استدل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري على زيادة الإيمان ونقصانه بقول الله عز وجل : وزدناهم هدى وفي زيادة الهدى إيمان آخر كقوله تعالى : ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ويفسر هذا الهدى بما في القلوب من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتفاصيل ذلك .
ويفسر بزيادة ما يترتب على ذلك من الأعمال الصالحة ; إما القائمة بالقلوب كالخشية لله ومحبته ورجائه والرضا بقضائه والتوكل عليه ونحو ذلك ، أو المفعولة بالجوارح كالصلاة والصيام والصدقة والحج والجهاد والذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك . وكل ذلك داخل في مسمى الإيمان عند السلف وأهل الحديث ومن وافقهم كما سبق ذكره .
ويفسر الإيمان في هذه الآيات بمثل ما فسر به الهدى في الآيات المتقدمة .
واستدل أيضا بقول الله عز وجل : اليوم أكملت لكم دينكم فدل على أن الدين ذو أجزاء يكمل بكمالها وينقص بفوات بعضها .
وهذه الآية نزلت في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، في حجة الوداع . وقد قيل : إنه لم ينزل بعدها حلال ولا حرام كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وغيره .
وكذا قال علي بن أبي طلحة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : بعث الله نبيه بشهادة أن لا إله إلا الله ، فلما صدق بها المؤمنون زادهم الصلاة ، فلما صدقوا بها زادهم الصيام ، فلما صدقوا به زادهم الزكاة ، فلما صدقوا بها زادهم الحج ، فلما صدقوا به زادهم الجهاد . ثم أكمل الله لهم دينهم ، فقال : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يحجوا حجة الفرض إلا ذلك العام ، فلما حجوا حجة الإسلام كمل لهم الدين بتكميلهم أركان الإسلام حينئذ . ولم يكن الدين قبل ذلك ناقصا كنقص من ترك شيئا من واجبات دينه ، بل كان الدين في كل زمان كاملا بالنسبة إلى ذلك الزمان بما فيه من الشرائع والأحكام ، وإنما هو ناقص بالنسبة إلى زمان الذي بعده الذي تجدد فيه من الشرائع والأحكام ما لم يكن قبل ذلك ، كما يقال : إن شريعة الإسلام أكمل من شريعة موسى وعيسى ، وإن القرآن أكمل من التوراة والإنجيل .
وهذا كما سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء ناقصات دين ، وفسر نقصان دينهن بترك [ ص: 156 ] الصلاة والصيام في زمن حيضهن مع أنها قائمة في تلك الحال بما وجب عليها من غير الصلاة ، ولكن نقصان دينها بالنسبة إلى من هي طاهرة تصلي وتصوم .
وهذا مبني على أن الدين هو الإسلام بكماله كما تقدم ذكره ، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري عنده أن الإسلام والإيمان واحد كما تقدم ذكره .
وقد احتج nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد وغيرهم بهذه الآية على تفاضل الإيمان . قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : قد أخبر الله أنه أكمل الدين في حجة الوداع في آخر الإسلام ، وزعم هؤلاء أنه كان كاملا قبل ذلك بعشرين سنة في أول ما نزل الوحي . قال : وقد اضطر بعضهم حين أدخلت عليه هذه الحجة إلى أن قال : الإيمان ليس هو مجموع الدين ، ولكن الدين ثلاثة أجزاء ; فالإيمان جزء ، والفرائض جزء ، والنوافل جزء .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد : وهذا غير ما نطق به الكتاب ; فإن الله أخبر أن الإسلام هو الدين برمته ، وزعم هؤلاء أنه ثلث الدين . انتهى .
فالمرجئة عندهم الإيمان التصديق ، ولا يدخل فيه الأعمال . وأما الدين فأكثرهم أدخل الأعمال في مسماه ، وبعضهم خالف في ذلك أيضا ، والآية نص في رد ذلك ، والله أعلم .