(إذا استيقظ أحدكم من منامه) ؛ ليلا؛ أو نهارا؛ (فتوضأ) ؛ أي: أراد الوضوء؛ قال ابن أبي شريف: والفاء عاطفة؛ (فليستنثر) ؛ بأن يخرج ما على أنفه من أذى بنفسه؛ بعد الاستنشاق؛ قال القاضي: " استنثر" ؛ حرك النثرة؛ وهي طرف الأنف؛ ويجوز كونها بمعنى: " نثرت الشيء" ؛ إذا بذرته؛ والفاء للجواب؛ (ثلاث مرات) ؛ وتحصل سنة الاستنشاق بلا استنثار؛ لكن الأكمل: إنما تحصل به؛ (فإن) ؛ الفاء لبيان العلة؛ (الشيطان) ؛ الظاهر أن المراد الجنس؛ (يبيت) ؛ حقيقة؛ أو مجازا؛ على ما سيأتي - إن شاء الله (تعالى) -؛ (على خياشيمه) ؛ بخاء؛ وشين معجمة؛ جمع " خيشوم" ؛ " فيعول" ؛ وهو أقصى الأنف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ؛ الذي هو محل الحس المشترك؛ ومستقر الحياة؛ فإذا نام؛ اجتمعت فيه الأخلاط؛ وانعقد المخاط؛ وكل الحس؛ وتشوش؛ حتى ينسد مجاري النفس؛ فيتعرض له الشيطان حينئذ؛ لمحبته محل الأقذار؛ بأضغاث أحلام؛ فإذا قام من نومه وترك الخيشوم بحاله؛ استمر الكسل؛ والكلال؛ واستعصى عليه النظر الصحيح؛ وعسر عليه القيام على حقوق الصلاة؛ من نحو خضوع وخشوع؛ هذا هو المراد بالبيتوتة؛ أو أن المراد أن الشيطان يترصد للإنسان في اليقظة؛ ويوسوس له في الأحوال؛ مع سمع وبصر ونطق؛ وغيرها؛ فإذا نام [ ص: 280 ] انسدت تلك المنافذ؛ إلا منفذ النفس من الخيشوم؛ وهو باب مفتوح إلى قبة الدماغ؛ فيبيت دون ذلك الباب؛ وينفث بنفخه ونفثه في عالم الخيال؛ ليريه من الأضغاث ما يكرهه؛ فأرشد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أمته أن تمحو باستعمال الطهور؛ على وجه التعبد؛ آثار تلك النفخات والنفثات؛ عن مجاري الأنفاس؛ وقال في البحر: خص الخيشوم لأن العين باب النظر إلى خلق السماوات والأرض؛ فهو باب العبرة؛ والفم باب الذكر؛ والأذن باب سماع العلم والذكر؛ وليس في الخيشوم شيء من هذه المعاني؛ فكان محل مدخل الشيطان لبدن الإنسان؛ للوسوسة.
(تنبيه) : قال القاضي: هذه الفاءات الثلاث؛ الأولى للعطف؛ والثانية جواب الشرط؛ دخل على الأمر؛ والثالثة فاء السببية؛ دخلت الجملة لتدل على أن ما بعده علة للأمر بالاستنثار.
(ق ن؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) ؛ ورواه عنه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة .