(صنفان من أهل النار) ؛ أي: نار جهنم (لم أرهما) ؛ أي: لم يوجدا في عصري لطهارة ذلك العصر بل حدثا (بعد) بالبناء على الضم؛ أي: حدثا بعد ذلك العصر (قوم) ؛ أي: أحدهما قوم (معهم) ؛ أي: في أيديهم (سياط) جمع سوط (كأذناب البقر) تسمى في ديار العرب بالمقارع، جمع مقرعة وهي جلد طرفها مشدود عرضها كالأصبع (يضربون بها الناس) ممن اتهم بنحو سرقة ليصدق في إخباره بما سرق، ويتضمن ذلك أن ذينك الصنفين سيوجدان، وكذلك كان؛ فإنه [ ص: 209 ] خلف بعد الصدر الأول قوم يلازمون السياط التي لا يجوز الضرب بها في الحدود قصدا لتعذيب الناس، وهم أعوان والي الشرطة المعروفون بالجلادين فإذا أمروا بالضرب تعدوا المشروع في الصفة والمقدار، وربما أفضى بهم الهوى وما جبلوا عليه من المظالم إلى إهلاك المضروب أو تعظيم عذابه، وقد ضاهى أعوان الوالي جماعة من الناس سيما في شأن الأرقاء وربما فعل ذلك في عصرنا بعض من ينسب إلى العلم، قال القرطبي: وبالجملة هم سخط الله عاقب الله بهم شرار خلقه غالبا نعوذ بالله من سخطه، وقيل: المراد بهم في الخبر الطوافون على أبواب الظلمة ومعهم المقارع يطردون بها الناس (ونساء) ؛ أي: وثانيهما نساء (كاسيات) في الحقيقة (عاريات) في المعنى؛ لأنهن يلبسن ثيابا رقاقا يصف البشرة، أو كاسيات من لباس الزينة عاريات من لباس التقوى، أو كاسيات من نعم الله عاريات من شكرها، أو كاسيات من الثياب عاريات من فعل الخير، أو يسترن بعض بدنهن ويكشفن بعضه إظهارا للجمال، ولا بعد كما قال القرطبي في إرادة القدر المشترك بينها؛ إذ كل منها عرف وإنما يختلفان بالإضافة (مائلات) بالهمز، من الميل؛ أي: زائغات عن الطاعة، وقول بعضهم: الرواية (ماثلات) بمثلثة؛ أي: منتصبات، خطا فيه القرطبي كابن دحية (مميلات) يعلمن غيرهن الدخول في مثل فعلهن، أو مائلات متبخترات في مشيتهن، مميلات أكتافهن وأكفالهن أو مائلات يتمشطن المشطة الميلاء مشطة البغايا، مميلات يرغبن غيرهن في تلك المشطة ويفعلنها بهن أو مائلات للرجال مميلات قلوبهم إلى الفساد بهم بما يبدين من زينتهن، وما ذكر هنا من تقديم مائلات هو ما في كثير من الروايات، لكن في nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم تقديم مميلات، قال القرطبي: كذا جاء في الروايات، وحق مائلات أن يتقدم؛ لأن ميلهن في أنفسهن متقدم الوجود على إمالتهن، وصح ذلك؛ لأن الصفات المجتمعة لا يلزم ترتبها، ألا ترى أنها تعطف بالواو وهي جامعة لا مرتبة (رءوسهن كأسنمة البخت المائلة) ؛ أي: يعظمن رءوسهن بالخمر والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة الإبل (لا يدخلن الجنة) مع الفائزين السابقين، أو مطلقا إن استحللن ذلك، وذا من معجزاته؛ فقد كان ذلك سيما في نساء علماء زماننا؛ فإنهن لم يزلن في ازدياد من تعظيم رءوسهن حتى صارت كالعمائم، وكلما فعلن ذلك تأسى بهن نساء البلد فيزدن نساء العلماء لئلا يساووهن فخرا وكبرا (ولا يجدن ريحها) ؛ أي: الجنة (وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) كناية عن خمسمائة عام؛ أي: يوجد من مسيرة خمسمائة عام، كما جاء مفسرا في رواية أخرى
(حم م) في صفة الجنة (عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) ولم يخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري