أحدهما : غريزي ، وهو خلق يمنحه الله العبد ويجبله عليه ، فيكفه عن ارتكاب القبائح والرذائل ، ويحثه على فعل الجميل . وهو من أعلى مواهب الله للعبد ، فهذا من الإيمان باعتبار أنه يؤثر ما يؤثره الإيمان من فعل الجميل ، والكف عن القبيح .
وربما ارتقى صاحبه بعده إلى درجة الإيمان ، فهو وسيلة إليه ، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : من استحيا اختفى ، ومن اختفى اتقى ، ومن اتقى وقي .
وقال بعض التابعين : تركت الذنوب حياء أربعين سنة ، ثم أدركني الورع .
وقال ابن سمعون : رأيت المعاصي نذالة ، فتركتها مروءة ، فاستحالت ديانة .
والنوع الثاني : أن يكون مكتسبا ; إما من مقام الإيمان كحياء العبد من مقامه بين يدي الله يوم القيامة ، فيوجب له ذلك الاستعداد للقائه . أو من مقام الإحسان ، كحياء العبد من اطلاع الله عليه وقربه منه ، فهذا من أعلى خصال الإيمان .
وفي حديث مرسل " استحي من الله كما تستحيي من رجلين من صالحي [ ص: 95 ] عشيرتك لا يفارقانك " . وروي موصولا .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " تفسيره " عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى : ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه إنها نزلت في قوم كانوا يجامعون نساءهم ، ويتخلون فيستحيون من الله ، فنزلت الآية .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق يقول : استحيوا من الله ; فإني أذهب إلى الغائط فأظل متقنعا بثوبي حياء من ربي عز وجل .
[ ص: 96 ] وكان nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم لا يقيم صلبه حياء من الله عز وجل .
قال بعض السلف : خف الله على قدر قدرته عليك ، واستحي منه على قدر قربه منك .
وقد يتولد الحياء من الله من مطالعة النعم ، فيستحيي العبد من الله أن يستعين بنعمته على معاصيه ، فهذا كله من أعلى خصال الإيمان .