[ ص: 620 ] في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى في فضاء من الأرض صلى إلى الحربة، فيركزها بين يديه، ثم يصلي إليها، فكان يفعل ذلك في العيدين; لأنه كان يصليهما بالمصلى، ولم يكن فيه بناء ولا سترة، وكان يفعل ذلك في أسفاره - أيضا - ; لأن المسافر لا يجد غالبا جدارا يستتر به، وأكثر ما يصلي في فضاء من الأرض.
وما ذكر في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من اتخاذ الأمراء لها، فالأمراء الذين عناهم في زمنه إنما اتخذوها تعاظما وكبرا، لم يتخذوها لأجل الصلاة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذها للصلاة.
ورخص طائفة من العلماء لمن صلى في فضاء أن يصلي إلى غير سترة، منهم: nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم وسالم يصليان في السفر إلى غير سترة. وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد نحوه، نقله عنه nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم وغيره. وهو - أيضا - مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
[ ص: 621 ] قال صاحب "تهذيب المدونة": ولا يصلي في الحضر إلا إلى سترة، ويصلي في السفر أو بموضع يأمن فيه مرور شيء بين يديه إلى غير سترة.
ويستدل لذلك بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى إلى غير جدار، كما تقدم في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ؛ لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره فسروه بصلاته إلى غير سترة بالكلية.
وقد قيل: إن فائدة السترة منع المرور بين يدي المصلي.
وقيل: كف النظر عما وراء السترة.
والأول أظهر وأشبه بظواهر النصوص، والعنزة ونحوها لا تكف النظر.
وحيث تستحب الصلاة إلى السترة، فليس ذلك على الوجوب عند الأكثرين، وهو المشهور عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
ومنهم من قال: هي واجبة، لكن لا تبطل الصلاة بتركها حتى يوجد المرور المبطل للصلاة الذي لأجله شرعت السترة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير سترة إن كان محفوظا فإنما وجهه إذا لم يجد سترة أجزأه.
فحمله على حالة تعذر وجود السترة، وفيه نظر; فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتعذر عليه تحصيل ما يستتر به، وهو بمنى أو بعرفة ، ومعه الخلق العظيم من المسلمين.
ورخصت طائفة في الصلاة إلى غير سترة مطلقا ; روى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، قال: لا بأس أن يصلي إلى غير سترة.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين قلت لعبيدة : ما يستر المصلي وما يقطع الصلاة؟ قال: يسترها التقوى ويقطعها الفجور. قال: فذكرته لشريح ، فقال: أطيب لنفسك أن تجعل بين يديك شيئا.