مقصود nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بهذا الباب أن الإيمان كله عمل مناقضة لقول من قال : إن الإيمان ليس فيه عمل بالكلية ; فإن الإيمان أصله تصديق بالقلب .
وقد سبق ما قرره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن تصديق القلب كسب له وعمل ، ويتبع هذا التصديق قول اللسان .
مقصود nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا أن يسمى عملا أيضا .
أما أعمال الجوارح فلا ريب في دخولها في اسم العمل ، ولا حاجة إلى تقرير ذلك ; فإنه لا يخالف فيه أحد ، فصار الإيمان كله على ما قرره عملا .
ومعلوم أن الجنة إنما يستحق دخولها بالتصديق بالقلب مع شهادة اللسان ، وبهما يخرج من يخرج من أهل النار ، فيدخل الجنة كما سبق ذكره .
وفي " المسند " عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل مرفوعا : " مفتاح الجنة لا إله إلا الله " .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن عدة من أهل العلم أنهم قالوا في قوله تعالى : فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون عن قول : لا إله إلا الله . ففسروا العمل بقول كلمة التوحيد .
وممن روي عنه هذا التفسير nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث بن أبي سليم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15543بشير بن نهيك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - موقوفا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث غير قوي ، ورفعه غير صحيح .
وقد خالف في ذلك طوائف من العلماء من أصحابنا وغيرهم كأبي عبد الله ابن بطة ، وحملوا العمل في هذه الآيات على أعمال الجوارح ، [ ص: 113 ] واستدلوا بذلك على دخول الأعمال في الإيمان .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فهو يدل على أن الإيمان بالله ورسوله عمل ; لأنه جعله أفضل الأعمال ، والإيمان بالله ورسوله الظاهر أنه إنما يراد به الشهادتان مع التصديق بهما .
لكن الإيمان بالله أخص من الإيمان المطلق ، فالظاهر أنه إنما يراد بهما الشهادتان مع التصديق بهما ، فإذا سمى الشهادتين عملا دل على أن قول اللسان عمل .
وقد كان طائفة من المرجئة يقولون : الإيمان قول وعمل - موافقة لأهل الحديث ، ثم يفسرون العمل بالقول ، ويقولون : هو عمل اللسان .
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد هذا القول عن nindex.php?page=showalam&ids=16087شبابة بن سوار ، وأنكره عليه ، وقال : هو أخبث قول ، ما سمعت أن أحدا قال به ، ولا بلغني .
يعني أنه بدعة لم يقله أحد ممن سلف .
[ ص: 114 ] لعل مراده إنكار تفسير قول أهل السنة : الإيمان قول وعمل بهذا التفسير ; فإنه بدعة وفيه عي وتكرير ; إذ العمل على هذا هو القول بعينه ، ولا يكون مراده إنكار أن القول يسمى عملا .
ولكن روي عنه ما يدل على إنكار دخول الأقوال في اسم الأعمال ; فإنه قال في رواية أبي طالب ، في رجل طلق امرأته واحدة ونوى ثلاثا : قال بعضهم : له نيته ، ويحتج بقوله : " الأعمال بالنيات " .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : ما يشبه هذا بالعمل ، إنما هذا لفظ كلام المرجئة ، يقولون : القول هو عمل لا يحكم عليه بالنية ، ولا هو من العمل .
وهذا ظاهر في إنكار تسمية القول عملا بكل حال ، وأنه لا يدخل تحت قوله : " الأعمال بالنيات " .
وكذلك ذكر أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب " السنة " .
وهذا على إطلاقه لا يصح ; فإن كنايات الطلاق كلها أقوال ويعتبر لها النية ، وكذلك ألفاظ الإيمان والنذور أقوال ويعتبر لها النية ، وألفاظ عقود البيع والنكاح وغيرهما أقوال وتؤثر فيها النية عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كما تؤثر النية [في] بطلان نكاح التحليل وعقود التحليل على الربا .
وقد نص nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد على أن من أعتق أمته ، وجعل عتقها صداقها - أنه يعتبر له النية ، فإن أراد نكاحها بذلك وعتقها انعقدا بهذا القول .
وكذلك ألفاظ الكفر المحتملة تصير بالنية كفرا .
وهذا كله يدل على أن الأقوال تدخل في الأعمال ، ويعتبر لها النية .
ومسألة الطلاق المذكورة فيها عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد روايتان أيضا .
وقد خرج nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " الطلاق " له بدخول القول [ ص: 115 ] في العمل ، وأن الأقوال تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : " الأعمال بالنيات "
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد محله من معرفة لغة العرب المحل الذي لا يجهله عالم .
وقد اختلف الناس لو حلف لا يعمل عملا أو لا يفعل فعلا ، فقال قولا - هل يحنث ؟ أم لا ؟ وكذا لو حلف " ليفعلن أو ليعملن " - هل يبر بالقول ؟ أم لا ؟
وقد حكى القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14953أبو يعلى في ذلك اختلافا بين الفقهاء ، وذكر هو في كتاب " الأيمان " له أنه لا يبر ولا يحنث بذلك .
وأخذه من رواية أبي طالب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد التي سبق ذكرها ، واستدل له بأن الأيمان يرجع فيها إلى العرف ، والقول لا يسمى عملا في العرف ; ولهذا يعطف القول على العمل كثيرا ، فيدل على تغايرهما عرفا واستعمالا .
ومن الناس من قال : القول يدخل في مسمى الفعل ، ولا يدخل في مسمى العمل ، وهو الذي ذكره ابن الخشاب النحوي وغيره .