(قال سليمان بن داود لأطوفن) في رواية لأطيفن، قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض: وهما لغتان فصيحتان واللام موطئة للقسم؛ أي: والله لأدورن (الليلة) ؛ أي: في الليلة (على مائة امرأة) فكنى بالطواف عن الجماع، وفي رواية: سبعين وتسعين وغيرهما، وجمع بأن البعض سراري والبعض حرائر على أن القليل لا ينفي الكثير بل مفهوم العدد غير حجة عند الأكثر، وقوله الليلة يحتمل أن الليل في ذلك الزمان كان طويلا جدا بحيث يتأتى له فيه جماع مائة امرأة مع تهجده ونومه ويحتمل أنه تعالى خرق له العادة فيجامع ويتطهر وينام ثم هكذا ثم هكذا والليل في الطول على ما هو عليه الآن كما خرق الله العادة لأبيه داود عليهما السلام في قراءة الزبور بحيث كان يقرؤه بقدر ما تسرج له دابته، وهذا يوجد الآن في الأولياء كثيرا وفيه ما رزقه سليمان من القوة على الجماع وأنها في الرجال فضيلة وهي تدل على صحة الذكورية وكمال الإنسانية، قال القرطبي : أعطي الأنبياء صحة النبوة وقوة الفحولية مع ما كانوا عليه من الجهد والمجاهدة حتى إن نبينا مات ولم يشبع من خبز الشعير وجاء عن سليمان أنه كان يفترش المائة امرأة وكان يأكل خبز الرماد ومن هذا حاله فالعادة ضعفه عن الجماع لكن العوائد خرقت لهم ولا يلزم مما تقرر تفضيل سليمان على محمد عليهما الصلاة والسلام لكونه لم يعط إلا قوة أربعين رجلا ولم يكن له غير عشرة نسوة ما ذاك إلا لأن سليمان تمنى أن يكون له ملك لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطي الملك وأعطي هذه القوة في الجماع ليتم له الملك على خرق العادة من كل الجهات؛ لأن الملوك يتخذون من الحرائر والسراري بقدر ما أحل لهم ويستطيعونه فأعطي سليمان تلك الخصوصية ليتميز بها عنهم فكان نساؤه من جنس ملكه الذي لا ينبغي لأحد من بعده، ونبينا خير أن يكون نبيا ملكا أو نبيا عبدا، فاختار الثاني فأعطي ذلك القدر لرضاه بالفقر والعبودية فأعطي الزائد لخرق العادة (كلهن تأتي بفارس) ؛ أي: تلد ولدا ويصير فارسا (يجاهد في سبيل الله) قاله تمنيا للخير وجزم لغلبة الرجاء عليه دلالة على أنه إنما تمناه لله تعالى لا لحظ نفسه ولا تظن به أنه قطع بذلك على الله أنه يفعل به بل هو قوة ورجاء من فضله حمله عليه حبه للخير (فقال له صاحبه) قرينه وبطانته أو الملك الذي يأتيه أو وزيره من الإنس أو خاطره وفي رواية الملك (قل إن شاء الله) ذلك (فلم يقل إن شاء الله) ؛ أي: بلسانه لنسيان عرض له فعلة الترك النسيان لا الإباء عن التفويض إلى الرحمن فصرفه عن الاستثناء القدر السابق أن لا يكون ما تمنى وفيه تقديم وتأخير؛ أي: لم يقل إن شاء الله فقال صاحبه قل، ذكره عياض فدل ذلك على أن أمور الغيب لا يجوز القطع عليها في نجح ما يرجى منها إلا مع الاستثناء (فطاف عليهن) جامعهن جميعا (فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق إنسان) قيل هو الجسد الذي ألقي على كرسيه وقال بعض المتكلمين: نبه به على أن التمني وشؤم الاعتراض على التسليم والتفويض سلبه الاستثناء وأنساه إياه ليتم فيه قدره السابق (والذي) في رواية أما والذي (نفس محمد بيده) بقدرته وتدبيره (لو قال إن شاء الله لم يحنث) فلو قال إن شاء الله لحصل مراده (وكان دركا) بفتح الراء اسم من الإدراك؛ أي: لحاقا (لحاجته) يعني كان يحصل له ما يتمنى ولا يلزم من [ ص: 504 ] إخباره بذلك في حق سليمان وقوعه لكل من استثنى في أمنيته وهذه منقبة عظيمة لسليمان حيث كان همه الأعظم إعلاء كلمة الله حيث عزم أن يرسل أولاده الذين هم أكباده إلى الجهاد المؤدي إلى الموت وفيه جواز ذكر النساء وذكر الطواف عليهن بين الأصدقاء؛ لأن في الإخبار لهم بذلك تنبيها على المبادرة بمثله وجواز ذكر أفعال الدنيا إذا ترتب عليه طاعة وعدم ربط الأشياء بالعوائد، فيقول لا يكون كذا إلا من كذا، ولا يتولد كذا إلا من كذا وأن المباح ينقلب طاعة بالنية ثم إن قيل طلب العلم أفضل من الجهاد لخبر فيه فكان الأولى لسليمان أن ينوي بهم أن يكونوا علماء قلنا العلماء جعلوا لتقرير الأحكام والفرسان لنصرة الدين فطلب سليمان ما هو المثبت للأصل مع أنه لا ينافي أن يكون الفارس عالما فإن قيل أيضا فلم لم تحمل منهن إلا واحدة ولم لم يمنع الحمل من الكل ولم كان الواحد لا يكون أنثى أو يكون رجلا كاملا؟ فالجواب أنا إن قلنا إن ذلك إرادة إلهية لا مجال للعقل فيها فظاهر وإن نظرنا إلى كرامة الرسل على الله عز وجل بأن لنا من حكمة الحكيم وهو أنه لو لم يحمل منهن أحد لتشوش سليمان وخشي أن يكون قد رفعت عنه العصمة فلم تقبل نيته للخير ولو جاءت به أنثى كان ضد ما عزم عليه وذلك يدل على عدم القبول وكونه لم يكن تام الخلق من أجل ما نقص من الأسباب المبلغة لمراده وهو قوله إن شاء الله
(حم ق ن عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة )