(ما الدنيا في الآخرة) قال التفتازاني: أي في جنبها وبالإضافة إليها ، وهو حال عاملها بمعنى النفي ، وقد يقدر مضاف: أي يسير الدنيا واعتبارها فهو العامل (إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم) أي البحر (فأدخل أصبعه فيه ، فما خرج منه فهو الدنيا) فإذن لا يجدي وجوده لواجديه ، ولا يضر فقدانه لفاقديه ، وذلك أن المرء إذا نظر لحالاته وجدها ثلاثا: الأولى: قبل أن يوجد ، الثانية: حاله من موته إلى خلوده الدائم في الجنة أو النار ، الثالثة: ما بين هاتين الحالتين ، فإذا أمعن النظر في قدر مدة حياته ونسبه إلى تلك الحالتين ، علم أنه أقل من طرفة عين في قدر عمر الدنيا ، وفي الحديث نص على تفضيل الآخرة على الدنيا وما فيها مطلقا ، ورد على من قال إن ما فيها من العبادة أفضل مما في الآخرة من النعيم ، لأنه حظ العبد بما لا نسبة في الدنيا إليه ، لانكشاف الغطاء هناك ، ومصير معرفة الله التي هي أصل كل علم عيانا ، واعلم أن المثل إنما يضرب عن غائب بحاضر يشبهه من بعض وجوهه أو معظمها ، وما لا مشابه له منع فيه من ضرب المثل ، ومثل الدنيا بالذي يعلق بالأصبع من البحر تقريبا للعوام في احتقار الدنيا ، وإلا فالدنيا كلها في جنب الجنة ودوامها أقل ، لأن البحر يفنى بالقطرات ، والجنة لا تبيد ، ولا يفنى نعيمها بل يزيد ، للواحد من العبيد ، فكيف بجميع أهل التوحيد ؟
(ك) في الرقاق (عن المستورد) قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا الدنيا والآخرة ، فقال بعضهم: إنما الدنيا بلاغ الآخرة فيها العمل ، وقالت طائفة: الآخرة فيها الجنة ، وقالوا ما شاء الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الدنيا...... إلخ ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم: صحيح ، وأقره الذهبي.