532 557 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13761عبد العزيز بن عبد الله : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12374إبراهيم بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12أبيه ، أنه أخبره ، nindex.php?page=hadith&LINKID=650524أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ، أوتي أهل التوراة التوراة ، فعملوا بها حتى إذا انتصف النهار عجزوا ، فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل ، فعملوا إلى صلاة العصر ، ثم عجزوا ، فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثم أوتينا القرآن ، فعملنا إلى غروب الشمس ، فأعطينا قيراطين قيراطين . فقال أهل الكتابين : أي ربنا ، أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين ، وأعطيتنا قيراطا قيراطا ، ونحن أكثر عملا ؟ قال الله : هل ظلمتكم من أجركم من شيء ؟ قالوا : لا . قال : فهو فضلي أوتيه من أشاء " .
قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم " إنما أراد به - والله أعلم - أتباع موسى وعيسى عليهما السلام ، وقد سمى الله بني إسرائيل بانفرادهم أمما ، فقال : وقطعناهم في الأرض أمما ولهذا فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بعمل أهل التوارة بها إلى انتصاف النهار ، وعمل أهل الإنجيل به إلى العصر ، وعمل المسلمين بالقرآن إلى غروب الشمس .
ويدل على ذلك - أيضا - : حديث nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الذي خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بعد هذا ، ولفظه : " مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوما يعملون له إلى الليل " - وذكر الحديث ، كما سيأتي - إن شاء الله .
وإنما قلنا : إن هذا هو المراد من الحديث ; لأن مدة هذه الأمة بالنسبة إلى مدة الدنيا من أولها إلى آخرها لا يبلغ قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس بالنسبة إلى ما مضى من النهار ، بل هو أقل من ذلك بكثير .
خرجاه في " الصحيحين " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وخرجاه - أيضا - بمعناه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=31وسهل بن سعد .
[ ص: 147 ] وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بمعناه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
[ ص: 148 ] فالحاشر : الذي يحشر الناس لبعثهم يوم القيامة على قدمه . يعني : أن بعثهم وحشرهم يكون عقيب رسالته ، فهو مبعوث بالرسالة وعقيبه يجمع الناس لحشرهم .
والعاقب : الذي جاء عقيب الأنبياء كلهم ، وليس بعده نبي ، فكان إرساله من علامات الساعة .
وفسر nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وغيره قوله : " كهاتين " - وأشار بالسبابة والوسطى ، بأن المراد : كفضل إحداهما على الأخرى - يعني : كفضل الوسطى على السبابة .
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري : أن فضل ما بين السبابة والوسطى نحو نصف سبع ، وكذلك قدر ما بين صلاة العصر في أوسط نهارها بالإضافة إلى باقي النهار نصف سبع اليوم تقريبا ، فإن كانت الدنيا سبعة آلاف سنة ، فنصف يوم خمسمائة سنة .
وقد روي في ذلك حديث ابن زمل ، مرفوعا : أن الدنيا سبعة آلاف سنة ، وأنه صلى الله عليه وسلم في آخرها ألفا .
وإن صح هذا ، فإنما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم رجا لأمته تأخير نصف يوم ، فأعطاه الله رجاءه وزاده عليه ، فإنا الآن في قريب رأس الثمانمائة من الهجرة ، وما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير من تقدير ذلك بنصف سبع يوم على التحديد لا يصلح ، وقد ذكر غيره أن المسبحة ستة أسباع الوسطى طولا ، فيكون بينهما من الفضل سبع كامل ، وذلك ألف سنة ، على تقدير أن تكون الدنيا سبعة آلاف سنة ، وأن بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخرها ألفا ، وهذا - أيضا - لا يصح ، ولا يبلغ الفضل بينهما سبعا كاملا .
وقيل : إن قدر الفضل بينهما نحو من ثمن ، كما سنذكره ، إن شاء الله .
وقد سبق في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، أنه فرق بينهما ، وقد ذكر بعضهم على تقدير صحة رواية التفريق أن فرج ما بين الأصابع الخمس ستة أمثال فرجة ما بين السبابة والوسطى ، وحجم الأصابع الخمس ضعف ما بين المسبحة والوسطى ، فيكون حجم الأصابع الخمس مع الفرج الأربع الواقعة بينهن ثمانية أجزاء فرجة ما بين السبابة والوسطى جزء منها .
ويئول المعنى إلى أن ما بينه صلى الله عليه وسلم وبين الساعة قدر ثمن الدنيا ، وهو ثمانمائة وخمس وسبعون سنة على تقدير ما تقدم ذكره .
وأخذ بقاء ما بقي من الدنيا على التحديد من هذه النصوص لا يصح ; فإن الله استأثر بعلم الساعة ، ولم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وهو من مفاتح الغيب الخمس التي لا يعلمها إلا الله ; ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) . وإنما خرج هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه التقريب للساعة من غير تحديد لوقتها .
وقد قدمنا أن المراد بهذا الحديث مدة أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع مدة أمة موسى وعيسى عليهم السلام ، فمدة هذه الأمم الثلاث كيوم تام ، ومدة ما مضى من الأمم في أول الدنيا كليلة هذا اليوم ; فإن الليل سابق للنهار ، وقد خلق قبله على أصح القولين ، وتلك الليلة السابقة كان فيها نجوم تضيء ويهتدى بها ، وهم الأنبياء المبعوثون فيها ، وقد كان - أيضا - فيهم قمر منير ، وهو إبراهيم الخليل عليه السلام ، إمام الحنفاء ووالد الأنبياء ، وكان بين آدم ونوح ألف سنة ، وبين نوح وإبراهيم ألف سنة ، وبين إبراهيم وموسى عليه السلام ألف سنة . قال ذلك غير واحد من المتقدمين ، حكاه عنهم nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي .
وذكر بعض علماء أهل الكتاب أن من آدم إلى إبراهيم ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثمان وعشرون سنة ، ومن إبراهيم إلى خروج موسى من مصر خمسمائة وسبع وستون سنة ، وذكر أن من آدم إلى مولد المسيح خمسة آلاف وخمسمائة سنة ، ومن مولد المسيح إلى هجرة محمد صلى الله عليه وسلم ستمائة وأربع عشرة سنة ، ومن آدم إلى الهجرة ستة آلاف سنة ومائة وأربع عشرة سنة ، ومن خروج بني إسرائيل إلى الهجرة ألفان ومائتان وتسع وسبعون سنة ، ولكن إنما يؤرخون بالسنة الشمسية لا القمرية .
[ ص: 151 ] وأما ابتداء رسالة موسى عليه السلام فكانت كابتداء النهار ، فإن موسى وعيسى ومحمدا صلى الله عليهم وسلم هم أصحاب الشرائع والكتب المتبعة والأمم العظيمة .
وفي التوراة : ( جاء الله من طور سيناء ، وأشرق من ساعير ، واستعلن من جبال فاران ) .
ولهذا سمي محمدا صلى الله عليه وسلم سراجا منيرا ; لأن نوره للدنيا كنور الشمس وأتم وأعظم وأنفع ، فكانت مدة عمل بني إسرائيل إلى ظهور عيسى كنصف النهار الأول ، ومدة عمل أمة عيسى كما بين الظهر والعصر ، ومدة عمل المسلمين كما بين العصر إلى غروب الشمس ، وهذا أفضل أوقات النهار .
ولهذا كانت الصلاة الوسطى هي العصر على الصحيح ; وأفضل ساعات يوم الجمعة ويوم عرفة من العصر إلى غروب الشمس ، فلهذا كان خير قرون بني آدم القرن الذي بعث فيه محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد خرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ذلك من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : كان كل من الأمم الثلاثة قد استؤجر ليعمل تمام النهار بقيراطين ، فلما عجز كل واحد من الأمتين قبلها ، وانقطع عن عمله في وسط المدة أعطى قيراطا واحدا ، وهذه الأمة أتمت مدة عملها فكمل لها أجرها .
[ ص: 152 ] فقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : لفظه مختصر ، وإنما أخبر الراوي بما آل إليه الأمر فقط .
وفيما قاله نظر ، وسيأتي الكلام عليه في الحديث الثالث - إن شاء الله .
وعجز اليهود والنصارى عن إتمام المدة هو بما حصل لهم مما لا ينفع معه عمل ، مع البقاء على ما هم عليه من النسخ والتبديل ، مع تمكنهم من إتمام العمل بالإيمان بالكتاب الذي أنزل بعد كتابهم .
وقولهم : ( نحن أكثر عملا وأقل أجرا ) .
أما كثرة عمل اليهود فظاهر ; فإنهم عملوا إلى انتصاف النهار ، وأما النصارى فإنهم عملوا من الظهر إلى العصر ، وهو نظير مدة عمل المسلمين .
فاستدل بذلك من قال : إن أول وقت العصر مصير كل شيء مثليه ، وهم أصحاب أبي حنفية ، قالوا : لأنه لو كان أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثله لكان مدة عملهم ومدة عمل المسلمين سواء .
وأجاب عن ذلك من قال : إن أول وقت العصر مصير ظل الشيء مثله من أصحابنا والشافعية وغيرهم بوجوه :
منها : أن أحاديث المواقيت مصرحة بأن أول وقت العصر مصير ظل الشيء مثله ، وهذا الحديث إنما ساقه النبي - صلى الله عليه وسلم - مساق ضرب الأمثال ، والأمثال مظنة التوسع فيها ، فكان الأخذ بأحاديث توقيت العصر المسوقة لبيان الوقت أولى .
ومنها : أن المراد بقولهم : ( أكثر عملا ) ، أن عمل مجموع الفريقين أكثر .
فإن قيل : فقد قالوا : ( وأقل أجرا ) ومجموع الفريقين لهم قيراطان كأجر هذه الأمة .
قيل : لكن القيراطان في مقابلة عمل كثير ، فإنهما عملا ثلاثة أرباع النهار بقيراطين ، وعمل المسلمون ربع النهار بقيراطين ، فلذلك كان أولئك أقل أجرا .
[ ص: 153 ] ومنها : أن وقت العصر إذا سقط من أوله مدة التأهب للصلاة بالأذان والإقامة والطهارة والستارة وصلاة أربع ركعات والمشي إلى المساجد ، صار الباقي منه إلى غروب الشمس أقل مما بين الظهر والعصر .
وحقيقة هذا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد أن أمته عملت من زمن فعل صلاة العصر المعتاد لا من أول دخول وقتها .
وقد ضعف هذا ; بأن ظاهر الحديث يرده ، ويدل على اعتبار طول المدة وقصرها ، إلا أن يقال : كنى عن كثرة العمل وقلته بطول المدة وقصرها ، وفيه بعد .
وقد روى هشام بن الكلبي ، عن أبيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : كان بين موسى وعيسى ألف سنة وتسعمائة سنة ، ولم يكن بينهما فترة ، وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم ، وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم ألف سنة وتسع وستون سنة ، بعث في أولها ثلاثة أنبياء ، وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولا أربعمائة سنة وأربع وثمانون سنة .
هذا إسناد ضعيف ، لا يعتمد عليه .
وإنما يصح ذلك على تقدير أن يكون بين عيسى ومحمد أنبياء ، والحديث الصحيح يدل على أنه ليس بينهما نبي ، ففي ( صحيح البخاري ) عن سلمان ، أن مدة الفترة كانت ستمائة سنة .
[ ص: 154 ] وقد ذكر قوم : أن من لدن خلق آدم إلى وقت هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ستة آلاف سنة ، تنقص ثمان سنين .
وقال آخرون : بينهما أربعة آلاف وستمائة واثنان وأربعون سنة وأشهر .
فروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أنها جمعة من جمع الآخرة ، سبعة آلاف سنة .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=331كعب nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب ، أنها ستة آلاف سنة .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ، قالا : مقدار الدنيا من أولها إلى آخرها خمسون ألف سنة ، ولا يعلم ما مضى منه وما بقي إلا الله عز وجل ، وأن ذلك هو اليوم الذي قال الله فيه : تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم في ( تفسيره ) .
وقد قدمنا : أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الذي خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا يدل على أن مدة الدنيا كلها كيوم وليلة ، وأن مدة الأمم الثلاث أصحاب الشرائع المتبعة قريب من نصف ذلك ، وهو قدر يوم تام ، وأن مدة اليهود منه إلى ظهور عيسى حيث كانت أعمالهم صالحة تنفعهم عند الله كما بين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر ، ومدة النصارى إلى ظهور محمد صلى الله عليه وسلم حيث كانت أعمالهم صالحة مقبولة كما بين صلاة الظهر والعصر ، ومدة المسلمين منه من صلاة العصر إلى غروب الشمس ، وذلك في الزمان المعتدل قدر ربع النهار ، وهو قدر ثمن الليل والنهار كما سبق ذكره وتقديره .
لكن مدة الماضي من الدنيا إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومدة الباقي منها إلى يوم القيامة ، لا يعلمه على الحقيقة إلا الله عز وجل ، وما يذكر في ذلك فإنما هو ظنون لا تفيد علما .
[ ص: 155 ] وكان مقصود nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بتخريج هذا الحديث في هذا الباب : أن وقت العصر يمتد إلى غروب الشمس ; لأنه جعل عمل المسلمين مستمرا من وقت العصر إلى غروب الشمس ، وإنما ضرب المثل لهم بوقت صلاة العصر ، واستمرار العمل إلى آخر النهار لاستمرار مدة وقت العصر إلى غروب الشمس ، وأن ذلك كله وقت لعملهم ، وهو صلاة العصر ، فكما أن مدة صلاتهم تستمر إلى غروب الشمس ، فكذلك مدة عملهم بالقرآن في الدنيا مستمر من حين بعث محمد صلى الله عليه وسلم حتى تقوم عليهم الساعة ويأتي أمر الله وهم على ذلك .