وسئل بعضهم عن المحبة ، فقال : الموافقة في جميع الأحوال .
فعلامة تقديم محبة الرسول على محبة كل مخلوق أنه إذا تعارض طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أوامره ، وداع آخر يدعو إلى غيرها من هذه الأشياء المحبوبة ; فإن قدم المرء طاعة الرسول وامتثال أوامره على ذلك الداعي كان دليلا على صحة محبته للرسول وتقديمها على كل شيء ، وإن قدم على طاعته وامتثال أوامره شيئا من هذه الأشياء المحبوبة طبعا دل ذلك على عدم إتيانه بالإيمان التام الواجب عليه .
وكذلك القول في تعارض محبة الله ومحبة داعي الهوى والنفس ; فإن محبة الرسول تبع لمحبة مرسله عز وجل .
هذا كله في امتثال الواجبات وترك المحرمات ، فإن تعارض داعي النفس ومندوبات الشريعة ; فإن بلغت المحبة إلى تقديم المندوبات على دواعي النفس كان ذلك علامة كمال الإيمان وبلوغه إلى درجة المقربين والمحبوبين المتقربين بالنوافل بعد الفرائض ، وإن لم تبلغ هذه المحبة إلى هذه الدرجة فهي درجة المقتصدين أصحاب اليمين الذين كملت محبتهم ، ولم يزيدوا عليها .