مقصود nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا الباب أن الحيض لا يمنع شيئا من مناسك الحج غير الطواف بالبيت والصلاة عقيبه ، وأن ما عدا ذلك من المواقف والذكر والدعاء لا يمنع الحيض شيئا منه ، فتفعله الحائض كله . فدخل في ذلك الوقوف بعرفة ، والمزدلفة ، ورمي الجمار ، وذكر الله عز وجل ودعاؤه في هذه المواطن . وكل هذا متفق على جوازه .
ولم يدخل في ذلك السعي بين الصفا والمروة ; لأنه تابع للطواف لا يفعل إلا بعده ، ولم تكن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة طافت قبل حيضها ، فلو كانت قد طافت قبل حيضها لدخل فيه السعي أيضا .
وهذا كله متفق عليه بين العلماء إلا خلافا شاذا في الذكر ، وقد ذكرناه فيما سبق في ( أبواب الوضوء ) . وإلا السعي بين الصفا والمروة ; فإن للعلماء فيه اختلافا : هل يفعل مع الحيض ؟ أم لا ؟ والجمهور على جوازه مع الحيض ، ومنع منه طائفة من السلف . لكن منهم من علل ذلك بمنع تقدم السعي للطواف ; فلو كانت طافت ، ثم حاضت - لزال المنع حينئذ على هذا التعليل ، وحكي المنع رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
ومنع nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق الجنب من السعي دون الحائض ; لأن الجنب لا عذر له في تأخير الغسل بخلاف الحائض .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=17343يحيى بن يحيى الأندلسي حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الذي خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري [ ص: 425 ] هاهنا عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم ، وقال فيه : ( غير أن لا تطوفي بالبيت ، ولا بالصفا والمروة - حتى تطهري ) .
وزيادة ( الصفا والمروة ) وهم على nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، لم يذكره عنه أحد غير يحيى ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر .
وفي ( صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ) عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر - وذكر قصة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في حيضها في الحج ، وقال في آخره : فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( اغتسلي ، ثم أهلي بالحج ) . ففعلت ، ووقفت المواقف ، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة .
وأما طواف الحائض بالبيت فالجمهور على تحريمه ، ورخص فيه طائفة من المالكية إذا لم تحتبس لها الرفقة أن تطوف للإفاضة حينئذ ، وسنذكر ذلك في موضعه من ( الحج ) إن شاء الله تعالى .
[ ص: 426 ] وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية في إخراج الحيض في العيدين فقد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في مواضع متعددة من ( كتابه ) مبسوطا ، وفيه دليل على جواز الذكر والدعاء للحائض .
وأما ما ذكره تعليقا أن النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=657566كان يذكر الله على كل أحيانه فخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في ( صحيحه ) من حديث البهي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في ( علله ) أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه ، فقال : هو حديث صحيح .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12007أبي زرعة ، أنه قال : لم يرو إلا من هذا الوجه ، وليس هو بذاك .
وفيه دليل على أن الذكر لا يمنع منه حدث ولا جنابة ، وليس فيه دليل على جواز قراءة القرآن للجنب ; لأن ذكر الله إذا أطلق لا يراد به القرآن .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : لا أعلم أحدا منع من ذلك . قال : وأجمع أهل العلم على أن لهما أن يذكرا الله ويسبحانه .
فلم يبق مما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الباب سوى قراءة القرآن ، وظاهر كلامه أن الحائض لا تمنع من القراءة . واستدل [بكتابة] النبي صلى الله عليه وسلم البسملة مع آية من القرآن إلى هرقل .
[ ص: 427 ] وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أن الحائض تقرأ الآية ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه لم ير بالقرآن للجنب بأسا .
أما nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقد حكى عنه جواز القرآن للجنب غير واحد . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كان يقرأ ورده وهو جنب ، ورخص nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب في قراءته . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : أليس في جوفه ؟ انتهى .
وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=17193نافع بن جبير بن مطعم في قراءة القرآن على غير طهارة : لا بأس به ، أليس القرآن في جوفه ؟
وممن رأى الرخصة في قراءة القرآن للجنب قسامة بن زهير ، nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم ، وربيعة ، وداود .
وروي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل ، وأنه قال : ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير بإسناد ساقط لا يصح ، والظاهر أنه مما وضعه محمد بن سعيد المصلوب ، وأسقط اسمه من الإسناد ; فقد وجدنا أحاديث متعددة بهذا الإسناد ، وهي من موضوعات المصلوب .
وحكي جواز القراءة للجنب والحائض عن طائفة من أهل الحديث ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي .
وأما من رخص للجنب في قراءة الآية فقد حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي في الحائض .
وفي ( كتاب nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ) عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أن الحائض والجنب لا يتم الآية .
[ ص: 428 ] وروى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم في الجنب : لا بأس أن يقرأ الآية . قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : والحائض مثله .
وحكي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بجواز قراءة الآية ، وهي مخرجة من كلامه ، ليست منصوصة عنه ، وفي صحة تخريجها نظر .
وروي عن طائفة الرخصة في قراءة الآية والآيتين ، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وعبد الله بن مغفل ، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة : لا بأس للجنب أن يقرأ ، ما لم يقرأ السورة .
ومنهم من رخص في قراءة ما دون الآية ، وهو مروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، ورواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي .
ومنع الأكثرون الحائض والجنب من القراءة بكل حال ، قليلا كان أو كثيرا . وهذا مروي عن أكثر الصحابة ، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر . وروي عنه أنه قال : لو أن جنبا قرأ القرآن لضربته .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=8علي قال : لا يقرأ ولا حرفا .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وليس بقوي .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بإسناد لا يصح .
وهو قول أكثر التابعين ، ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق في إحدى الروايتين عنهما ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور وغيرهم .
وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الجنب ، إلا أنه رخص له في قراءة آيتين وثلاث عند المنام للتعوذ .
[ ص: 429 ] ورخص nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي له في تلاوة آيات الدعاء والتعوذ تعوذا لا قراءة . وهذا أصح الوجهين للشافعية أيضا .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الحائض روايتان إحداهما : هي كالجنب ، والثانية أنها تقرأ . وهو قول محمد بن مسلمة ; لأن مدة الحيض تطول ، فيخشى عليها النسيان ، وهي غير قادرة على الغسل ، بخلاف الجنب .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأنكره أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عنه .
وعكس ذلك آخرون ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، قال : الحائض أشد شأنا من الجنب ، الحائض لا تقرأ شيئا من القرآن ، والجنب يقرأ الآية . خرجه ابن جرير بإسناده عنه .
ووجه هذا أن حدث الحيض أشد من حدث الجنابة ; فإنه يمنع ما يمنع منه حدث الجنابة وزيادة ، وهي الوطء والصوم . وما قيل من خشية النسيان فإنه يندفع بتذكر القرآن بالقلب ، وهو غير ممنوع به .
وفي نهي الحائض والجنب عن القراءة أحاديث مرفوعة ، إلا أن أسانيدها غير قوية . كذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في قراءة الحائض ، وكأنه يشير إلى أن الرواية في الجنب أقوى ، وهو كذلك .
[ ص: 430 ] خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي بمعناه ، وقال : حسن صحيح . وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في ( صحيحيهما ) nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وقال : صحيح الإسناد .
وتكلم فيه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره ; فإن عبد الله بن سلمة هذا رواه بعدما كبر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عنه : كان يحدثنا ، فكنا نعرف وننكر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : لا يتابع في حديثه . ووثقه العجلي nindex.php?page=showalam&ids=17383ويعقوب بن شيبة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به .
والاعتماد في المنع على ما روي عن الصحابة ، ويعضده قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=156وميمونة في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في حجرهما في حال الحيض ; فإنه يدل على أن للحيض تأثيرا في منع القراءة .
وأما استدلال المجيزين بحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ( اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي ) - فلا دلالة لهم فيه ; فإنه ليس في مناسك الحج قراءة مخصوصة حتى تدخل في عموم هذا الكلام ، وإنما تدخل الأذكار والأدعية .
وأما الاستدلال بحديث الكتاب إلى هرقل فلا دلالة فيه ; لأنه إنما كتب ما تدعو الضرورة إليه للتبليغ ، وقد سبق ذكر ذلك في شرح حديث هرقل في أول الكتاب .
وقد اختلف العلماء في تمكين الكافر من تلاوة القرآن ، فرخص فيه nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وغيرهما . ومنهم من منع منه ، وهو قول أبي عبيد وغيره .
واختلف أصحابنا في ذلك ; فمنهم من منعه مطلقا ، ومنهم من رخص فيه [ ص: 431 ] مطلقا . ومنهم من جوزه إذا رجي من حال الكافر الاستهداء والاستبصار ، ومنعه إذا لم يرج ذلك .
والمنقول عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه كرهه .
وقال أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن لم يرج له الاستهداء بالقراءة منع منها ، وإن رجي له ذلك لم يمنع على أصح الوجهين .