صفحة جزء
7466 - لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار (طب) عن عقبة بن عامر وعن عصمة بن مالك. (ض)
[ ص: 324 ] (لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار) وفي رواية: ما مسته النار ، أي لو صور القرآن وجعل في إهاب وألقي في النار ، ما مسته ولا أحرقته ببركته ، فكيف بالمؤمن المواظب لقراءته ولتلاوته ؟ واللام في "النار" للجنس ، والأولى جعلها للعهد ، والمراد بها نار جهنم ، أو النار التي تطلع على الأفئدة ، أو النار التي وقودها الناس والحجارة ، ذكره القاضي ، وقيل: هذا كان معجزة للقرآن في زمنه كما تكون الآيات في عصر الأنبياء ، وقيل المعنى: من علمه الله القرآن لم تحرقه نار الآخرة ، فجعل جسم حافظ القرآن كإهاب له ، وقال التوربشتي: إنما ضرب المثل بالإهاب ، وهو جلد لم يدبغ ، لأن الفساد إليه أسرع ، ولفح النار فيه أنفذ ، ليبسه وجفافه ، بخلاف المدبوغ للينه ، والمعنى: لو قدر أن يكون في إهاب ما مسته النار ببركة مجاورته للقرآن ، فكيف بمؤمن تولى حفظه والمواظبة عليه ؟ والمراد نار الله الموقدة المميزة بين الحق والباطل ، قال الطيبي: وتحريره أن التمثيل وارد على المبالغة والفرض ، كما في قوله قل لو كان البحر مدادا أي ينبغي ويحق أن القرآن لو كان في مثل هذا الشيء الحقير الذي لا يؤبه به ويلقى في النار ما مسته ، فكيف بالمؤمن الذي هو أكرم خلق الله وقد وعاه في صدره ، وتفكر في معانيه ، وعمل بما فيه ، كيف تمسه فضلا عن أن تحرقه ؟ وقال الحكيم: القرآن كلام الله ، ليس بجسم ولا عرض ، فلا يحل بمحل وإنما يحل في الصحف ، والإهاب: المداد الذي تصور به الحروف المحكي بها القرآن ، فالإهاب المكتوبة فيه إن مسته النار فإنما تمس الإهاب والمداد دون المكتوب الذي هو القرآن ، لو جاز حلول القرآن في محل ، ثم حل الإهاب لم تمس الإهاب النار ، وفائدة الخبر حفظ مواضع الشكوك من الناس عند احتراق مصحف وما كتب فيها قرآن ، فيستعظمون إحراقه ويدخلهم الشك ، ويمكن رجوع معناه إلى النار الكبرى ، لتعريفه إياها بأل ، كأن يقول: لو كان القرآن في إهاب لم تمس نار جهنم ذلك الإهاب ، يعني الإهاب الذي لا خطر له ولا قيمة إن جعل فيه القرآن - بمعنى الكتابة ، والإهاب موات لا يعرف ما فيه - لم تمسه نار جهنم إجلالا له ، فكيف تمس النار مؤمنا هو أجل قدرا عند الله من الدنيا وما فيها ؟ وقد يكون ذكر الإهاب للتمثيل ، أي أن الإهاب - وهو جلد - إذا لم تحرقه النار لحرمة القرآن ، والمؤمن إذا لم تطهره التوبة من الأرجاس ، لم تدبغه الرياضة ولا أصلحته السياسة ، فيرد على الله بأخلاق البشرية وأدناس الإنسانية

(طب عن عقبة بن عامر) الجهني (وعن عصمة بن مالك) معا ، قال الهيثمي: فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك اه. وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أشهر ولا أعلى من الطبراني ، وكأنه ذهول ، فقد خرجه الإمام أحمد عن عقبة ، ورواه عن عقبة أيضا الدارمي. قال الحافظ العراقي: وفيه ابن لهيعة ، وابن عدي والبيهقي في الشعب عن عصمة المذكور ، وابن عدي عن سهل بن سعد. قال العراقي: وسنده ضعيف ، وقال ابن القطان: فيه من كان يلقن ، وقال الصدر المناوي: فيه عند أحمد ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان ، ولا يحتج بحديثهما عن عقبة اه. لكنه يتقوى بتعدد طرقه ، فقد رواه أيضا عن حبان عن سهل بن سعد ، ورواه البغوي في شرح السنة وغيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية