(كل بني آدم يمسه الشيطان) أي يطعنه في جنبه، كما بينه في الرواية الآتية، (يوم ولدته أمه إلا مريم) بنت عمران ، (وابنها) عيسى ؛ لاستجابة دعاء حنة لها بقولها وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم وعلى هذا فالمس حقيقي، وقيل: أراد به الطمع في الإغواء لا حقيقة النخس، وإلا لامتلأت الدنيا صياحا. فالاستهلال تصوير وتخييل لطمع الشيطان كأنه يمسه بيده، وعليه فلا يرد ما قيل لو كان كذا لما خصا بالاستثناء، لأن الصالحين كلهم كذا ما ذاك إلا لأن المراد كما قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : هما ومن في معناهما، أما إذا أريد بالمس حقيقته وأنه من الفضائل فلا مانع من اختصاصهما حتى على المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إذ اختصاص المفضول بشيء لا يوجد في الفاضل غير عزيز كذا قرره بعض الأفاضل، وهي زلقة زلقها مما عملته أيدي nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . قال التفتازاني : طعن nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في صحة الحديث بمجرد أنه لم يوافق هواه، وإلا فأي امتناع في أن يمس الشيطان المولود حين يولد بحيث يصرخ كما يرى ويسمع فليست تلك المسة للإغواء، ليدفع بأنه لا يتصور في حق المولود حين يولد. قال: ثم أوله nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري على تقدير صحته بأن المراد بالمس الطمع في إغوائه، واستثناء مريم وابنها لعصمتهما، ولما لم يخص هذا المعنى بهما عم الاستثناء لكل من يكون على صفتهما، وهذا إما تكذيب للحديث بعد صحته، وإما قول بتعليل الاستثناء والقياس عليه. قال: وليت شعري من أين ثبت تحقق طمع الشيطان ورجائه وصدقه في أن هذا المولود محل لإغوائه ليلزمنا إخراج كل من لا سبيل له إلى إغوائه فلعله يطمع في إغواء من سوى مريم وابنها ولا يتمكن منه، إلى هنا كلام السعد. قال: وقد يشكل على ظاهر الحديث أن إعاذة أم مريم كانت بعد الوضع فلا يحل حملها على الإعاذة من المس الذي يكون حين الولادة، والجواب: أن المس ليس إلا بعد الانفصال وهو الوضع، ومعه الإعاذة، غايته أنه عبر عنه بالمضارع لقصد الاستمرار بخلاف الوضع والتسمية. اهـ.