صفحة جزء
1406 77 - (حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان ولكن المسكين الذي ليس له غنى ويستحيي ولا يسأل الناس إلحافا).
مطابقته للترجمة في قوله: "ولا يسأل الناس إلحافا" ورجاله أربعة، وهو من الرباعيات.

قوله: "المسكين" مشتق من السكون وهو عدم الحركة، فكأنه بمنزلة الميت، ووزنه مفعيل.

وقال ابن سيده: المسكين والمسكين، الأخيرة نادرة؛ لأنه ليس في الكلام مفعيل -يعني بفتح الميم- وفي الصحاح: المسكين الفقير، وقد يكون بمعنى المذلة والضعف، يقال: تسكن الرجل وتمسكن وهو شاذ، والمرأة مسكينة، وقوم مساكين ومسكينون، والإناث مسكينات.

والفقير مشتق من قولهم: فقرت له فقرة من مالي، والفقر والفقر ضد الغنى، وقدر ذلك أن يكون له ما يكفي عياله، وقد فقر فهو فقير والجمع فقراء والأنثى فقيرة من نسوة فقائر.

وقال القزاز: أصل الفقر في اللغة من فقار الظهر، كأن الفقير كسر فقار ظهره، فبقي له من جسمه بقية، قال القزاز: الفقر والفقر والفتح أكثر.

قوله: "الأكلة والأكلتان" بضم الهمزة فيهما. وقال ابن التين: الأكلة ضبطها بعضهم بضم الهمزة بمعنى اللقمة فإن فتحتها كانت المرة الواحدة، وفي الفصيح لأحمد بن يحيى: الأكلة اللقمة والأكلة -بالفتح- الغذاء والعشاء.

قوله: "ليس له غنى" زاد في رواية الأعرج "غنى يغنيه" قوله: "ويستحي" بالياءين وبياء واحدة، زاد في رواية الأعرج: "ولا يفطن به" وفي رواية الكشميهني: "له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس" وهو بنصب "يتصدق ويسأل".

قوله: "ولا يسأل" ويروى: "وأن لا يسأل".

وقال الكرماني: كلمة "لا" زائدة في "وأن لا يسأل".

قوله: "إلحافا" أي إلحاحا، وقد مر تفسيره عن قريب.

وقال ابن بطال: يريد ليس المسكين الكامل؛ لأنه بمسألته يأتيه الكفاف، وإنما المسكين الكامل في أسباب المسكنة من لا يجد غنى ولا يتصدق عليه، أي ليس فيه نفي المسكنة بل نفي كمالها، أي: الذي هو أحق بالصدقة وأحوج إليها.

ومن فوائد هذا الحديث: حسن الإرشاد لموضع الصدقة وأن يتحرى وضعها فيمن صفته التعفف دون الإلحاح.

وفيه حسن المسكين الذي يستحي ولا يسأل الناس.

وفيه استحباب الحياء في كل الأحوال.

التالي السابق


الخدمات العلمية