(لو تعلمون ما أعلم) أي من عظم انتقام الله من أهل الجرائم ، وأهوال القيامة وأحوالها ما علمته ، لما ضحكتم أصلا المعبر عنه بقوله (لضحكتم قليلا) إذ القليل بمعنى العديم على ما يقتضيه السياق ، لأن "لو" حرف امتناع لامتناع ، وقيل معناه: لو تعلمون ما أعلم مما أعد في الجنة من النعيم وما حفت به من الحجب لسهل عليكم ما كلفتم به ، ثم إذا تأملتم ما وراء ذلك [ ص: 316 ] من الأمور الخطرات وانكشاف المعظمات يوم العرض على فاطر السماوات ، لاشتد خوفكم (ولبكيتم كثيرا) فالمعنى مع البكاء ، لامتناع علمكم بالذي أعلم ، وقدم الضحك لكونه من المسرة ، وفيه من أنواع البديع مقابلة الضحك بالبكاء والقلة بالكثرة ، ومطابقة كل منهما بالآخر ، قيل: الخطاب إن كان للكفار فليس لهم ما يوجب ضحكا أصلا ، أو للمؤمنين فعاقبتهم الجنة وإن دخلوا النار ، فما يوجب البكاء ؟ فالجواب أن الخطاب للمؤمن ، لكن خرج الخبر في مقام ترجيح الخوف على الرجاء