وقيل: إنه المراد بالمساجد على القراءة الأخرى، وأنه جمعه لتعدد بقاع المناسك هناك، وكل واحد منها في معنى مسجد. روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة . والله أعلم.
ورخص nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة لهم في دخوله دون الإقامة به.
ومن قال: المراد جميع المساجد، فاختلفوا:
فمنهم: من قال: لا يمكن الكفار من قربان مسجد من المساجد، ودخوله بالكلية.
ومنهم: من رخص لهم في دخول مساجد الحل في الجملة.
ومنهم: من فرق بين أهل الكتاب والمشركين، فرخص فيه لأهل الكتاب دون المشركين.
وقد أفرد nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بابا لدخول المشرك المسجد، ويأتي الكلام على هذه المسألة هناك مستوفى - إن شاء الله تعالى.
واتفقوا على منع الكفار من إظهار دينهم في مساجد المسلمين، لا نعلم [ ص: 483 ] في ذلك خلافا.
وهذا مما يدل على اتفاق الناس على أن العمارة المعنوية مرادة من الآية.
واختلفوا في تمكينهم من عمارة المساجد بالبنيان والترميم ونحوه على قولين:
أحدهما: المنع من ذلك ; لدخوله في العمارة المذكورة في الآية، ذكر ذلك كثير من المفسرين كالواحدي وأبي الفرج ابن الجوزي ، وكلام القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14953أبي يعلى في كتاب "أحكام القرآن" يوافق ذلك، وكذلك كيا الهراسي من الشافعية، وذكره البغوي منهم احتمالا.
والثاني: يجوز ذلك، ولا يمنعون منه، وصرح به طائفة من فقهاء أصحابنا nindex.php?page=showalam&ids=13890والبغوي من الشافعية وغيرهم.
وهؤلاء ; منهم من حمل العمارة على العمارة المعنوية خاصة، ومنهم من قال: الآية إنما أريد بها المسجد الحرام ، والكفار ممنوعون من دخول الحرم على كل وجه، بخلاف بقية المساجد، وهذا جواب nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل من أصحابنا.
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أنه استعمل طائفة من النصارى في عمارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لما عمره في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك .
ويتوجه قول ثالث، وهو: أن الكافر إن بنى مسجدا للمسلمين من ماله لم يمكن من ذلك، ولو لم يباشره بنفسه، وإن باشر بناءه بنفسه باستئجار المسلمين له جاز، فإن في قبول المسلمين منة الكفار ذلا للمسلمين، بخلاف استئجار الكفار للعمل للمسلمين ; فإن فيه ذلا للكفار.
[ ص: 484 ] وقد اختلف الناس في هذا - أيضا - على قولين:
والثاني: المنع من ذلك، وأنه لا تقبل الوصية بذلك، وصرح به الواحدي في "تفسيره" وذكره ابن مزين في كتاب "سير الفقهاء" عن nindex.php?page=showalam&ids=17343يحيى بن يحيى ، قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ، وسئل عن نصراني أوصى بمال تكسى به الكعبة ؟ فأنكر ذلك، وقال: الكعبة منزهة عن ذلك.
وكذلك المساجد لا تجري عليها وصايا أهل الكفر.
وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13748محمد بن عبد الله الأنصاري قاضي البصرة : لا يصح وقف النصراني على المسلمين عموما، بخلاف المسلم المعين، والمساجد من الوقف على عموم المسلمين -: ذكره حرب عنه بإسناده.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المرأة الفقيرة تجيء إلى اليهودي أو النصراني فتصدق منه؟ قال: أخشى أن ذلك ذلة.
وقال مهنا : قلت nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد : يأخذ المسلم من النصراني من صدقته شيئا؟ قال: نعم، إذا كان محتاجا.
فقد يكون عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد روايتان في كراهة أخذ المسلم المعين من صدقة الذمي ، وقد يكون كره السؤال، ورخص في الأخذ منه بغير سؤال. والله أعلم.
وأما وقفهم على عموم المسلمين كالمساجد، فيتوجه كراهته بكل حال، كما قاله الأنصاري .
[ ص: 485 ] وقد ذكر أهل السير nindex.php?page=showalam&ids=15472كالواقدي ومحمد بن سعد أن رجلا من أحبار اليهود ، يقال له: مخيريق ، خرج يوم أحد يقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إن أصبت في وجهي هذا فمالي لمحمد يضعه حيث شاء، فقتل يومئذ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله، فقيل: إنه فرقها وتصدق بها، وقيل: إنه حبسها ووقفها .
وروى ابن سعد ذلك بأسانيد متعددة، وفيها ضعف. والله أعلم.