لما أراد nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه - هدم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وإعادة بنائه على وجه أحسن من بنائه الأول كره الناس لذلك؛ لما فيه من تغير بناء المسجد عن هيئة بنيانه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لما بناه أعاد بناءه على ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما وسعه وزاد فيه، فلهذا أكثر الناس القول على nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان .
وقد اتفق صاحبا " الصحيحين " على تخريج حديث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان من رواية عبيد الله الخولاني عنه ; لاتصال إسناده، وتصريح رواته بالسماع.
وتفرد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بتخريج حديث nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وصححه، وقال: nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 502 ] يشير بذلك إلى أنه لا يستنكر سماعه من nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ; فإن له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف ينكر أن يروي عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ؟
وقد اختلف في صحبة nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد ، وقد أنكر nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني حديث nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، وقال: في إسناده بعض الشيء، nindex.php?page=showalam&ids=17053ومحمود بن لبيد أدرك nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان .
nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ومن وافقه يكتفون في اتصال الإسناد بإمكان اللقي، وغيرهم يعتبر ثبوت اللقي.
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14559الهيثم بن كليب في " مسنده " عن صالح بن محمد الحافظ أنه قال: لا أحسب nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد سمع من nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان شيئا.
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17053محمود بن لبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان ، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس ذكر: " nindex.php?page=showalam&ids=11792أبان " في إسناده بمحفوظ.
وقد ذكرنا في الباب الماضي من غير وجه، عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يوسع في المسجد، وضمن له بيتا في الجنة ; فلهذا - والله أعلم - أدخل nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان هدم المسجد وتجديد بنيانه على وجه هو أتقن من البنيان الأول مع التوسعة فيه في قوله: " من بنى مسجدا لله بنى الله له بيتا في الجنة ".
وهذا يرجع إلى قاعدة: الجزاء على العمل من جنسه كما أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منه عضوا منها من النار، ومن نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما في الدنيا ستره الله في الآخرة، [ ص: 503 ] والراحمون يرحمهم الرحمن.
ومثل هذا كثير، فمن بنى لله مسجدا يذكر فيه اسم الله في الدنيا بنى الله له في الجنة بيتا.
وأما قوله: " مثله " فليس المراد أنه على قدره، ولا على صفته في بنيانه، ولكن المراد - والله أعلم - أنه يوسع بنيانه بحسب توسعته، ويحكم بنيانه بحسب إحكامه، لا من جهة الزخرفة ويكمل انتفاعه بما يبنى له في الجنة بحسب كمال انتفاع الناس بما بناه لهم في الدنيا، ويشرف على سائر بنيان الجنة كما تشرف المساجد في الدنيا على سائر البنيان، وإن كان لا نسبة لما في الدنيا إلى ما في الآخرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=910487ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم ترجع ".
وخرجه بمعناه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إن الصحيح وقفه على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وأما اللفظة التي شك فيها nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج ، وهي قوله: " يبتغي به وجه الله " فهذا الشرط لا بد منه، ولكن قد يستفاد من قوله: " من بنى مسجدا لله " أنه أريد به: من بنى مسجدا خالصا لله.
وبكل حال: فالإخلاص شرط لحصول الثواب في جميع الأعمال ; فإن الأعمال بالنيات ، وإنما لامرئ ما نوى، وبناء المساجد من جملة الأعمال، فإن كان الباعث على عمله ابتغاء وجه الله حصل له هذا الأجر، وإن كان الباعث عليه الرياء والسمعة أو المباهاة فصاحبه متعرض لمقت الله وعقابه، كسائر من عمل شيئا من أعمال البر يريد به الدنيا، كمن صلى يرائي، أو حج يرائي، أو تصدق يرائي.
ولكن روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه قال: كل بناء رياء فهو على صاحبه لا له، إلا من بنى المساجد رياء فهو لا عليه ولا له .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح عنه.
وهذا فيه نظر، ولو كان النفع المتعدي يمنع من عقاب المرائي به لما عوقب العالم والمجاهد والمتصدق للرياء، وهم أول من تسعر به النار يوم القيامة.
[ ص: 505 ] وأما من بنى المساجد من غير رياء ولا سمعة، ولم يستحضر فيه نية الإخلاص، فهل يثاب على ذلك أم لا؟ فيه قولان للسلف.
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين أنه يثاب على أعمال البر والمعروف بغير نية ؛ لما فيها من النفع المتعدي.
وقد سبق ذكر ذلك في أواخر "كتاب الإيمان". والله أعلم.
وبناء المساجد المحتاج إليها مستحب، وعده بعض أصحابنا من فروض الكفايات، ومراده: أنه لا يجوز أن يخلى مصر أو قرية يسكنها المسلمون من بناء مسجد فيها.
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13890أبو القاسم البغوي في "معجمه" - مختصرا - وعنده: عبد العزيز بن نزار الحبطي .
وقد سماه nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم : عبد العزيز بن زياد الحبطي . وسماه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "تاريخه": عبد العزيز بن شداد .