هذا الحديث نص في أن الإيمان الذي في القلوب يتفاضل ; فإن أريد به مجرد التصديق ففي تفاضله خلاف سبق ذكره ، وإن أريد به ما في القلوب من أعمال الإيمان كالخشية والرجاء والحب والتوكل ونحو ذلك فهو متفاضل بغير نزاع .
وقد بوب nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على هذا الحديث " باب تفاوت أهل الإيمان في الأعمال " ، فقد يكون مراده الأعمال القائمة بالقلب ، كما بوب على " أن المعرفة [ ص: 88 ] فعل القلب ، وقد يكون مراده أن أعمال الجوارح تتفاوت بحسب تفاوت إيمان القلوب ; فإنهما متلازمان .
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن وهيبا خالف nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا في هذا الحديث ، وقال : " مثقال حبة من خير " .
وفي الباب أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بمعنى حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وفي لفظه اختلاف كالاختلاف في حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد .
وقد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في موضع آخر ، وفيه زيادة " من قال : لا إله إلا الله " .
وإنما يخرج عصاة الموحدين من النار بهذين الشيئين ، فدل على بقائهما على جميع من دخل النار منهم ، وأن الغرماء إنما يقتسمون الإيمان العملي بالجوارح .
وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة وغيره : إن الصوم خاصة من أعمال الجوارح لا يقتسمه الغرماء أيضا .
وأما الحبة بكسر الحاء فهي أصول النبات والعشب ، وقد قيل : إنها تنزل مع المطر من السماء ، كذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=331كعب وغيره .
وقد ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا في كتاب " المطر " ، وذكر فيه آثارا عن الأعراب .
وحميل السيل محموله ; فإن السيل يحمل من الغثاء ونحوه ما ينبت منه العشب .
[ ص: 89 ] وشبه نبات الخارجين من النار إذا ألقوا في نهر الحيا أو الحياة بنبات هذه الحبة ; لمعنيين :
أحدهما : سرعة نباتها .
والثاني : أنها تنبت صفراء ملتوية ، ثم تستوي وتحسن . فكذلك ينبت من يخرج من النار بهذا الماء نباتا ضعيفا ، ثم يقوى ويكمل نباته ويحسن خلقه .
وقد جعل الله نبات أجساد بني آدم كنبات الأرض ، قال الله تعالى : والله أنبتكم من الأرض نباتا وحياتهم من الماء ; فنشأتهم الأولى في بطون أمهاتهم من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ونشأتهم الثانية من قبورهم من الماء الذي ينزل من تحت العرش ، فينبتون فيه كنبات البقل حتى تتكامل أجسادهم .
ونبات من يدخل النار ، ثم يخرج منها من ماء نهر الحياة أو الحيا .
وظاهر هذا أنهم يموتون بمفارقة أرواحهم لأجسادهم ، [و] يحيون بإعادتها ، ويكون ذلك قبل ذبح الموت .
[ ص: 90 ] ويشهد له ما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار في " مسنده " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة أو نصيبا قوم يخرجهم الله من النار ، فيرتاح لهم الرب عز وجل أنهم كانوا لا يشركون بالله شيئا ، فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل ، حتى إذا دخلت الأرواح في أجسادهم قالوا : ربنا ! فالذي أخرجتنا من النار ، ورجعت الأرواح إلى أجسادنا - فاصرف وجوهنا عن النار ، فيصرف وجوههم عن النار .