454 466 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14837محمد بن سنان: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16799فليح: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15956أبو النضر، عن nindex.php?page=showalam&ids=16529عبيد بن حنين، عن nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري، قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650446خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله " فبكى أبو بكر، فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ؟ إن يكن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله عز وجل، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو العبد، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال: " يا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر، لا تبك، إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر" .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قد رواه - أيضا - nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15956أبي النضر . وخرجه [ ص: 548 ] nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريقه في موضع آخر، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وفليح - أيضا.
وإنما خرج لفليح متابعة، ولم يخرج حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ; فإنه لا يخرج لعكرمة إلا متابعة - أيضا - وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إنما يرويه عنه nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
وقد روى بعضه nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في موضع آخر.
هذه الخطبة التي خطبها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم كانت آخر خطبة خطبها على المنبر، فعرض فيها باختياره لقاء الله على المقام في الدنيا، وأخبر أنه أعطي مفاتيح خزائن الدنيا، وخير بين أن يبقى فيها ما شاء الله وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه، ولكنه لم يصرح بتخييره، واختاره في نفسه وإنما قال: "إن عبدا خير" فلم يتفطن لذلك أحد غير nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، وكان أبو بكر أعلمهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وأفهمهم عنه، وهذا من الفهم في العلم الذي يخص الله به من يشاء من عباده.
وفي هذه الخطبة وصى بالأنصار ، وأمر من يلي الأمر بالإحسان إليهم، وفيه إشارة إلى أنه ليس لهم من الأمر شيء، كما ظنه من قال منهم للمهاجرين : منا أمير ومنكم أمير.
وفي هذه الخطبة أخبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم أنه فرط لهم على الحوض - يعني: [ ص: 549 ] أنه سابق لهم إلى الحوض - وهو ينتظرهم عنده، فهو الموعد بينه وبينهم، وحذر من الاغترار بزهرة الدنيا، والركون إليها ; فإنه كان قد أعطي خزائنها فاختار لقاء ربه قبل ذلك، وفتحت بعده على أمته.
وهذا كله ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وقد خرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "كتابه" هذا، فبعضه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد ، وبعضه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر ، وبعضه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبعضه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس .
وروي - أيضا - أنه صلى الله عليه وسلم وصى في تلك الخطبة بتنفيذ جيش أسامة ، وذكر فضله، ووصى به خيرا.
ونحن نذكر هذه الأحاديث هاهنا.
فأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : فقد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا، وفي غير موضع، وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - أيضا.
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - أيضا - وعنده: قال nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة : فكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر.
وتوديعه للأحياء والأموات: هو أنه صلى على الموتى واستغفر لهم وهنأهم بما هم فيه من سبقهم للفتن.
وتوديعه للأحياء: هو نصيحتهم وتحذيرهم من الاغترار بالدنيا، وإيماؤه إلى أنه منتقل عنهم إلى الآخرة، وأنه سابق لهم إلى الحوض، فهو موعدهم.
وقد كان صلى الله عليه وسلم أتى أهل البقيع بالليل فاستغفر لهم، ثم ذهب إلى شهداء أحد بالنهار فاستغفر لهم، ثم رجع فخطب هذه الخطبة، وودع الأحياء.
[ ص: 551 ] وذكر ابن سعد بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل مرة يقال له: صل على أهل البقيع ، فيفعل ذلك، وقال: " اللهم اغفر لأهل البقيع " ثم أمر أن يأتي الشهداء، فذهب إلى أحد ، فصلى على قتلى أحد، فرجع معصوب الرأس، فكان بدء الوجع الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فقد خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا.
وأما أمره صلى الله عليه وسلم بتجهيز جيش أسامة : فقد خرجه ابن سعد بإسناد فيه ضعف [ ص: 552 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة - مرسلا - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث أسامة وأمره أن يوطئ الخيل نحو البلقاء حيث قتل أبوه وجعفر ، فجعل أسامة وأصحابه يتجهزون، وقد عسكر بالجرف، فاشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ذلك، ثم وجد من نفسه راحة، فخرج عاصبا رأسه، فقال: "أيها الناس، أنفذوا بعث أسامة " - ثلاث مرات - ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم فاستعز به، فتوفي صلى الله عليه وسلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ".
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معنى قوله: " أمن "أي: أبذل لنفسه وأعطى لماله، والمن: العطاء من غير استثابة، ومنه قوله تعالى: هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك وقوله: ولا تمنن تستكثر أي: لا تعط لتأخذ أكثر مما أعطيت، ولم يرد به المنة; فإنها تفسد الصنيعة، ولا منة لأحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل له المنة على جميع الأمة.
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم - أيضا - من حديث جندب بن عبد الله : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بخمس يقول: "قد كان لي منكم أخلاء وأصدقاء، وإني أبرأ إلى كل ذي خلة من خلته، ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر خليلا ".
والظاهر أن nindex.php?page=showalam&ids=401جندبا سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك في خطبته هذه، فإن كان كذلك فلعل خطبته صلى الله عليه وسلم كانت يوم الأربعاء; فإنه توفي يوم الاثنين، واشتد وجعه يوم الخميس، كما قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فالظاهر أنه لم يخرج فيه إلى الناس، أو لعله أعاد هذا القول في بيته فسمعه جندب ، وهذا أظهر - والله أعلم - فإن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم هذه كانت في ابتداء مرضه، وكانت مدة مرضه فوق عشرة أيام. والله أعلم.
وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى سبب براءته من خلة المخلوقين، وهو أن الله اتخذه خليلا لنفسه كما اتخذ إبراهيم خليلا، ومن كان خليلا لله فلا يصلح له أن يخالل بشرا.
ومن هنا قيل: إن إبراهيم عليه السلام إنما أمر بذبح ولده إسماعيل لتفريغ قلبه من محبته وشدة تعلقه به، حيث وهب له على الكبر، فلما بادر إلى اضطجاعه وإخراجه من قلبه؛ امتثالا لأمر الله وطاعته أسقط عنه ذبحه بعد ذلك ; لأنه لم يكن المقصود إراقة دمه، بل تفريغ محل الخلة منه، حتى لا تزاحم خلة الواحد الأحد محبة الولد.
والخلة: هي المحبة المبالغة المخللة لمسالك الروح من القلب والجسد، [ ص: 554 ] كما قيل.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر يوم السقيفة : أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: " سدوا عني كل باب في المسجد إلا باب nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر " وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "كل خوخة".
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : الخوخة: بويب صغير.
قال: وفي أمره صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد غير بابه اختصاص شديد له، وأنه أفرده بأمر لا يشاركه فيه أحد، وأول ما يصرف التأويل فيه [ ص: 555 ] الخلافة، وقد أكد الدلالة عليها بأمره إياه بإمامة الصلاة التي لها بني المسجد، ولأجلها يدخل إليه من أبوابه.
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=16604وعلي ابن المديني ، وقال: هو صحيح، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ، وقال: صحيح الإسناد.
وقد روي هذا المعنى عن طائفة من الصحابة، منهم: nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين.
وقد دل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد على منع إحداث الاستطراق إلى المساجد من البيوت; فإن ذلك نفع يختص به صاحب الاستطراق، فلا يجوز في المساجد كما لا يجوز الاستطراق إلى أملاك الناس بغير إذنهم.
وهذا بخلاف وضع الخشب على جدار المسجد، فإن فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد روايتين; لأن هذا النفع يجوز عنده في ملك الجار بغير إذنه، بخلاف الاستطراق [ ص: 556 ] إلى ملك الجار، فإنه غير جائز.
واستثنى من ذلك الإمام ومن يتبعه; فإن استطراقه إلى المسجد فيه نفع يعود بمصلحة المصلين عموما، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في حياته يستطرق إلى المسجد هو وآل بيته تبعا له، ولهذا روي أنه أمر بسد الأبواب غير باب nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، كما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما من وجوه.
فلما انقضت مدته صلى الله عليه وسلم من الدنيا سد الأبواب كلها إلى المسجد غير باب nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ; لأنه الإمام بعده، واستطراقه إلى المسجد من بيته فيه نفع عام يعود على المصلين كلهم. والله سبحانه وتعالى أعلم.