجوزجاني ، عن الشالنجي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
ونقله - أيضا- من طريق الفضل بن زياد وحبيش بن مبشر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا.
والذي نقله nindex.php?page=showalam&ids=14031الجوزجاني في كتابه " المترجم"، عن إسماعيل بن سعيد ، قال: سألت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن صلاة كسوف الشمس والقمر والزلازل؟ قال: تصلى جماعة، ثمان ركعات وأربع سجدات، وكذلك الزلزلة.
قال: وبذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16040أبو أيوب - يعني: nindex.php?page=showalam&ids=16040سليمان بن داود الهاشمي - nindex.php?page=showalam&ids=11997وأبو خيثمة .
وقال: nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة يرى فيها الخطبة وجماعة.
وقد نقل أبو بكر في " الشافي" هذا - أيضا- من طريق nindex.php?page=showalam&ids=14031الجوزجاني .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=14031الجوزجاني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16411عبد الله بن الحارث بن نوفل ، قال: صلى بنا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في زلزلة كانت، فصلى بنا ست ركعات في ركعتين، فلما انصرف التفت إلينا وقال: هذه صلاة الآيات.
فالمنصوص عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إنما يدل على الصلاة للزلزلة خاصة، وهو الذي عليه عامة أصحابنا، وخصوه بالزلزلة الدائمة التي يتمكن من الصلاة لها مع وجودها.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنه صلى للزلزلة بعد سكونها وانقضائها.
[ ص: 326 ] وحكى بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قولا له: أنه يصلى للزلزلة.
ومنهم من حكاه في جميع الآيات.
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور : الصلاة للزلزلة والطامة والريح الشديدة.
وهذا يدل على استحبابها لكل آية، كالظلمة في النهار، والضياء المشبه للنهار بالليل، سواء كان في السماء أو انتثار الكواكب، وغير ذلك.
وهو اختيار ابن أبي موسى من أصحابنا، وظاهر كلام أبي بكر عبد العزيز في " الشافي" أيضا.
وممن روي عنه، أنه يصلي في الآيات: nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس.
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت: صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات.
وروي عنها، مرفوعا.
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=14031الجوزجاني من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقوم في صلاة الآيات، فيركع ثلاث ركعات، ويسجد سجدتين، ثم يقوم فيركع ثلاث ركعات، ثم يسجد سجدتين.
[ ص: 327 ] واستدل به على الصلاة للزلزلة.
ولكن رواه nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع، عن nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، فوقفه على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وهو الصواب.
وهو منقطع، وفي إسناده: nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد ، وله مناكير.
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من رواية عبيد الله بن النضر ، قال: أخبرني أبي، قال: كانت ظلمة على عهد nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال: أتيت nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، فقلت: يا أبا حمزة ، هل كان يصيبكم هذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم؟ فقال: معاذ الله، إن كانت الريح تشتد فنبادر المسجد مخافة القيامة.
وبوب عليه: " باب: الصلاة عند الظلمة".
وهو دليل على الصلاة عند اشتداد الريح أيضا.
nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود من أجل أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
ثم بوب على السجود عند الآيات، وذكر فيه حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتقدم.
وظاهره يدل على أن الآيات يسجد عندها سجودا مفردا، كسجود الشكر من غير صلاة.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه بلغه عن عباد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم الأحول ، عن قزعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات: خمس ركعات وسجدتين في ركعة، وركعة وسجدتين في ركعة.
[ ص: 328 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ولو ثبت هذا الحديث عندنا لقلنا به.
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هو ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
ثم ذكر بنحو ما تقدم.
وله طرق صحيحة، عن عبد الله بن الحارث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وروى حرب : نا nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ، نا nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن إبراهيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ، قال: إذا فزعتم من أفق من آفاق السماء فافزعوا إلى الصلاة.
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من رواية حبيب بن حسان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ، قال: قال عبد الله : إذا سمعتم هادا من السماء، فافزعوا إلى الصلاة.
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي من رواية حبيب بن حسان ، عن إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " إذا فزعتم من أفق من آفاق السماء، فافزعوا إلى الصلاة".
وقال: حبيب بن حسان قد اتهم في دينه، ولا بأس برواياته.
قلت: الصحيح رواية nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن إبراهيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة من قوله. والله - سبحانه وتعالى- أعلم.
وروى حرب بإسناده، عن أبي الجبر ، قال: أظلمت يوما نهارا، حتى رأينا الكواكب، فقام تميم بن حذلم ، فصلى، فأتاه هني بن نويرة ، فسأله ما [ ص: 329 ] صنع؟ فأمره أن يرجع إلى بيته فيصلي.
واعلم أن الشغل بالصلاة في البيوت فرادى عند الآيات أكثر الناس على استحبابه، وقد نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه.
كما يشرع الدعاء والتضرع عند ذلك; لئلا يكون عند ذلك غافلا.
وإنما محل الاختلاف: هل تصلى جماعة، أم لا؟ وهل تصلى ركعة بركوعين كصلاة الكسوف، أم لا؟
وظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأكثر أصحابنا: أنه لا تسن الصلاة للآيات جماعة ولا فرادى.
وفي " تهذيب المدونة": أنكر nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك السجود للزلزلة.
ولا وجه لكراهة ذلك، إلا إذا نوى به الصلاة لأجل تلك الآية الحادثة دون ما إذا نوى به التطوع المطلق.
وقد روي عن طائفة من علماء أهل الشام ، أنهم كانوا يأمرون عند الزلزلة بالتوبة والاستغفار، ويجتمعون لذلك، وربما وعظهم بعض علمائهم وأمرهم ونهاهم، واستحسن ذلك الإمام.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر الخلال في " كتاب العلل": نا nindex.php?page=showalam&ids=15202أبو بكر المروذي ، قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله - يعني: nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد - يقول: سألني إنسان عن الرجفة، فكتبت له هذا الحديث - وقال: ما أحسنه-: أنا nindex.php?page=showalam&ids=11914أبو المغيرة ، قال: أصاب الناس رجفة بحمص ، سنة أربع وتسعين، ففزع الناس إلى المسجد، فلما صلى أيفع بن عبد الكلاعي صلاة الغداة، قام في الناس، فأمرهم بتقوى الله، وحذرهم وأنذرهم، ونزع القوارع من القرآن، وذكر الذين أهلكوا بالرجفة قبلنا، ثم قال: والله، ما أصابت قوما قط قبلكم إلا أصبحوا في دارهم جاثمين، فاحمدوا الله الذي عافاكم ودفع عنكم، ولم يهلككم بما أهلك به الظالمين قبلكم، وكان أكثر دعائه: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، واستغفروا الله، ويقول: يا أيها الناس، عليكم بهؤلاء الكلمات; فإنهن القرآن، وهي الباقيات الصالحات.
ثم إن أيفع قال لأبي ضمرة القاضي : قم في الناس، فقام فصنع كما صنع، أيفع ، فلما قضى موعظته انصرف، ثم صنع ذلك دبر الصلوات ثلاثة أيام، فاستحسن ذلك المسلمون.
ومما يتعلق بالزلزلة: هل يجوز الخروج منها والهرب إلى الصحراء؟
قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : لا بأس به; كل يعلم أنه ليس يسبق قدر الله من فر ومن جلس، قال: والجلوس أحب إلي.
خرجه حرب من رواية nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عنه.
قال حرب : وسألت nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، عن الرجل يكون في بيته، فتصيبه الزلزلة: هل يقوم فيخرج من البيت؟ قال: إن فعل فهو أحسن.
وقد صنف في هذه المسألة أبو القاسم ابن عساكر الحافظ الدمشقي مصنفا، [ ص: 331 ] ولم يذكر في ذلك أثرا عمن تقدم من العلماء، لكنه حكى عن بعض من في زمانه، أنه استحب الفرار منها.
وهذا حديث مرسل، خرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في " مراسيله".
وقد روي مسندا، ولا يصح.
ورد أبو القاسم على هذا القائل قوله، وألحق الفرار منها بالفرار من الطاعون.
وفي ذلك نظر; لأن الفرار من الطاعون لا يتيقن به النجاة، بل الغالب فيه عدم النجاة، وأما الخروج من المساكن التي يخشى وقوعها بالرجفة فيغلب على الظن منه السلامة، فهو كالهرب من النار والسيل ونحوهما.
والحديث المرسل الذي ذكرناه يشهد له. والله -سبحانه وتعالى- أعلم.
وإنما جاء النهي عن الخروج من الرجفة إلى الدجال ، إذا حاصر المدينة ، فترجف المدينة ثلاث رجفات، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة.