وكن نساء يبعثن إلى nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بالدرجة فيها الكرسف ، فيه الصفرة ، فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ، تريد بذلك الطهر من الحيضة .
وبلغ ابنة زيد بن ثابت أن نساء يدعون بالمصابيح من جوف الليل ، ينظرن إلى الطهر ، فقالت : ما كان النساء يصنعن هذا ! وعابت عليهن .
هذان الأثران خرجهما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في ( الموطإ ) ، فروى عن علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه مولاة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - أنها قالت : كان النساء يبعثن إلى nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بالدرجة فيها الكرسف ، فيه الصفرة من دم الحيضة ، يسألنها عن الصلاة ، فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ، تريد بذلك الطهر من الحيضة .
وروى أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16397عبد الله بن أبي بكر ، عن عمته ، عن ابنة زيد بن ثابت - أنه بلغها أن نساء كن يدعون بالمصابيح من جوف الليل ، ينظرن إلى الطهر ، فكانت تعيب ذلك عليهن ، وتقول : ما كان النساء يصنعن هذا !
وإنما كان نساء الصدر الأول يصنعن هذا لشدة اهتمامهن بالصلاة ، وأمور الدين رضي الله عنهن .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إنما أنكرت بنت زيد بن ثابت على النساء افتقاد أحوالهن في غير وقت الصلاة وما قاربها ; لأن جوف الليل ليس بوقت صلاة ، وإنما على النساء افتقاد أحوالهن للصلاة ، فإن كن قد طهرن تأهبن للغسل ; لما عليهن من الصلاة . انتهى .
[ ص: 492 ] وفيما قاله نظر ; فإن جوف الليل وقت لصلاة العشاء ، فإذا طهرت فيه الحائض لزمها صلاة العشاء وصلاة المغرب أيضا عند كثير من العلماء .
وإنما أنكرت بنت زيد - والله أعلم - النظر في لون الدم ، وأن مدة العادة تحكم بأن جميع ما يرى فيها دم حيض وإن اختلفت ألوانه .
وهذا المعنى أقرب إلى إدخال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري له في هذا الباب ، وإلى إدخال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك له في ( الموطإ ) في ( باب طهر الحيض ) ، وسياقهما له بعد قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الذي صدر به البخاري هذا الباب .
و( الدرجة ) قد رويت بضم الدال المشددة وسكون الراء ، فتكون تأنيث ( درج ) . ورويت بكسر الدال وفتح الراء ، فتكون جمع ( درج ) كما تجمع ( خرج وترس ) على ( خرجة وترسة ) .
و( الدرج ) المراد به هنا خرق تلف وفيها قطن ، وهو الكرسف ، فتدخله المرأة الحائض في فرجها ; لتنظر ما يخرج على القطن ; فإذا خرج عليه دم أحمر أو أسود علمت المرأة أن دم حيضها باق ، وإن خرج عليه صفرة فقد أفتت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضى الله عنها - بأنه حيض أيضا ، وأن الحائض لا ينقطع حيضها حتى ترى القصة البيضاء .
و( القصة ) بفتح القاف أصلها القطعة من الجص الأبيض ، وأرادت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بذلك أن القطنة تخرج بيضاء ، ليس فيها شيء من الصفرة ولا الكدرة ، فيكون ذلك علامة نقائها وطهرها .
وقالت طائفة : بل القصة البيضاء عبارة عن ماء أبيض يخرج عقب الدم من النساء في آخر الحيض ، فلا تطهرن بدونه . وقيل : إنه يشبه الخيط الأبيض ، وهذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره .
[ ص: 493 ] وروى nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن ميسرة ، عن عبد الرحمن بن ذؤيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت : الطهر أن ترى المرأة بعد الدم ماء أبيض قطعا . خرجه nindex.php?page=showalam&ids=15703حرب الكرماني .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أنه قال في تفسير القصة البيضاء : رأيت القطن الأبيض ، كأنه هو .
وعن ابن أبي سلمة قال : إذا كان ذلك نظرت المرأة إلى مثل ريقها في اللون ، فتطهر بذلك فيما بلغنا .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قال : سألت النساء عن القصة البيضاء ، فإذا ذاك أمر معروف عند النساء ، يرينه عند الطهر .
وهذا المحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يوافق القول الثاني الذي ذكرناه ، وأن القصة البيضاء عبارة عن شيء أبيض يخرج في آخر دم الحيض .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : اختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عنه في علامة الطهر ; ففي ( المدونة ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا كانت المرأة ممن ترى القصة البيضاء فلا تطهر حتى تراها ، وإن كانت ممن لا تراها فطهرها الجفوف ، وذلك أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة . وبه قال عيسى بن دينار ، قال : القصة البيضاء أبلغ في براءة الرحم من الجفوف .
وفي ( المجموعة ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا رأت الجفوف وهي ممن ترى القصة البيضاء فلا تصلي حتى تراها ، إلا أن يطول ذلك بها . وقال ابن حبيب : تطهر بالجفوف ، وإن كانت ممن ترى القصة البيضاء .
قال ابن حبيب : والجفوف أبرأ للرحم من القصة البيضاء .
[ ص: 494 ] قال : فمن كان طهرها القصة البيضاء ، ورأت الجفوف - فقد طهرت .
قال : ولا تطهر التي طهرها الجفوف برؤيتها القصة البيضاء حتى ترى الجفوف .
قال : وذلك أن أول الحيض دم ، ثم صفرة ، ثم ترية ، ثم كدرة . ثم يكون ريقا كالفضة ، ثم ينقطع . فإذا انقطع قبل هذه المنازل فقد برئت الرحم من الحيض . قال : والجفوف أبرأ وأوعب ، وليس بعد الجفوف انتظار . انتهى ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر رحمه الله .
وفي ( تهذيب المدونة ) : تغتسل إن رأت القصة البيضاء ، فإن كانت ممن لا تراها فحين ترى الجفوف .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم : والجفوف أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : الترية الشيء الخفي اليسير ، وهو أقل من الصفرة والكدرة ، ولا تكون الترية إلا بعد اغتسال . فأما ما كان في أيام الحيض فهو حيض وليس بترية . انتهى .
واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في تفسير القصة البيضاء ; فنقل الأكثرون عنه أنه شيء أبيض يتبع الحيضة ، ليس بصفرة ولا كدرة ، فهو علامة الطهر ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن القصة البيضاء هو الطهر وانقطاع الدم ، وكذلك فسر nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري القصة البيضاء بالطهر من الحيض .
[ ص: 495 ] وأرسلت امرأة إلى nindex.php?page=showalam&ids=16693عمرة بنت عبد الرحمن بدرج فيه كرسفة قطن ، فيها كالصفرة ، تسألها : هل ترى إذا لم تر المرأة من الحيضة إلا هذا أن قد طهرت ؟ فقالت : لا ، حتى ترى البياض خالصا .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير أنه قال على المنبر : يا معشر النساء ، إذا رأت إحداكن القصة البيضاء فهو الطهر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول : لا تغتسل المرأة من الحيض إذا طهرت حتى ترى طهرا أبيض . وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القولين في تفسير القصة البيضاء .
ودل قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها هذا على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض ، وأن من لها أيام معتادة تحيض فيها ، فرأت فيها صفرة أو كدرة - فإن ذلك يكون حيضا معتبرا .
وهذا قول جمهور العلماء ، حتى إن منهم من نقله إجماعا ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ، ومرة خص nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق حكاية الإجماع بالصفرة دون الكدرة .
ولكن ذهب طائفة قليلة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وداود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وبعض الشافعية - إلى أنه لا يكون ذلك حيضا حتى يتقدمه في مدة العادة دم .
واشترط بعض الشافعية أن يكون الدم المتقدم يبلغ أقل الحيض . ومنهم من اشترط أن يلحقه دم أيضا . ومنهم من اشترط أن يلحقه دم يبلغ أقل الحيض .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : الصفرة حيض ، والكدرة ليست حيضا ، إلا أن يتقدمها دم . وحكي عن داود أن الصفرة والكدرة لا تكون حيضا بكل حال .
[ ص: 496 ] فأما ما زاد على أيام العادة ، واتصل بها ، وكان صفرة أو كدرة - فهل يكون حيضا ؟ أم لا ؟ فيه قولان :
أحدهما : أنه حيض ، وهو أشهر الروايتين عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا ، وعليه أكثر أصحابه ، وقول الحكم nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق .
والثاني : أنه ليس بحيض ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والإصطخري وغيره من الشافعية .
وأما الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد فإنه يرى أن الزائد على العادة لا يلتفت إليه أول مرة حتى يتكرر مرتين أو ثلاثا على اختلاف عنه ، وقد سبق ذكر ذلك .
فإن زاد على العادة بصفرة أو كدرة ، وتكرر ثلاثا - فهل يكون حيضا ؟ أم لا ؟ فيه عنه روايتان .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها لا تلتفت إلى الزائد على العادة من الصفرة والكدرة . خرجه حرب nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=16047سليمان بن موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، قالت : إذا رأت المرأة الدم فلتمسك عن الصلاة حتى تراه أبيض كالفضة ، فإذا رأت ذلك فلتغتسل ولتصل ، فإذا رأت بعد ذلك صفرة أو كدرة فلتتوضأ ولتصل ، فإذا رأت دما أحمر فلتغتسل ولتصل .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر ما يشعر بخلاف ذلك ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء ، قالت : كنا في حجرها مع بنات أخيها ، فكانت إحدانا تطهر ، ثم تصلي ، ثم تنتكس بالصفرة اليسيرة ، فنسألها ، فتقول : اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك ، حتى ترين البياض خالصا .
[ ص: 497 ] وقد حمله بعض أصحابنا على أن الصفرة أو الكدرة إذا رئيت بعد الطهر وانقطاع الدم فإنها لا تكون حيضا ولو تكررت ، على الصحيح عندهم ، بخلاف ما إذا رأت ذلك متصلا بالدم وتكرر .
فهذا كله في حق المعتادة .
فأما المبتدأة فإذا رأت في زمن يصلح للحيض صفرة أو كدرة فقالت طائفة من أصحابنا كالقاضي nindex.php?page=showalam&ids=14953أبي يعلى ومن تابعه ، وأكثر أصحاب الشافعي : إنه يكون حيضا ; لأن زمن الدم للمبتدأة كزمن العادة للمعتادة .
وقالت طائفة من أصحابنا : لا يكون حيضا ، وقالوا : إنه ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وهو قول طائفة من الشافعية أيضا . وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وأكثر الفقهاء ; لأنه اجتمع فيه فقد العادة ولون الدم المعتاد ، فقويت جهة فساده . وعلى هذا فينبغي أنه إن تكرر ذلك ثلاثا أن يكون حيضا إن قلنا : إن المتكرر بعد العادة حيض . وقد يفرق بينهما بأن المتكرر بعد العادة قد سبقه دم بخلاف هذا .