[ ص: 468 ] وخرج في الباب حديث منصور بن صفية بنت شيبة ، عن أمه . [وليس] في حديثه سوى ذكر الفرصة الممسكة . ولكنه أشار إلى أن [الحكمين] الآخرين قد رويا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=199صفية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من وجه [آخر] ، لكن ليس هو على شرطه ، فخرج الحديث الأول بالإسناد الذي على شرطه ، ونبه بذلك على الباقي .
وفي رواية له أيضا قال : ( سبحان الله ، تطهري بها ! ) واستتر .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من طريق أبي الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر ، وفي حديثه قال : دخلت أسماء بنت شكل على رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكره ، [ ص: 469 ] ولم يذكر فيه غسل الجنابة .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من طريق أبي الأحوص ، ولفظه ( تأخذ ماءها وسدرتها ، فتوضأ ، وتغسل رأسها وتدلكه ) - وذكر الحديث ، وزاد فيه : ( الوضوء ) .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس بن الربيع ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=199صفية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت : أتت فلانة بنت فلان الأنصارية ، فقالت : يا رسول الله ، كيف الغسل من الجنابة ؟ فقال : ( تبدأ إحداكن فتوضأ ، فتبدأ بشق رأسها الأيمن ، ثم الأيسر حتى تنقي شئون رأسها ) . ثم قال : ( أتدرون ما شئون الرأس ؟ ) قالت : البشرة . قال : ( صدقت ، ثم تفيض على بقية جسدها ) . قالت : يا رسول الله ، فكيف الغسل من المحيض ؟ قال : ( تأخذ إحداكن سدرتها وماءها ، فتطهر ، فتحسن الطهور ، ثم تبدأ بشق رأسها الأيمن ، ثم الأيسر حتى تنقي شئون رأسها ، ثم تفيض على سائر جسدها ، ثم تأخذ فرصة ممسكة ، فتطهر بها ) . قالت : يا رسول الله ، كيف أتطهر بها ؟ فقلت : سبحان الله ! تتبعي بها آثار الدم .
وإبراهيم بن المهاجر لم يخرج له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : هي القطعة من الصوف أو القطن أو غيره ، مأخوذ من فرصت الشيء : أي قطعته .
و( المسك ) : هو الطيب المعروف .
هذا هو الصحيح الذي عليه الجمهور ، والمراد أن هذه القطعة يكون فيها [ ص: 470 ] شيء من مسك ، كما في الرواية الثانية : ( فرصة ممسكة ) .
وزعم ابن قتيبة nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي أن الرواية ( مسك ) بفتح الميم ، والمراد به الجلد الذي عليه صوف ، وأنه أمرها أن تدلك به مواضع الدم .
ولعل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذهب إلى مثل ذلك ، ولذلك بوب عليه : ( دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض ) ، ويعضد ذلك أنه في ( كتاب الزينة والترجل ) قال : ( باب ما يذكر في المسك ) ، ولم يذكر فيه إلا حديث ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) . ولذلك - والله أعلم - لم يخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث في ( باب : الطيب للمرأة عند غسل الحيض ) .
والصحيح الذي عليه جمهور الأئمة العلماء بالحديث والفقه أن غسل المحيض يستحب فيه استعمال المسك ، بخلاف غسل الجنابة ، والنفاس كالحيض في ذلك . وقد نص على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وهما أعلم بالسنة واللغة وبألفاظ الحديث ورواياته من مثل ابن قتيبة nindex.php?page=showalam&ids=14228والخطابي ومن حذا حذوهما ممن يفسر اللفظ بمحتملات اللغة البعيدة .
ومعلوم أن ذكر المسك في غسل الجنابة لم يرو في غير هذا الحديث ، فعلم أنهم فسروا المسك فيه بالطيب .
وزعم nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي أن قوله : ( خذي فرصة من مسك ) - يدل على أن الفرصة نفسها هي المسك . قال : وهذا إنما يصح إذا كانت من جلد ، أما لو كانت قطعة من صوف أو قطن لم تكن من مسك .
وهذا ليس بشيء ; فإن المراد خذي نبذة يسيرة من مسك ، سواء كانت [ ص: 471 ] منفردة أو في شيء ، كما في الرواية الثانية ( خذي فرصة ممسكة ) .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل : يستحب للمرأة إذا هي خرجت من حيضها أن تمسك مع القطنة شيئا من المسك ; ليقطع عنها رائحة الدم وزفرته ، تتبع به مجاري الدم .
وقال جعفر بن محمد : سألت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن غسل الحائض ، فذهب إلى حديث إبراهيم بن المهاجر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة ، وقال : تدلك شئون رأسها .
وقال يعقوب بن بختان : سألت nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن النفساء والحائض ، كم مرة يغتسلان ؟ قال : كما تغسل الميتة . قال : وسألته عن الحائض متى توضأ ؟ قال : إن شاءت توضأت إذا بدأت واغتسلت ، وإن شاءت اغتسلت ثم توضأت .
وظاهر هذا أنها مخيرة بين تقديم الوضوء وتأخيره ; فإنه لم يرد في السنة تقديمه كما في غسل الجنابة ، وإنما ورد في حديث أبي الأحوص ، عن إبراهيم بن المهاجر : ( توضأ ، وتغسل رأسها ، وتدلكه ) - بالواو ، وهي لا تقتضي ترتيبا .
فتحصل من هذا أن غسل الحيض والنفاس يفارق غسل الجنابة من وجوه :
أحدها : أن الوضوء في غسل الحيض لا فرق بين تقديمه وتأخيره ، وغسل الجنابة السنة تقديم الوضوء فيه على الغسل .
والثاني : أن غسل الحيض يستحب أن يكون بماء وسدر ، ويتأكد استعمال السدر فيه ، بخلاف غسل الجنابة ; لحديث إبراهيم بن المهاجر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني : قرأت على ابن حنبل : أيجزئ الحائض الغسل بالماء ؟ [ ص: 472 ] فأملى علي : إذا لم تجد إلا وحده اغتسلت به ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ماءك وسدرتك ) ، وهو أكثر من غسل الجنابة . قلت : فإن كانت قد اغتسلت بالماء ، ثم وجدته ؟ قال : أحب إلي أن تعود ; لما قال .
الثالث : أن غسل الحيض يستحب تكراره كغسل الميتة ، بخلاف غسل الجنابة . وهذا ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، ولا فرق في غسل الجنابة بين المرأة والرجل ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية مهنا .
والرابع : أن غسل الحيض يستحب أن يستعمل فيه شيء من الطيب ، في خرقة أو قطنة أو نحوهما ، يتبع به مجاري الدم .
وقد علل nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ذلك بأنه يقطع زفورة الدم ، وهذا هو المأخذ الصحيح عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا . وشذ nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، فحكى في ذلك وجهين :
قال : فإن فقدت المسك ، وقلنا بالأول - أتت بما يقوم مقامه في دفع الرائحة ، وإن قلنا بالثاني فما يسرع إلى العلوق كالقسط والأظفار ونحوهما .
قال : واختلف الأصحاب في وقت استعماله ; فمن قال بالأول قال : بعد الغسل ، ومن قال بالثاني فقبله .
قال صاحب ( شرح المهذب ) : وهذا الوجه الثاني ليس بشيء ، وما يفرع عليه أيضا ليس بشيء ، وهو خلاف ما عليه الجمهور ، والصواب أن المقصود به تطييب المحل ، وأنها تستعمله بعد الغسل .
قال : وقد نصوا على استحبابه للزوجة وغيرها ، والبكر والثيب . والله أعلم .
قال : واستعمال الطيب سنة متأكدة ، يكره تركه بلا عذر . انتهى .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذي فرصة ممسكة فتطهري بها ) ، وفي رواية ( توضئي بها ) - يدل على أن المراد به التنظيف والتطييب والتطهير ، وكذلك سماه تطهيرا ، وتوضؤا ، والمراد الوضوء اللغوي الذي هو النظافة .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : ( تتبعي بها مجاري الدم ) - إشارة إلى إدخاله الفرج .
واستحب بعض الشافعية استعمال الطيب في كل ما أصابه دم الحيض من [الجسد] أيضا ; لأن المقصود قطع رائحة الدم حيث كان .
ونص nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على أنه [لا يجب] غسل باطن الفرج من حيض ، ولا جنابة ، ولا استنجاء .
قال جعفر بن محمد : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد : إذا اغتسلت من المحيض تدخل يدها ؟ قال : لا ، إلا ما ظهر ، [ولم] ير عليها أن تدخل أصبعها ولا يدها في فرجها في غسل ولا وضوء .
ولأصحابنا وجه بوجوب ذلك في الغسل والاستنجاء ، ومنهم من قال : إن [ ص: 474 ] كانت [ثيبا] وخرج البول بحدة ولم يسترسل لم يجب سوى الاستنجاء في موضع خروج البول ، وإن استرسل فدخل منه شيء الفرج وجب غسله .
ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الثيب يجب [عليها] إيصال الماء إلى ما يظهر في حال قعودها لقضاء الحاجة ; لأنه صار حكم الظاهر ، نص على ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وشبهه بما بين الأصابع . وعليه جمهور أصحابه ، وما وراء ذلك على ذلك فهو عندهم في حكم الباطن على الصحيح .
ولهم وجه آخر أنه يجب عليها إيصال الماء إلى داخل فرجها ، بناء على القول بنجاسته .
ووجه آخر أنه يجب في غسل الحيض والنفاس ; لإزالة النجاسة ، ولا يجب في الجنابة .
ومنهم من قال : لا يجب إيصاله إلى شيء من داخل الفرج بالكلية ، كما لا يجب إيصاله إلى داخل الفم عندهم .
والخامس : أن غسل الحيض تنقض فيه شعرها إذا كان مضفورا ، بخلاف غسل الجنابة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن .